هوس التجميل .. طريق لا نهاية له

هوس التجميل .. طريق لا نهاية له

رسمت معايير الجمال في الإنترنت توجها نحو الذوق القوطي، حيث تستبدل الوجوه الممتلئة بالجمال الهزيل والأجوف. وجد أولئك غير الراضين بالبنية العظمية الأساسية حلا، من خلال إجراء تجميلي شنيع يدعى إزالة الوسادة الدهنية الشدقية.
السؤال هو ماذا سيفعلون عندما تصبح الوجوه المنحوتة أقل شعبية، لأن ذلك سيحدث حتما. عندما تعود موضة الخدود الممتلئة، ماذا سيحدث حينها؟
لأعوام، ساد نوع معين من الجمال المتجانس المحسن بالتجميل بين النساء في العالم الغربي. تشكل الشفاه الكبيرة، والأنف المحدد، وعظام الخد المرتفعة، والعيون الواسعة المسحوبة إلى أعلى مظهرا، سمته الكاتبة جيا تولينتينو "وجه إنستجرام"، في إشارة إلى انتشار منصة التواصل الاجتماعي وأدوات التعديل على الصور. مثل إنستجرام، إن هذا الوجه يفقد رواجه الآن.
معايير الجمال بعيدة المنال، إذا حققت أحدها فستفقد الآخر. أفسحت حواجب التسعينيات النحيفة المجال للحواجب الناعمة مرفوعة الشعيرات. وتستبدل الأشكال الرياضية بالممتلئة. لكن يصبح الأمر أكثر صعوبة عندما تضاف العلاجات التجميلية إلى هذه التركيبة، التي تعد بمساعدة العملاء على الاقتراب من الشكل المثالي، إذا كان لديهم المال والوقت وتحمل الألم. اتباع الموضات باستبدال بناطيل الجينز الضيقة بالمستقيمة أو الشعر الطويل بالقصات القصيرة سهل بما فيه الكفاية، أما الرجوع عن التغييرات التي أجريتها على شكل وجهك فليس كذلك.
هذه مشكلة تواجه المؤثرين الذين يجنون المال بنشر صورهم. كونت كايلي جينر، نجمة برنامج تلفزيون الواقع وإحدى أشهر الأمثلة على "وجه إنستجرام"، ثروة باستخدام صورها لبيع منتجاتها التجميلية عبر الإنترنت. لكن في وقت سابق من هذا الشهر، ظهرت ليلا بريلسون، الخبيرة الاستراتيجية الرقمية، في نشرة جاربيج داي الإخبارية وسلطت الضوء على بحث قال فيه مستخدمو الإنترنت الشباب "إنهم لا يميلون إلى شكل جينر، لأن وجهها كوجوه جيل الألفية أكثر من اللازم".
تجد بريلسون أن إجراءات التجميل المستخدمة للحفاظ على الوجه المثالي لأخذ صورة على إنستجرام دون استعداد ستفقد شعبيتها لا محالة. "معايير الجمال لنساء الألفية -ذلك المظهر المنسق الذي لا يمكن الحصول عليه- أعتقد أن الجيل الذي يلينا يرون كيف يبدو ذلك مع تقدم العمر ويختارون طريقا مختلفا".
تضخم وسائل التواصل الاجتماعي أثر المثاليات المرهقة. إلى جانب "وجه إنستجرام" توجد "طفرة زوم" في التدخلات التجميلية للأشخاص غير الراضين عن مظهرهم في اجتماعات الفيديو. يصف اضطراب التشوه الجسمي بسبب تطبيق سناب شات المستخدمين الذين يأملون أن يبدوا كأشكالهم على الإنترنت.
إنني ألوم "الفلاتر". في 2015، اشترت شركة التواصل الاجتماعي سناب شات شركة لوكسيري في سان فرانسيسكو، واستخدمت تكنولوجيا الشركة في تتبع الوجوه لرسم صور واقع معزز على صور المستخدمين. منذ ذلك الحين، أصبحت فلاتر صور التواصل الاجتماعي مبالغا فيها. فلتر أذني الكلب وقوس المطر كانا من أوائل الفلاتر. أما الآن فهي مصممة لتبدو واقعية للغاية وتظهر للمستخدمين كيف سيبدون بملامح معززة جماليا. لم تعد تحتاج إلى تطبيق فيس تون أو أي أدوات تعديل رقمية أخرى. يمكن للفلاتر أن تعطيك فكا أكثر حدة وخط منابت شعر أفضل وبشرة أصفى خلال لحظة.
قد يجعل انتشار العيادات التي تقدم علاجات غير جراحية هذه الصور الرقمية حقيقة. الحقن المليئة بالجوفيديرم والبوتوكس تجمد الملامح وتملؤها وتحركها وتمحو التجاعيد. يمكنك تغيير شكل وجهك بالكامل من خلال الحقن.
من الصعب المبالغة في وصف كيف أصبح هذا الأمر طبيعيا. المجلات التي كانت تقوم بمراجعات لكريمات الوجه في السابق، تطلعك الآن على موعدك الأول لملء الشفاه. يشجع العملاء الشباب على تجميد وجوههم الآن لمنع التجاعيد من الظهور لاحقا. تغرس في عقولهم عادة مكلفة وليس لها نهاية. تفيد الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل بأنه في 2020، استخدمت ما يقارب 12 ألف حقنة بوتوكس تجميلية على المراهقين.
إذا تبعوا الموضة، فسترتفع تلك الأرقام. تظهر مراجعة سنوية من الجمعية البريطانية لجراحي التجميل أن الإجراءات التجميلية تضاعفت في 2022 مقارنة بالعام الذي يسبقه. جزء من ذلك هو طلب مكبوت بسبب كوفيد. لكن الإجراءات ارتفعت لمستويات ما قبل الجائحة. تستشهد الجمعية بمواقع التواصل الاجتماعي. "المعرفة بالجراحات التجميلية تتشكل من الحديث بين الناس عادة، لكن ذلك ارتفع الآن بشكل مضاعف عن طريق كلام الناس الرقمي عبر إنستجرام"، كما قال راجيف جروفر الرئيس السابق، الذي جمع عملية المراجعة.
الإجراءات غير الجراحية أكثر شيوعا. سجل الاستطلاع العالمي للجمعية الدولية لجراحة التجميل إجراء نحو 17.5 مليون منها في جميع أنحاء العالم في 2021، ما يزيد بمقدار الثلث عن العمليات الجراحية.
حتى هذا لا يقترب من الرقم الحقيقي. لا توجد أرقام موثوقة لما يسمى بالإجراءات غير الجراحية التي تجرى في الأماكن الرئيسة، وأحيانا بواسطة ممارسين لديهم حد أدنى من التدريب. في سان فرانسيسكو، أمشي كل يوم أمام متجر صغير يفتح على الشارع مباشرة ويقدم حقنا فورية للمارة.
لا شيء يدوم. إذا جمدت مجموعة من التجاعيد، فستظهر أخرى. يمكن أن يتحرك "الفيلر". يمكن أن تتحرك حقن الشفاه فوق الفم، ظاهرة مؤسفة تعرف باسم شارب "الفيلر". سيرفع صانعو الموضة أنوفهم المتطابقة ويمضون قدما. لا تتوقع منهم أن يتبنوا مظهرا طبيعيا فقط. قد تقترب نهاية وجه جيل الألفية، لكن معايير الجمال المتطرفة باقية.

الأكثر قراءة