مؤسسات دولية تؤكد تعافي الاقتصاد العالمي .. واقتصاديات الخليج أول الناجين

مؤسسات دولية تؤكد تعافي الاقتصاد العالمي .. واقتصاديات الخليج أول الناجين

أجمعت عدة تقارير ومسوحات صادرة عن مؤسسات دولية على أن الاقتصاد العالمي آخذ في التحسن بأسرع مما كان متوقعا سابقا، كما أن اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي ستكون من أولى الاقتصاديات العالمية التي ستتخطى الأزمة العالمية بأقل الخسائر الممكنة.
وقال معهد IFO الذي يقوم بمسح فصلي للبيئة الاقتصادية العالمية، إن مؤشر بيئة الاقتصاد العالمي ارتفع خلال الربع الثاني من العام الجاري 2009، وذلك للمرة الأولى منذ خريف 2007. إلا أن التحسن جاء بناء على التوقعات المتفائلة للأشهر الستة المقبلة أكثر مما يعكس الوضع الاقتصادي الراهن.
وقال المعهد إن التوقعات المتفائلة شملت جميع المناطق الاقتصادية الرئيسية وخاصة أمريكا الشمالية وآسيا، وإلى حد ما أوروبا وروسيا وأمريكا اللاتينية.
وتزامن مع هذا الإعلان، توقعات جديدة أعلنها صندوق النقد الدولي قال فيها إن الاقتصاد العالمي بدأ يخرج من ركود غير مسبوق في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية, ولكن الاستقرار يتحقق بدرجات متفاوتة. ويتوقع أن تكون وتيرة التعافي بطيئة. وتشير التوقعات الحالية إلى أن النمو الاقتصادي في الفترة 2009 - 2010 سيسجل مستوى أعلى من المتوقع في عدد نيسان (أبريل) 2009 من تقرير''آفاق الاقتصاد العالمي'' بنحو نصف نقطة مئوية ليصل إلى 2.5 في المائة في عام 2010.
ووفقا للصندوق، فقد تحسنت الأوضاع المالية على نحو فاق التوقعات لأسباب أهمها تدخل القطاع العام, كما تشير آخر البيانات إلى استمرار التراجع في معدل انخفاض النشاط الاقتصادي وإن كان بدرجات متفاوتة بين المناطق المختلفة, ورغم هذه الإشارات الإيجابية فإن الركود العالمي لم ينته بعد ولا يزال من المتوقع أن يكون تعافي الاقتصاد بطيئا، حيث لا تزال النظم المالية ضعيفة، كما أن الدعم المقدم من السياسات العامة سيتناقص بمرور الوقت, والأسر في البلدان المتضررة من ركود أسعار الأصول ستعيد بناء مدخراتها.
وبناء على ذلك يتوقع أن يشهد النشاط الاقتصادي العالمي انكماشا يبلغ 1.4 في المائة في عام 2009 وأن يحقق ارتفاعا يبلغ 2.5 في المائة في عام 2010, أي أنه سيسجل ارتفاعا أعلى من المستوى المتوخى في عدد نيسان (أبريل) 2009 من تقرير ''آفاق الاقتصاد العالمي'' بمقدار 0.6 نقطة مئوية.
وبناء على ذلك, تفيد التوقعات بأن إجمالي الناتج المحلي في الاقتصادات المتقدمة سيشهد انخفاضا يبلغ 3.8 في المائة في عام 2009 ثم يسجل نموا مقداره 0.6 في المائة في عام 2010. ورغم ارتفاع التوقعات بمقدار 0.6 نقطة مئوية ومقارنة بتنبؤات عدد نيسان (أبريل) 2009 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي فسيظل النمو في عام 2010 دون المستوى الممكن حتى أواخر العام مما ينطوي على استمرار الارتفاع في معدلات البطالة. وعلى مستوى الاقتصادات الرئيسية, رفعت معدلات النمو المتوقع في الولايات المتحدة واليابان بصفة أساسية.
وفي الولايات المتحدة, تشير المؤشرات إلى تراجع معدل التدهور, بما في ذلك في أسواق العمل والمساكن, وربما كان الإنتاج الصناعي على وشك بلوغ أدنى مستوياته, كما تمر دورة المخزون بمرحلة التحول, وتحسنت مستويات ثقة الأعمال والعملاء. وتتسق هذه التطورات مع استقرار الناتج في النصف الثاني من عام 2009, ومع ظهور بوادر للتعافي التدريجي في عام 2010.
وظهرت في اليابان إشارات على استقرار الناتج بعد أن خيمت أجواء قاتمة على الربع الأول من العام. ويتوقع ارتفاع معدلات النمو في أرباع السنة المقبلة بفضل تحسن ثقة المستهلك, وتعديل المخزون, وانتهاج سياسات قوية على صعيد المالية العامة, وقوة إدارة بعض الاقتصادات الآسيوية الأخرى.
وفي منطقة اليورو, عادت مؤشرات مسوح المستهلكين وقطاع الأعمال إلى الارتفاع ولكن بيانات النشاط الحقيقي ترسل عددا قليلا من الإشارات على الاستقرار ومن ثم تشير التوقعات إلى تحسن النشاط بوتيرة أبطأ من سائر المناطق, ويتوافر الدعم في الوقت الراهن من السياسات الاقتصادية الكلية ولكن مازال هناك الكثير مما ينبغي القيام به لتكيف سوق العمل في الفترة المقبلة, وسيواجه الاستهلاك والنشاط الاقتصادي آثارا عكسية بسبب ارتفاع معدلات البطالة واعتماد الاقتصاد كثيرا على قطاع مصرفي لا يزال ضعيفا.
