«إي واي» و«كيه بي إم جي» وتداعيات فضيحتي المحاسبة
عندما تولى ستيفان كريستين منصب رئيس شركة العقارات الألمانية المنكوبة "أدلير" في شباط (فبراير) 2022 في خضم فضيحة محاسبية، تحدث بصراحة. قال كريستين، كبير المسؤولين الماليين سابقا في شركة فونوفيا، ساخرا "فيل الغرفة هو وايركارد".
ليس فقط المساهمين من أصبحوا أكثر حذرا في أعقاب إحدى أكبر فضائح المحاسبة في أوروبا، مدققو الحسابات أصبحوا كذلك أيضا. باتت هذه مشكلة لـ"أدلير"، حيث تكافح انخفاض معنويات المستثمرين في ظل هجوم بائع على المكشوف في تشرين الأول (أكتوبر) 2021. لم تنجح "أدلير"، التي تخلت عنها شركة التدقيق الخاصة بها كيه بي إم جي العام الماضي بعدما أصدرت الشركة التي تعد إحدى شركات المحاسبة الأربع الكبرى قرار امتناعها عن إبداء رأي فيما يخص نتائج 2021، في بحثها عن بديل. أسهم عدم اليقين في انخفاض أسعار أسهم الشركة 92 في المائة على مدى العام الماضي.
أصبحت تجربة "إي واي"، شركة تدقيق الحسابات منذ فترة طويلة لـ"وايركارد"، قصة تحذيرية لكامل الصناعة. لما يقارب عقدا من الزمان، أصدرت "إي واي" آراء تدقيق غير متحفظة لـ"وايركارد"، وفشلت في معرفة أن نصف العائدات ومئات الملايين من نقد الشركة كانت مزيفة.
على إثر تعسر "وايركارد" المالي، تواجه شركة التدقيق الكبيرة وابلا من الدعاوى القضائية، وستفرض "أباس"، جهة تنظيم التدقيق في ألمانيا، عقوبات قريبا. بعد الفضيحة، كثفت ألمانيا مسؤولية مدققي الحسابات بشأن عمليات التدقيق التي تحتوي على أخطاء وجددت إشرافها على المحاسبة. ألغيت هيئة خاصة كانت مسؤولة عن فحص حسابات الشركات الفردية وعززت سلطة هيئة الرقابة المالية الاتحادية. أيضا عززت سلطة ثانية تشرف على شركات التدقيق.
اتهم ثورستين بوتزش، رئيس تنظيم المحاسبة في هيئة الرقابة المالية الاتحادية، العام الماضي المدققين بأنهم "قريبون جدا" من العملاء، ودعا إلى مزيد من "التشكيك المهني". أصدرت وحدته انتقادين علنيين لتقرير "أدلير" المالي لعام 2019.
كل هذا ترك آثاره. أصبح المدققون أكثر انتقائية، حيث يفحصون العملاء المحتملين أكثر بكثير مما كانوا يفعلون في الماضي ويرفضون بعض الذين يعدون عملاء "عالي المخاطر". إذا كان لدى الشركة حوكمة ضعيفة وسجل ضعيف وإدارة كثيرة المشكلات، فإنها تخاطر بأن تستبعد، خاصة إذا تجادلت مع مدقق حساباتها علنا.
في حالة "أدلير"، بدأت علاقتها بمدققة حساباتها "كيه بي إم جي" في التدهور أثناء تدقيق خاص مكلف من الشركة، بعد أن اتهم بائع على المكشوف المجموعة بالاحتيال ومعاملات مع أطراف ذات صلة. رفضت "أدلير" تسليم أكثر من 800 ألف رسالة بريد إلكتروني إلى الفريق الجنائي التابع لـ"كيه بي إم جي"، مشيرة إلى "أسباب قانونية". جادلت المجموعة العقارية بأن الوثائق تضمنت مناقشات مع مستشارها القانوني العام ومحامين خارجيين، لذا كانت سرية قانونيا، حالة يتم التغاضي عنها في حالة تسليم المستندات إلى شركة من شركات المحاسبة الكبرى.
بالتالي رفضت "كيه بي إم جي"، التي وجدت في تدقيقها الجنائي أن "أدلير" تعاني أوجه قصور واسعة في الحوكمة والامتثال، التوقيع على نتائج الشركة لعام 2021. في أيار (مايو) من العام الماضي، تخلت عن العميل.
بعد عرض غير ناجح لاستبدال "كيه بي إم جي"، اتجهت "أدلير" إلى محكمة في برلين التي أعادت "كيه بي إم جي". لكن شركة المحاسبة الكبيرة رفضت قبول التكليف أيضا. بعد ثلاثة أشهر من نهاية 2022، لا تزال الشركة تبحث عن حل، لأنه شرط لمصدري كل من الأسهم والسندات في ألمانيا أن تكون نتائجهم مدققة.
يقول مارك ليبشر، محام مقيم في برلين وعضو مجلس إدارة مجموعة الضغط الألمانية إس دي كيه للمساهمين الأفراد، "إن المدققين أصبحوا أكثر قوة وحزما ولا يرحمون. ميزان القوى بين المدققين وعملائهم يتغير بشكل أساسي".
كما تسلط قضية "أدلير" الضوء على فجوة تنظيمية لا توجد في ألمانيا فقط. يقوم المدققون بمهمة شبه رسمية تعد بمنزلة ضبط أساس للاقتصاد الرأسمالي وإيجاد توزان فيه. لكن ماذا يحدث إذا لم تجد الشركة مدققا؟
يمكن ببساطة ترك الشركات التي ليس لديها مدقق تفشل، لكن كثيرا منها يؤدي أدوارا مهمة. يتمثل أحد الحلول في جعل تعيين المحكمة مدقق حسابات ملزما قانونا. مع ذلك، لا يمكن للمحكمة أن تفرض الثقة المتبادلة المطلوبة ليقوم المدقق بعمله بشكل صحيح. يقول المحامون "إنه بموجب القانون الألماني من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن تتخلى شركة محاسبة عن العميل في منتصف الطريق أثناء عملية تدقيق. يجب التفكير أكثر بشأن هذه المسألة".
لكن هناك شيء واضح، متاعب "أدلير" هي تحذير من التكلفة الباهظة التي تواجهها الشركات إذا دخلت في نزاع مع مدققيها. ينبغي لذلك أن يعزز موقف المدققين في طرح الأسئلة الصعبة والبحث عن كل المواد التي يحتاجون إليها لتشكيل حكم. لنأمل أن يرتقي هؤلاء المدققون إلى مستوى التحدي. "وايركارد" توضح السبب.