كيف يمكن لرواد الأعمال الأوروبيين اللحاق بالركب؟
في هذا العام، سمعت عديدا من الأمريكيين الزائرين يوبخون أوروبا، لافتقارها إلى الابتكار ونجاح ريادة الأعمال، مع بعض المبررات.
فمنذ بداية القرن، تراجع نصيب أوروبا في قائمة الـ100 شركة الأعلى قيمة في العالم من 38 شركة إلى 18 شركة، في حين ارتفعت حصة الولايات المتحدة من 54 إلى 61، مدعومة بشركات الساحل الغربي التكنولوجية العملاقة. جزء من السبب هو أن "الابتكار دون قيود" على النمط الأمريكي أكثر قدرة على التكيف مع التغيير التكنولوجي الثوري من "السيطرة الثقيلة على البرمجيات المسموح باستخدامها من قبل عامة الناس" في أوروبا، كما يقول أندرو مكافي، العالم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
للدفاع عن سيادتها التكنولوجية، يجب على أوروبا "أن تصبح جادة" بشأن بناء شركات تكنولوجيا ذات صلة عالميا وتقبل النتائج "غير المتكافئة جذريا" التي تنتج عن ذلك، كما يقول أليكس كارب، المؤسس المشارك لشركة بالانتير الأمريكية المختصة بالبيانات. واصفا نفسه بأنه "تقدمي أوروبي كلاسيكي" يريد للفقراء الحصول على "رعاية صحية وأسنان"، يجادل كارب بأن التجربة الأوروبية بأكملها ستكون موضع تساؤل "إذا كان كل شخص لديه دخل عالي القيمة يعيش في أمريكا".
مع قبول الحاجة الملحة إلى رفع مستوى لعبتهم التكنولوجية، يجيب الأوروبيون بطريقتين. أولا، يقولون إن النموذج الاجتماعي في أوروبا لم يتم تحسينه لتحقيق أقصى قدر من الناتج المحلي الإجمالي بما يحقق مفهوم يوديمونيا، المفهوم اليوناني القديم للسعادة. في هذا الصدد، تفوق عديد من الدول الأوروبية على الولايات المتحدة. تظهر أوروبا بقوة في أحدث تقرير عالمي عن السعادة الذي يقيس مدى رضا الناس عن حياتهم. ثماني دول أوروبية، بقيادة فنلندا والدنمارك وآيسلندا، هي من بين الدول العشر الأكثر سعادة في العالم "إسرائيل ونيوزيلندا الدولتان الأخريان". وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الـ15.
وهذا يجعل بعض الانتقادات الأمريكية لأوروبا تبدو كأنها السؤال الذي طرحته والدة الروائية جانيت وينترسون بالتبني "لماذا تكونين سعيدة بينما يمكنك أن تكوني طبيعية؟". فإذا أدت "الحياة الطبيعية" الاقتصادية إلى تعاسة مجتمعية، فربما يكون من الأفضل أن تظل سعيدا في النهاية.
الرد الثاني الأكثر تحديا، هو أن أوروبا أصبحت أخيرا "جادة" بشأن التكنولوجيا، وإن كان ذلك بطريقتها المرقعة والمتنوعة ثقافيا. فعلى مدار العقد الماضي، انتشرت الشركات الناشئة التي تسخر التكنولوجيا عبر أوروبا، مستفيدة من بعض عقلية ومنهجية مستوردة من وادي السيليكون. وحتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، اجتذبت الشركات الناشئة الأوروبية في المراحل المبكرة 31 في المائة من إجمالي الاستثمار العالمي في هذا القطاع، مقارنة بـ33 في المائة في الولايات المتحدة، وفقا لتقرير أتوميكو عن حالة التكنولوجيا الأوروبية. انطلاقا من هذا الاتجاه السائد، أنشأت شركات رأس المال المغامر الأمريكية الأسطورية، بما فيها سيكويا كابيتال وبيسيمر فنتشر بارتنرز، فروعا في أوروبا.
تقول روكسان فارزا، مديرة محطة F في حي التكنولوجيا في باريس، التي عملت مع خمسة آلاف شركة ناشئة منذ افتتاحها في عام 2017 "لقد أصبحت أوروبا حقا نقطة ساخنة في مجال التكنولوجيا". رواد الأعمال الأوروبيون الأكثر طموحا كانوا يتجهون تلقائيا إلى وادي السيليكون، لكن كثيرين يقيمون الآن في منازلهم ويوظفون أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، كما أخبرتني فارزا.
وعلى الرغم من التراجع العالمي لسوق التكنولوجيا الذي يضرب الصناعة، يسارع رواد الأعمال المتفائلون في أوروبا إلى تعداد مزايا المنطقة: بعض الجامعات التقنية العظيمة، وعديد من مهندسي البرمجيات ذوي المهارات العالية وغير المكلفة نسبيا، وكثير من الطموح لمعالجة أكبر مشكلات العالم، كالتغير المناخي. لكنهم يتسمون بالسرعة نفسها في تحديد القيود المتبقية على النمو: سوق واحدة غير مكتملة، ما يجعل التوسع العالمي صعبا، واللوائح التنظيمية التقييدية بشكل مفرط، وفجوة تمويل في المراحل اللاحقة.
أحد البلدان الأوروبية الذي يظهر كيفية الجمع بين السعادة المجتمعية وديناميكية ريادة الأعمال هو السويد، الدولة التي تتمتع بواحد من أعلى معدلات الحراك الاجتماعي في العالم وأنشأت عددا أكبر من شركات اليونيكورن "الشركات الناشئة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار" نسبة إلى عدد سكانها مقارنة بأي دولة أخرى تقريبا.
فكرة أن الولايات المتحدة هي أرض الفرص تظل صحيحة فقط، إلى أن ترغب في الالتحاق بالمدرسة أو دفع فاتورة الرعاية الصحية الخاصة بك، وفقا لسيباستيان سيمياتكوفسكي، المؤسس المشارك لشركة التكنولوجيا المالية السويدية العملاقة، كلارنا، وهو ابن مهاجرين بولنديين. بفضل التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية، تعد السويد "مجتمعا رائعا" حيث يتم تقدير الجميع على قدم المساواة. أخبرني سيمياتكوفسكي في حدث لمنصة سيفتد الإعلامية في ستوكهولم في وقت سابق من هذا الشهر "إنها الدولة، حيث إذا كنت تريد أن تنجح، فالأمر متروك لك".
على الأقل في بعض أنحاء أوروبا، يحالف النجاح رواد الأعمال بسبب نموذجها الاجتماعي، وليس رغما عنه. وينبغي لبقية أوروبا، وبعض النقاد الأمريكيين، أن ينتبهوا إلى ذلك.