ومن المتوقع أن تستعيد الاقتصادات الصاعدة والنامية زخم النمو في النصف الثاني من عام 2009, وإن كان مع وجود تفاوتات إقليمية ملحوظة, وتواجه البلدان منخفضة الدخل في الوقت الراهن تحديات جسيمة خاصة بها بسبب تراجع المعونة الرسمية , فضلا على تعرض هذه الاقتصادات بصفة خاصة للتذبذبات في أسعار السلع الأولية.
كما تم تعديل توقعات النمو بالزيادة في آسيا الصاعدة 5.5 في المائة في عام 2009 و7 في المائة في عام 2010 ويرجع هذا التعديل الصعودي إلى تحسن الاحتمالات المتوقعة في الصين والهند, ويعزى ذلك جزئيا إلى تدابير الدفعة التنشيطية الاقتصادية الكلية الكبيرة, وإلى تحسن التدفقات الرأسمالية بوتيرة أسرع من المتوقع. ومع هذا, فمن المرجح أن تتراجع وتيرة النمو السريعة التي شهدتها آسيا الصاعدة أخيرا إذا لم تتعاف الاقتصادات المتقدمة. كذلك، فإن ارتفاع أسعار النفط في الدول المصدرة للنفط سيسهم في التعجيل بخروجها من عنق الأزمة والعودة للمعدلات الطبيعية للنمو.
وفيما يخص توقعات معدلات التضخم، ظلت الضغوط التضخمية تتراجع بينما أصيب الاقتصاد العالمي بضعف مستمر . وتراجعت معدلات التضخم على أساس التغير السنوي المقارن 1.7 في المائة في أيار (مايو) مسجلة انخفاضا من نحو 6 في المائة قبل عام واحد, وتراجع التضخم الكلي في الاقتصادات المتقدمة أقل من صفر في المائة في شهر أيار (مايو)، حيث ظلت أسعار النفط عند مستويات أقل بكثير من مستوياتها قبل عام واحد.
وفيما يخص السياسات المالية، قال الصندوق إنه لا تزال الأولوية القصوى منصبة على استعادة صحة القطاع المالي, وبينما تحقق تقدم كبير في استعادة ملاءة البنوك, فذلك لا يكفي لإيقاف عملية خفض القروض التمويلية, ومن ثم ستكون الجهود المتواصلة لاستعادة صحة القطاع المالي, والتي تشترك في بذلها عدة أطراف على نحو منسق, هي أهم العوالم التي تتحدد وفقا لها ديمومة التحسينات المحققة أخيرا في الأوضاع المالية وقوة تعافي الاقتصاد الحقيقي.
وتظل معالجة الأصول المتعثرة أحد الأولويات الرئيسية في الولايات المتحدة لوضع القطاع المالي على مسار اقوى. وبرغم استعادة كثير من البنوك الأمريكية الكبرى لقدرتها على تعبئة رؤوس الأموال الخاصة, وقدرتها على سداد رؤوس الأموال الحكومية, فلا تزال مخاطر كبيرة من قصور النتائج عن المتوقع في القطاع المصرفي, وتقوم السلطات في الاتحاد الأوروبي والمناطق الأخرى بتقييمات فعالة لسلامة الأجهزة المصرفية من خلال إجراء اختبارات القدرة على تحمل الضغوط, وبينما يتحقق بالفعل تقدم جيد في هذا الصدد, فهناك أهمية بالغة تعلق موثوقية عمليات إعادة الرسملة وكذلك إعادة هيكلة المؤسسات المالية أو تسوية أوضاعها على نحو ملائم حيثما دعت الحاجة لذلك, ومن شأن التنفيذ الشفاف لهذه الخطوات وعلى نحو ملائم أن يسهم في إعادة بناء الثقة وتعجيل وتيرة نمو الائتمان.
وفيما يخص السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، ينبغي أن تواصل هذه السياسات توفير الدعم حتى يعود النمو وتتبدد المخاطر الانكماشية, كما ينبغي اغتنام الفرصة المتبقية لخفض أسعار الفائدة, ولابد أيضا من مواصلة البحث عن تدابير غير تقليدية على مستوى السياسات لدعم التدفقات الائتمانية, ويتعين في الوقت نفسه استحداث استراتيجيات الخروج لسحب الدعم الاستثنائي التقليدي وغير التقليدي المقدم من السياسة النقدية وشرحها لاحتواء المخاوف من التضخم, فضلا عن ذلك, سيكون من المفيد إنشاء أدوات لتسهيل التراجع بسلالة عن التوسع الكبير في الميزانيات العمومية للبنوك المركزية.
وبالنظر إلى ما بعد العام المقبل, فعلى جانب العرض أدت الأزمة على الأرجح إلى خفض مستوى الناتج القابل للاستمرار على صعيد الاقتصاد العالمي, ويؤدي تراجع الاستثمارات وانتشار حالات الإفلاس إلى انخفاض مستوى الناتج الممكن وربما تناقض معدله أيضا, فضلا على ذلك, ربما يتحول ارتفاع معدل البطالة الدورية إلى ازدياد البطالة الهيكلية، حيث تفقد العمالة ارتباطها بالسوق.
وعلى جانب الطلب, يتعين كبح الطلب العام وزيادة الطلب الخاص. وربما يقتضي ذلك التحول من الطلب الداخلي إلى الطلب الخارجي في البلدات التي سجلت عجوزات كبيرة في حساباتها الجارية في الفترة الأخيرة مثل الولايات المتحدة, وهذا يعني ضمنا أن يتعين تحقيق العكس في البلدان التي سجلت فوائض كبيرة في حساباتها الجارية.

الأكثر قراءة