الحسد في العمل الذي لا يجرؤ أحد على النطق به
خلال أسبوع واحد فقط منذ وقت ليس ببعيد، اكتشفت أمور مثيرة حول ثلاثة أشخاص أعرفهم في العمل.
كان الأول صحافيا في "فاينانشيال تايمز" يمثل في دراما تعرض على "بي بي سي". وآخر، وهو أيضا صحافي في "فاينانشيال تايمز"، كان يمثل شخصية في مسرحية يتم عرضها في مسرح شهير في لندن.
أما الثالث فكان أكاديميا يعمل في مشروع كنت مشاركة فيه، الذي لم تكن لديه شهادة واحدة، ولا شهادتان أو ثلاث، بل أربع شهادات، وكان حرفيا عالما في الصواريخ.
أعتقد أن متوسط عمر الثلاثة يبلغ 35 عاما. في نهاية هذه الدفعة المركزة من اكتشاف إنجازاتهم الشبابية، شعرت بألم مزعج.
كان ذلك الألم، أشعر بالحرج لقول ذلك، هو الحسد. أو بالأحرى، نوع من الحسد. النوع الذي يأتي مع إدراك أنه لا جدوى من أن تكون حسودا.
لم يكن لدى أي من الثلاثة شيء كنت أرغب فيه بشدة. ما أزعجني هو معرفة أنه، حتى إن سيطرت علي الرغبة المريرة بإنجازاتهم، فالوقت ينفد مني أمام مقدرتي على فعل أي شيء حيال ذلك.
لقد كتب كثير عن الحسد في مكان العمل، كيف يسمم العمل الجماعي، ويزداد سوءا في أوقات الأزمات الاقتصادية، والأهم من ذلك، أن له تكاليف تنظيمية عالية.
في إحدى الدراسات، وجد باحثون في الولايات المتحدة أن المديرين كانوا على استعداد لإنفاق 42 في المائة أكثر على استراتيجية عمل، إذا قيل لهم إنها تأتي من جهات خارجية بدلا من أشخاص في شركتهم الخاصة.
هذا غير منطقي من الناحية المالية. لماذا نضيع المال والوقت على النصائح الخارجية حين يمكننا الحصول على الشيء نفسه بشكل أسرع مجانا من الزملاء؟
لكنه منطقي للغاية من الناحية الإنسانية. الاعتراف بأن شخصا ما في العمل لديه فكرة جيدة قد يجعله أكثر أهمية من، حسنا، منك.
لكن ماذا لو لم يكن العدو هو منافسا في العمل، بل مرور الوقت ببساطة؟ هل نحتاج إلى الاهتمام بحسد منتصف العمر لأولئك الأقرب إلى نهاية حياتهم المهنية بدلا من بدايتها؟
حتى إن طرح هذا السؤال ببساطة يمكن أن يزعج الشباب الذين يعانون ديونا جامعية، وإسكانا لا يمكن تحمل تكلفته إلى حد جنوني، وغيرها من المشكلات التي تجنبها كثير من زملائهم الأكبر سنا، الذين تقاعدوا بسخاء.
إن الشباب محقون في غضبهم، لأسباب ليس أقلها أنه من المقدر عليهم أن يتعاملوا مع رفع سن التقاعد، وغيره من الحيل لإدارة أصعب اتجاه ديموغرافي عالمي، شيخوخة السكان.
لكن هذا الاتجاه نفسه هو سبب حاجة العمال الأكبر سنا إلى الاهتمام.
عبر العالم، يعيش الناس لفترة أطول، وينجبون عددا أقل من الأطفال، ما يؤدي إلى رفع نسبة كبار السن من السكان.
في 1950، كان عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما يزيد على عدد الأشخاص الذين يبلغون 65 عاما أو أكبر بنحو سبعة أضعاف. لكن بحلول 2050، ستكون هذه المجموعات بالحجم نفسه تقريبا.
هذه التحولات تمهد الطريق لمجموعة هائلة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والصحية في العقود المقبلة.
هذا هو العالم الذي يواجه العمال الشباب اليوم، لذا فمن المنطقي أن تكون لديك سياسات للتعامل معه، مثل إبقاء كبار السن في مكاتبهم. أعلنت حكومة المملكة المتحدة الأسبوع الماضي إجراءات سخية للمعاشات التقاعدية بقيمة مليار جنيه استرليني سنويا، التي تهدف إلى ذلك بالضبط.
لكن مثل هذه الإجراءات لن تكون كافية للعمال في مكان يجعلهم يشعرون بأنهم مكلفون، وجاهلين من الناحية التكنولوجية، وغير مقدرين، وغير طموحين، ويخضعون للتمييز على أساس السن.
تصيب هذه المشكلات كثيرا من المنظمات، لكن ليس جميعها. فيما يلي بعض الأمثلة لما يقوم به بعض أصحاب العمل لتحسين الأمور:
أولا، جعل ساعات العمل مرنة. يساعد هذا جميع الفئات العمرية، لكنه مرحب به بشكل خاص للذين يوازنون بين مسؤوليات العمل والرعاية التي يتحملها في المملكة المتحدة 42 في المائة من العمال في الخمسينات والستينات من العمر.
ثانيا، التأكد من أن برامج التدريب وأحاديث التطوير الوظيفي مفتوحة للجميع.
ثالثا، التحقق من أن إعلانات الوظائف الداخلية تتجنب الكلمات مثل "نشيط" أو "خريجين".
رابعا، إضافة الشمولية العمرية إلى بيانات التنوع.
خامسا، وضع برنامج للموظفين "للرجوع عن التقاعد" والعودة، مثلا، للمساعدة في المشاريع غير المتكررة أو توجيه الموظفين الأصغر سنا.
سادسا، السماح للناس بالعمل لساعات أقصر مقابل أجر أقل، ولا سيما مع اقترابهم من سن التقاعد.
لا يحدث أي من هذا تلقائيا. ويتطلب كثيرا من الإدارة الماهرة. لكن في النهاية، من الممكن جعل العمل أكثر جاذبية لكبار السن، دون إثارة غضب العمال الشباب الذين سيجلسون، قريبا، في مقاعدهم.