الحل الاقتصادي لتطبيع العلاقات الأمريكية - الكوبية «2 من 2»

إن مطالبات التعويض عن الممتلكات المحجوزة ليست بالشيء الغريب في العلاقات الدولية. إذ في 1968، استولت حكومة عسكرية في "بيرو" على شركة البترول الدولية المملوكة للولايات المتحدة، بعد أن كانت في قلب فضيحة محلية أدت إلى انقلاب في البلاد. سعت الشركة إلى الحصول على 120 مليون دولار، لكن لم يلب طلبها حتى عوضت بيرو الشركات الأمريكية الأخرى عن الأصول التي فقدتها أثناء التأميم، ما سمح للحكومة الأمريكية بالتدخل وإعادة توجيه بعض الأموال لمصلحتها.
ثم قامت الحكومة البيروفية نفسها بمصادرة أملاك كبار ملاك الأراضي بصورة جماعية، تماما كما فعل كاسترو في كوبا. إذ فقد أكثر من 15 ألف من أصحاب الأراضي ممتلكات تبلغ مساحتها الإجمالية ما يقارب عشرة ملايين هكتار. ووعدت الحكومة بتقديم تعويضات على شكل سندات حكومية، لكنها فقدت قيمتها وسط تضخم جامح بعد عقد من الزمان، ولم تحترمها الحكومة أبدا. حتى يومنا هذا، لا تزال مجموعة من ملاك الأراضي تحاول الحصول على تعويضات، وقد حاول صندوق تحوط يتخذ من أمريكا مقرا له وهو، Gramercy Funds Management، مقاضاة الحكومة البيروفية لتحصل على تعويض بقيمة 1.6 مليار دولار بعد شراء آلاف السندات من ملاك الأراضي السابقين بأسعار رخيصة.
وتشير التجارب السابقة إلى أن الانفراج الدائم بين الولايات المتحدة وكوبا يجب أن يكون موجها نحو المستقبل. ولحسن الحظ، يمكن للادعاءات المعقدة والادعاءات المضادة أن تشكل أساسا لاتفاقية تفاوضية ذات نطاق أوسع لتطبيع العلاقات بين البلدين.
ويقضي أحد الاقتراحات بأن تعوض كوبا صغار المطالبين ماليا بينما تمنح كبار المطالبين حقوق تطوير الأعمال التجارية. وقد يكون هذا جزءا من حزمة لتحديث الاقتصاد الكوبي وفتحه، مع قيام الولايات المتحدة برفع العقوبات والقوانين العقابية، والترحيب بالجزيرة مرة أخرى في المؤسسات المالية الدولية المهمة. ومن شأن هذه التدابير أن تؤدي إلى أكثر من مجرد تخفيف للحظر التجاري.
بيد أن أي قرار يتخذ يجب أن يقترن أيضا بقدر أكبر من الاعتراف بحقوق الملكية داخل كوبا، كما فعلت المكسيك قبل التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في 1992. فعندما نقل نظام كاسترو الممتلكات الخاصة المحجوزة إلى الفقراء، حجب في الوقت نفسه حقوق الممتلكات عن هؤلاء المستفيدين، الذين لا يملكون سندات ملكية أو حقوق نقل ملكية كاملة.
إن هذه القيود شائعة في ظل الحكومات الاستبدادية التي تعيد توزيع الممتلكات. فإضافة إلى تقويض الاستثمار والنمو، فإنها تولد في نهاية المطاف الاعتماد على البرامج الحكومية، التي تستخدم بدورها لضمان الولاء السياسي. وكان هذا هو نموذج الاقتصاد السياسي للمكسيك منذ ثورته في العقد الأول من القرن الماضي حتى أوائل التسعينيات من القرن الـ20.
لقد اتخذت الحكومة الكوبية بالفعل خطوات أولية نحو تقليص قطاع الدولة والتخفيف من صرامة القوانين التنظيمية المتعلقة باستخدام الممتلكات. ويجب أن يقترن الاعتراف بحقوق المطالبين الأجانب المحجوزة مع الاعتراف بحقوق الملكية لأولئك الذين حصلوا على الأصول المحجوزة. ويجب أن يحصل المزارعون في المناطق الريفية، على سبيل المثال، على سندات ملكية أراضيهم إلى جانب الحقوق المرتبطة بها. ويمكن لهذا الإجراء أن يأتي بصحوة جديدة ليس فقط للعلاقات الأمريكية الكوبية والأمريكيين الذين استولي على ممتلكاتهم، لكن أيضا للمواطنين الكوبيين، الذين يمكنهم بدورهم أن يقودوا حقبة جديدة من التنمية في الجزيرة.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي