رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المنصات الرسمية للتبرعات ورفع كفاءة العمل الاجتماعي

لا شك أن عمل الخير والتبرعات من الأمور التي يهتم بها كل مسلم، بل الإنسان عموما يشعر بالارتياح والسعادة عندما يساعد الآخرين الذين لديهم احتياج أو بما يخدم المجتمع، وقد حثت الشريعة الإسلامية على العطاء وجعلته سببا للخير في الدنيا والآخرة، ولذلك يتنافس أبناء المجتمع في العطاء بمختلف صوره سواء بالتبرعات العينية أو النقدية أو العطاء من خلال العمل التطوعي الذي أصبح اليوم جزءا من مسار الحياة للشباب نظرا لتطور التنظيم الخاص به في المملكة، ما حفز الشباب على المشاركة والإسهام بأوقاتهم ومهاراتهم في الأعمال الاجتماعية.
في الفترة الماضية حصل تطور كبير فيما يتعلق بالعمل الاجتماعي والخيري من خلال التنظيم والتشريعات والأنظمة الرقابية للحد من الممارسات غير المشروعة شرعا ونظاما فيما يتعلق بالتبرعات وجمعها وتوزيعها وإدارتها، ومن الناحية الأخرى توفير مختلف الوسائل لجمع التبرعات وإيصالها لمستحقيها، بل والتنوع فيما يتعلق بهذه التبرعات سواء من خلال التبرع بغرض الوقف أو التبرع لإيصالها إلى المحتاج بحسب الحاجة الخاصة بهم سواء كانت الحاجة إلى الطعام والمواد التموينية أو الأثاث أو السكن وتوجد مبادرات متنوعة في هذا الشأن ومنها ما يتعلق باكتتاب جود الإسكان التي تهدف إلى إسعاد 3500 أسرة، وجمع مبلغ يصل إلى مليار ريال، ووصلت التبرعات إلى أكثر من نصف المبلغ المستهدف من خلال تبرع سخي من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ومجموعة من رجال الأعمال الأوفياء لوطنهم ومجتمعهم.
وهذا بلا شك شاهد على حجم التطور في العمل الخيري والاجتماعي، كما أن منصة إحسان ومنذ إطلاقها بلغ حجم التبرعات لها أكثر من ثلاثة مليارات ريال وما زالت هذه المنصة تشهد زخما كبيرا لما تتمتع به من سهولة الوصول والاستخدام والتنوع في فرص التبرع.
ولعل واحدة من أهم المنجزات الكبيرة للمملكة التي تقدم عطاء لا يتوقف -بحمد الله- هو مشروع مركز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للأعمال الإنسانية الذي بلغ أثره مختلف دول العالم شرقا وغربا وأدخل السعادة إلى مختلف الأسر والمحتاجين سواء الاحتياجات الغذائية أو العلاج أو المشاريع التنموية.
تتميز التجربة الحالية للأعمال الخيرية والاجتماعية في المملكة بأمور متعددة ما عزز من كفاءة عمل المؤسسات الاجتماعية، حيث اعتمدت على المنصات التقنية في جمع التبرعات وأن تكون هناك متابعة جيدة للتأكد من سلامة مسار التبرعات ووصولها إلى الفئة المستهدفة بالتبرع بدلا من العشوائية وعدم وجود شفافية وحوكمة للعمل بما يؤثر في الاستفادة المثلى للتبرع المقدم، ولا شك أن سهولة الوصول سيحد أيضا من التبرع لغير المستحقين، خصوصا مع انتشار ظاهرة التسول وجهل البعض بطرق إيصال التبرع إلى المستحق له، كما توجد ممارسات متعددة تهدف إلى الحصول على الأموال بطرق غير مشروعة بما في ذلك وسائل الاحتيال للحصول على التبرعات، خاصة أن طبيعة هذا العمل لا تجعل لدى المتبرع القدرة على التأكد من وصول التبرع إلى المستحق في ظل عدم وجود الرقابة من الجهات الرسمية.
من إيجابيات العمل الحالي هو وجود المنصات والتطبيقات المختصة التي مكنت كثيرا من المؤسسات من عرض احتياجاتها بصورة مفصلة وسهلت عليها الحصول على المتبرعين من مختلف مناطق المملكة وفق معايير محددة للاحتياج ولذلك تجد أن المواطن في أي منطقة يمكنه التبرع لأي جهة داخل المملكة وإن كانت بعيدة عنه، ما سهل على كثير من المؤسسات المجهود الكبير في الوصول إلى المتبرعين وعرض مشاريعهم عليهم.
من المهم في هذه المرحلة أن يكون هناك تنسيق عال بين المؤسسات الاجتماعية والخيرية لتعزيز كفاءة العمل حيث يكون هناك تنسيق بين تلك المؤسسات للحد من وجود مجهود مضاعف وتكلفة زائدة مع ضعف فيما يتعلق بتبادل الخبرات والتجارب. والتنسيق بين المؤسسات الاجتماعية والخيرية يعزز كفاءة تلك المؤسسات ويخفض من التكاليف التشغيلية عليها في ظل القدرة على التنسيق فيما بينها وتعزيز العمل المشترك، فوجود مؤسسات متعددة تؤدي المهام نفسها دون النظر في التشارك فيما بينها في بعض الإدارات بما يؤدي إلى تخفيض التكاليف بشكل ملحوظ والتركيز من قبل تلك المؤسسات على الوصول إلى المحتاجين وتقديم الدعم لهم، كما أن التشارك في بعض المهام والأقسام والإدارات يمكن أن يعزز قدرة تلك المؤسسات على استقطاب الكفاءات المتميزة ويعزز قدرتها على التواصل مع المؤسسات الحكومية والداعمين من رجال الأعمال وعموم أفراد المجتمع، إضافة إلى حوكمة العمل والشفافية بصورة أكبر، وإعداد التقارير الدورية بشكل أفضل واحترافية أعلى.
الخلاصة: إن العمل الخيري والاجتماعي تطور بصورة كبيرة في المجتمع من خلال المنصات والتطبيقات التقنية ومن خلال التشريعات والأنظمة والعمل على حوكمة هذا العمل الذي يعد ركيزة للمجتمع، والمتابع لمركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية ومنصتي إحسان وجود الإسكان يجد تطورا مذهلا في العمل الخيري والاجتماعي، ومن المهم في هذه المرحلة تعزيز التواصل بين المؤسسات الخيرية والاجتماعية لتعزيز كفاءة العمل في تلك المؤسسات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي