مخاوف التعثرات المصرفية تلقي بظلالها على سوق النفط .. توقعات التباطؤ وضعف الطلب تتزايد

مخاوف التعثرات المصرفية تلقي بظلالها على سوق النفط .. توقعات التباطؤ وضعف الطلب تتزايد

استمرت الضغوط الهبوطية على أسعار النفط الخام رغم الجهود الدولية لاحتواء أزمة القطاع المصرفي الدولي وهو ما يفاقم المخاوف من التباطؤ الاقتصادي وضعف الطلب رغم تعافي الطلب الصيني على النفط.
ويستمر تحالف "أوبك+" في التمسك بخططه مع توقعات الركود العالمي نتيجة أزمة المصارف وتوقعات رفع أسعار الفائدة الأمريكية، بينما قالت العراق وهي ثاني أكبر منتج في "أوبك" بإنتاج 4.4 مليون برميل يوميا، إنها طلبت من شركات النفط العالمية التي تشغل بعض أكبر حقوله في الجنوب خفض إنتاجها حتى تلتزم البلاد بخطط "أوبك" لتوازن القطاع.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن السوق النفطية تواجه تحديات واسعة في الفترة الراهنة وهو ما يسلط الضوء على الاجتماع المقبل للجنة الوزارية لمراقبة الانتاج في تحالف "أوبك+" في الثالث من أبريل المقبل لمناقشة مدى نجاح وفاعلية وضرورة التمسك بتخفيضات إنتاج المجموعة.
وفي هذا الإطار، يقول روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية إن مخاوف التعثرات المصرفية تلقى بظلال قوية على استقرار سوق النفط الخام وتدعم توقعات التباطؤ بينما يلتزم تحالف "أوبك+" بالتخفيضات الإنتاجية لمواجهة مخاوف الركود، وأضيف إلى ذلك خفض روسيا للإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا الشهر الجاري ردا على العقوبات الغربية على قطاع الطاقة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وأشار إلى ترقب السوق لمدى فاعلية العقوبات الغربية ضد روسيا خاصة أن الإمدادات الروسية أثبتت مرونة في الفترة الماضية ونجحت في التوسع في الأسواق الأسيوية كبديل عن أسواق أوروبا وذلك بعدما فرضت دول مجموعة السبع حدا أقصى قدره 60 دولارا للبرميل على النفط الروسي بالتوازي مع بدء حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الخام من موسكو في ديسمبر، كما فرضت مجموعة السبع في الخامس من فبراير حدا أقصى لسعر المنتجات الخام الروسية لتتزامن أيضا مع حظر المشتقات النفطية.
وأوضح ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المختصة أن أسعار النفط الخام تعرضت في نهاية الأسبوع الماضي إلى ضغوط هبوطية حادة هوت بها إلى أدنى مستوياتها في 15 شهرا لكن تبقى الآمال قوية في تعافي الطلب حيث من المتوقع أن ترتفع واردات الصين من سلع الطاقة في وقت لاحق من هذا العام ما يعزز أسعار النفط.
وأضاف أنه في المقابل لا يمكن تجاهل أن عدم اليقين في الاقتصاد العالمي يهدد بإضعاف الطلب نسبيا على الصادرات من الصين لافتا إلى وجود مخاوف من حدوث ركود اقتصادي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وعمليات البيع في الأسواق المالية في الأسبوع الماضي التي امتدت إلى الأصول الخطرة مثل النفط الخام، مشيرا إلى تنامي الشكوك في أن الزيادة المتوقعة في واردات الصين من النفط الخام والطلب عليها قد لا تكون كافية لدعم أسعار النفط.
ويرى ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن حالة الارتباك وربما ردود الفعل المبالغ فيها تسيطر على سوق النفط الخام مع تأكيد بنك "ستاندرد تشارترد" تفاقم عمليات البيع المكثفة في العقود الآجلة للنفط بينما ترى بعض الدوائر التحليلية الدولية أن انهيار أسعار النفط هو رد فعل مبالغ فيه على الأزمة المصرفية وأن عمليات البيع مبالغ فيها ولا توجد أزمة مالية تلوح في الأفق.
ونوه إلى تأكيد بنك "ستاندرد تشارترد" أن انهيار أسعار النفط قد تفاقم بسبب نشاط التحوط تحديدا، وسط توقعات ارتفاع أسعار النفط في النصف الثاني من هذا العام وسط إعادة الانفتاح الاقتصادي للصين والطلب المتزايد المقبل من الهند كما من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط في الأسابيع والأشهر المقبلة بمجرد أن يهدأ الذعر الراهن في الأسواق.
وتوضح مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية أن العقوبات الغربية لم تنجح في الحد من الإمدادات النفطية الروسية التي توسعت في الأسواق الآسيوية بقوة حيث قفزت واردات الصين من النفط الخام الروسي بنسبة 23.8 في المائة على أساس سنوي حيث استفادت البلاد من النفط الخام الروسي المخفض.
وسلطت الضوء على تقرير "أوبك" الشهري الأحدث عن سوق النفط الذي بث معنويات إيجابية في السوق بعدما ركز على أن إعادة فتح أبواب الصين من شأنه أن يضيف زخما إلى النمو الاقتصادي العالمي وهو ما أدى إلى تعديل أوبك لتوقعاتها بشأن نمو الطلب الصيني على النفط الخام بالزيادة.
ولفتت إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أيضا في تقريرها أيضا أن بناء المخزونات النفطية حاليا سيخفف التوترات حيث يتأرجح السوق في عجز خلال النصف الثاني من العام الجاري كما من المتوقع أن تدفع الصين الطلب العالمي على النفط إلى مستويات قياسية.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة أمس، وسط استمرار مخاوف الأسواق حيال تداعيات أزمة القطاع المصرفي في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي التفاصيل، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم مايو بنحو 1.71 في المائة، إلى مستوى 71.72 دولار للبرميل، بحلول الساعة 06:09 بتوقيت جرينتش.
وهبطت أيضا العقود الآجلة لخام نايمكس تسليم أبريل في مستهل أولى جلسات الأسبوع 1.68 في المائة، إلى مستوى 65.62 دولار للبرميل. وخفض "جولدمان ساكس" توقعه لسعر خام برنت إلى 94 دولارا للبرميل خلال الـ12 شهرا المقبلة، في ظل أزمة المصارف ومع احتمالية حدوث ركود بشكل يفوق زيادة الطلب من الصين.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 74.11 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 73.75 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك الإثنين إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات حادة سابقة وإن السلة خسرت نحو ستة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 80.72 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة