بعد 3 أيام من الخسائر .. آفاق الطلب النفطي تعيد التفاؤل وتجذب الأسعار لمزيد من المكاسب
عادت حالة التفاؤل إلى أسعار النفط الخام مع تزايد توقعات انتعاش محتمل بعد ثلاثة أيام من الخسائر الكبرى، وذلك بدعم من بيانات صادرة عن بنك جولدمان ساكس عززت الزخم الصعودي عبر رفع توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين.
وتنامت حالة التفاؤل بعد الأنباء التي تفيد بأن البنك المركزي السويسري سيقرض ما يصل إلى 54 مليار دولار إلى "كريدي سويس"، ما ساعد على تهدئة المخاوف من انهيار مصرفي ودعم حالة الاستقرار.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن أسعار النفط الخام تتجه مجددا إلى التعافي بعد أن سجلت خسائر كبيرة في وقت سابق من الأسبوع، بعد انهيار بنكين في الولايات المتحدة، ما أشعل مخاوف من انهيار الصناعة، حيث تتلقى الدعم من توقعات إيجابية عن النمو في الصين صادرة عن بنك جولدمان ساكس، ما عزز التوقعات بزيادة الطلب على النفط هذا العام.
وحذر المختصون من أن احتمالية انهيار البنوك قد يكون لها آثار مدمرة على الصناعة وعلى أسعار النفط الخام، لكن لا يمكن التقليل من وجود جهود دولية واسعة لتفادي وقوع هذه الكارثة المالية والاقتصادية، مشيرين إلى أن تفاقم الأزمة المصرفية يدفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول المحفوفة بالمخاطر وقد يتعرض النفط لمزيد من الانخفاض.
وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة إن خطط الإدارة الأمريكية لاحتواء أزمة التعثر المالي للبنوك نجحت في تهدئة المخاوف في السوق التي تلقى أيضا دعما من توقعات أكثر تفاؤلا للطلب صدرت عن كل من "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية التي توقعت أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى قياسي هذا العام عند 102 مليون برميل يوميا.
وأشار إلى أن آفاق الطلب إيجابية وتجذب الأسعار إلى مزيد من المكاسب والتغلب على تداعيات العوامل الهبوطية المؤثرة بشكل قوي في المرحلة الراهنة، لافتا إلى تأكيد "أوبك" أن الطلب على النفط سيرتفع هذا العام بمقدار 2.32 مليون برميل يوميا حيث تستحوذ الصين على جزء كبير منه.
من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات أن سوق النفط الخام تمتلك أساسيات جيدة وقادرة على تجاوز صعوبات المرحلة الراهنة المليئة بمخاوف الركود واحتمالات وقوع أزمة مالية عالمية، لافتا إلى تأكيد "أوبك" في تقريرها الشهري الأخير عن سوق النفط أن إعادة فتح الصين عقب رفع سياسة عدم انتشار فيروس كورونا الصارمة تضيف بالفعل حاليا زخما كبيرا للنمو الاقتصادي العالمي.
وأضاف أنه على الرغم من العوامل الإيجابية لا يمكن التقليل من أثر العوامل الأخرى المضادة التي لها تأثير كبير في السوق حاليا وأن الارتفاعات السريعة في أسعار الفائدة ومستويات الديون العالمية يمكن أن تتسبب في آثار غير مباشرة سلبية كبيرة وقد تؤثر سلبا في ديناميكية النمو العالمي.
أما هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة فيقول، إن آفاق سوق النفط الخام إيجابية بفعل تعافي الطلب ونجاح الإمدادات الروسية في التعامل بكفاءة ومرونة مع العقوبات الغربية، لكن تعافي الأسعار ما زال هشا وسط حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن القطاع المصرفي في العالم.
وشدد على أهمية تجاوز الاقتصاد العالمي للأزمة الراهنة وتجنب تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية في 2008، ولا سيما أن الظروف الراهنة دقيقة ولا يمكن إنكار حقيقة تدهور معنويات السوق مع توسع الأزمة المصرفية إلى أوروبا من الولايات المتحدة، كما أن أساسيات السوق النفطية لا تظهر حاليا كثيرا من الإشارات الهبوطية.
بدورها، ذكرت ويني إكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية إن اضطراب القطاع المصرفي أدى إلى تآكل التفاؤل نسبيا بشأن الطلب على النفط الخام، حيث فقد خام غرب تكساس الوسيط 10 في المائة من قيمته في آذار (مارس) الجاري ما أربك الحسابات في السوق وزاد من تكهنات انخفاض الأسعار.
وسلطت الضوء على تأكيد "أوبك" أنها ستبقي الإنتاج دون تغيير هذا العام، وذلك في وقت تأتي الرياح المعاكسة هبوطية بقوة، حيث إن مخزونات النفط الخام الأمريكية تتوسع مرة أخرى، وبينما تظل الصادرات الروسية صامدة في مواجهة العقوبات، تتوقع وكالة الطاقة الدولية فائضا في النصف الأول من العام الجاري.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة أمس، معوضة بعض خسائرها بعدما سجلت أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام في الجلسة السابقة، إذ هدأت الأسواق بعض الشيء بعد قرار الجهات التنظيمية السويسرية تقديم إنقاذ مالي لبنك كريدي سويس.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 85 سنتا، بما يعادل 1.2 في المائة، إلى 74.54 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 74 سنتا، أو 1.1 في المائة، إلى 68.35 دولار للبرميل.
وارتفع الخامان القياسيان بأكثر من دولار في وقت سابق من جلسة أمس، وكانا قد هبطا الأربعاء إلى أدنى مستوياتهما منذ كانون الأول (ديسمبر) 2021، بعد أن تراجعا لثلاثة أيام متتالية.
وفقد برنت ما يقرب من 10 في المائة، منذ إغلاق الجمعة، بينما انخفض الخام الأمريكي نحو 11 في المائة.
وفي غضون ذلك، أظهرت بيانات انتعاش النشاط الاقتصادي الصيني في أول شهرين من 2023 بعد إلغاء إجراءات احتواء فيروس كورونا الصارمة. وأشار التقرير الشهري الصادر عن وكالة الطاقة الدولية إلى زيادة متوقعة في الطلب على النفط من الصين، بعد يوم من رفع منظمة أوبك توقعاتها للطلب الصيني في 2023.