تقييم المتخاذلين واستبعادهم
على خلفية شركات الأسمنت المعاقبة لمخالفتها أنظمة المنافسة أبقى في منطقة بعض أعضاء مجالس الإدارة والتنفيذيين في بعض الشركات المساهمة العامة من ذلك النوع الذي يسبب الخسائر للشركة ومساهميها ويتقاضى مكافآت أو مزايا لا تنقص رغم أنه لم يحقق شيئا.
في حالات كثيرة نقرأ عن إيقاع عقوبات من الجهات التنظيمية أو الرقابية على الشركات التي تقع تحت نطاقها، هي في الغالب عقوبات مالية تدفعها الشركات، وبالتالي تؤثر في ميزانيتها ولو بمقدار ضئيل هو المقدار نفسه الذي تخسره من أرباحها.
هناك أصوات تنادي بأن توقع الغرامة أو جزء منها على متخذ القرار الذي أدى إلى مخالفة النظام، سواء كان مجلس الإدارة أو القيادة التنفيذية، لأنهم من يراقبون الالتزام، ويعرفون الأنظمة التي تحكم القطاع الذي يعملون فيه، فإذا كانوا يعرفون الأنظمة ويخالفونها عمدا فقد تعمدوا الإضرار بالشركة وبالمساهمين فيستحقون العقاب، وإذا كانوا لا يعرفون الأنظمة الخاصة بالقطاع الذي يعملون فيه فهم لا يستحقون المقاعد في المجلس، ولا المناصب في الشركة، ولا يستحقون أي عوائد تتأتى من مناصبهم. خطت الجهات التشريعية والتنظيمية في السعودية خطوات كبيرة ومهمة في الحوكمة إجمالا، وحوكمة الشركات المساهمة بالذات، بل إن الحوكمة وتطويرها وترسيخها كمنهج إدارة جزء أصيل من الرؤية السعودية، ونلحظ تزايد أعداد أعضاء مجالس إدارة الشركات المستقلين، ولكن يبقى أن حتى بعض هؤلاء المستقلين ثبت عدم قدرتهم على التقدم بأداء بعض الشركات الخاسرة أو المتعثرة، وتبقى آليات ترشيحهم وفوزهم بحاجة إلى تحسين مستمر. هناك بعض الأعضاء والقيادات التنفيذية يستترون تحت غطاء تحقيق الأرباح، لكن المراقبين يعرفون أنها أرباح أقل مما يجب أو تستحقه الشركة بناء على معطيات القطاع والسوق وهوامش الربح شبه المعروفة في كثير من القطاعات، وهؤلاء أهون قليلا من غيرهم لكن تظل هناك غصة في حلوق المساهمين من حجم ما يحصلون عليه في مقابل عملهم أو منجزهم.
أحسب أن الأمور ستتحسن مع الوقت، وهناك مراجعة دائمة من الجهات المنظمة، ومن المساهمين والجمعيات العمومية للشركات، وأتوقع أن يكون هناك على الأقل قوائم تقييم تراجع أهلية بعض أعضاء المجالس وبعض القيادات التنفيذية من الناحيتين المهنية والأخلاقية، وسيتعاون أصحاب المصلحة من الحكومة والمستثمرين وحملة الأسهم في هذه التقييمات، وربما نصل إلى أعراف راسخة في السوق تستبعد الفاشلين أو المتخاذلين عن إدارة أموال الناس واستثماراتهم لأن الشركات المساهمة من أهم أوعية ادخار واستثمار الناس بجميع مستوياتهم وطموحاتهم.