تفاؤل في سوق النفط .. قفزة قوية للتصنيع الصيني تزيد توقعات الطلب على الوقود

تفاؤل في سوق النفط .. قفزة قوية للتصنيع الصيني تزيد توقعات الطلب على الوقود

زادت حالة التفاؤل في السوق النفطية مع تعافي الطلب الصيني، بعد بيانات عن تنامي الأنشطة الصناعية، كما شهد الإنتاج الروسي كثافة في عمليات شراء جديدة من الهند، إلى جانب مصافي التكرير الصينية الكبرى في ظل التخفيضات المتوقعة في إنتاج خام الأورال.
وتعمل المصافي الهندية على زيادة تدفقاتها من النفط الخام الروسي، وسط اهتمام متزايد بالبراميل الروسية منخفضة السعر، كما بدأت مصافي التكرير الصينية المستقلة في البحث عن شحنات جديدة لنيسان (أبريل).
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن المخاطر الجيوسياسية ما زالت واسعة التأثير في السوق وتثير مخاوف دول الاستهلاك بصفة رئيسة، تحسبا لطفرات جديدة في أسعار الطاقة، لافتين إلى أن الهند وهي من أكبر دول الاستهلاك كثفت مناقشاتها مع الولايات المتحدة لضمان أن استراتيجيتها لإمدادات النفط لا تواجه عقبات أو اضطرابات في حالة مواجهة روسيا لعقوبات إضافية، بسبب الحرب في أوكرانيا، في وقت تريد نيودلهي موازنة علاقات الطاقة مع كل من واشنطن وموسكو.
وأضاف المحللون أن النفط الروسي أتاح للسوق الهندي فرصة لتعزيز المشتريات على مدى العام الماضي بالنظر إلى سعره الجذاب ومع ذلك قد يتغير الوضع في حالة تطبيق مزيد من القيود على روسيا ونتيجة لذلك تواصل الهند العمل مع موردين بديلين وستلقي أي عقوبات إضافية على روسيا بظلالها على تدفقات النفط إلى الهند التي أنهت 2022 بزيادة سبعة أضعاف على أساس سنوي في واردات الخام الروسي.
وفى هذا الإطار يقول مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة إن أسواق الطاقة في حالة ترقب وتوتر، بعد أن أعلنت واشنطن أنها ستواصل السعي لفرض عقوبات إضافية على روسيا، مشيرا إلى أن الحد الأقصى لأسعار النفط الروسي قلل بشكل كبير من أرباح روسيا، حيث تشير الإحصائيات إلى انخفاض عائدات روسيا في كانون الثاني (يناير) بنسبة 50 في المائة تقريبا عما كانت عليه قبل عام.
ونوه إلى أن أسعار النفط بدأت آذار (مارس) بأجواء إيجابية ومدعومة من عوامل عدة، أبرزها ارتفاع نشاط المصانع في الصين للمرة الأولى في سبعة أشهر، بينما توسع نشاط التصنيع بأسرع معدل منذ 2012، موضحا أن أسواق النفط كانت تنتظر بالفعل إشارات تدل على أن طلب الصين على النفط ينتعش وقد يكون هذا بداية اتجاه صعودي لأسعار النفط.
وأوضح سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، أن السوق النفطية تنظر إلى طلب الصين على النفط على أنه العامل الرئيس وراء التوقعات بارتفاع أسعار النفط في وقت لاحق من هذا العام، لافتا إلى تقارير دولية ترجح أن يتجاوز خام برنت 90 دولارا للبرميل في النصف الثاني من العام وذلك يعود بشكل أساسي إلى عاملين هما نمو الطلب الصيني وانكماش العرض الروسي.
وأفاد أن أسعار النفط الخام رغم الانتعاش المتوقع لا تزال تواجه ضغوطا هبوطية عكسية ممثلة في تقدير معهد البترول الأمريكي بأن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة قد توسعت لأسبوع آخر بنحو 6.2 مليون برميل وهو ما يحد من مكاسب أسعار النفط إلى حد ما، كما أظهرت بيانات أخرى ارتفاع إنتاج دول أوبك المجمع بمقدار 150 ألف برميل يوميا في شباط (فبراير) مقارنة بالشهر السابق إلى إجمالي 28.97 مليون برميل يوميا.
أما جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا فيرى، أن العقوبات الأوروبية على النفط الروسي تعمل على تغيير طرق تجارة النفط، مشيرا إلى أن النفط هو أكبر سلعة في العالم، حيث يقدر سوق النفط الخام العالمي في 2022 بنحو 2.7 تريليون دولار.
وأشار إلى أنه ابتداء من 5 كانون الأول (ديسمبر) الماضي لم يعد النفط الخام الروسي مقبولا في أوروبا، بينما تم حظر المنتجات النفطية الروسية ابتداء من 5 فبراير الماضي، حيث انخفضت صادرات النفط الروسي إلى أوروبا وتم استبدالها بزيادة الشحنات من الولايات المتحدة والنرويج والبرازيل، كما يواجه سوق الديزل الأوروبي أيضا تحديات، حيث إن استبدال خام الأورال الروسي بخامات أخرى ما يسبب مشكلات في إمدادات الديزل وقد أجبر ذلك الحكومات في جميع أنحاء أوروبا على زيادة حصة الديزل في الاحتياطيات الاستراتيجية توقعا لارتفاع الأسعار في العام الجاري.
بدورها، تقول ليندا تسيلينا العضو المنتدب للمركز المالي العالمي المستدام إن أسعار النفط الخام انخفضت في فبراير للشهر الثامن من الأشهر التسعة الماضية، حيث استمرت مخاوف التباطؤ الاقتصادي الأمريكي في إضعاف معنويات السوق، كما تظهر إمدادات النفط الخام علامات تشديد، حيث تعقد العقوبات ضد روسيا مشتريات النفط الخام.
ولفتت إلى أن بولندا قالت إنها ستنهي مشترياتها من النفط الروسي، بينما تواجه مصافي التكرير الهندية مخاوف من انتهاك العقوبات، لافتة إلى أن المخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة ألقت بظلال سلبية أيضا على توقعات النمو، بينما تتمحور العوامل الإيجابية حول مؤشرات على انتعاش الطلب على الطاقة في الصين بالتزامن مع خفض الإنتاج من موسكو مع تشديد العقوبات الغربية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، واصل النفط مكاسبه للجلسة الثانية الأربعاء 1 مارس بعدما عززت قفزة قوية للتصنيع في الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، توقعات الطلب العالمي على الوقود.
وأظهر مؤشر رسمي أمس، أن نشاط التصنيع في الصين توسع بأسرع وتيرة في أكثر من عقد في فبراير، ما عزز الآمال بأنه من الممكن أن يعوض التعافي في البلاد التباطؤ العالمي ويرفع الطلب على النفط.
وارتفع سعر خام برنت 45 سنتا أو 0.5 في المائة، إلى 83.90 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش. كما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 49 سنتا أو 0.6 في المائة، إلى 77.54 دولار.
وبينما ارتفع مؤشر مديري المشتريات الرسمي لقطاع التصنيع في الصين إلى 52.6 الشهر الماضي من 50.1 في يناير، أظهر مسح في القطاع الخاص أيضا تحسنا في التصنيع للمرة الأولى في سبعة أشهر. وقوبلت مؤشرات تحسن الطلب من الصين بعلامات على زيادة العرض، إذ أشار تقرير صناعي إلى ارتفاع مخزونات الخام في الولايات المتحدة أكبر مستهلك في العالم.
وارتفعت مخزونات النفط الأمريكية 6.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 24 فبراير، وفقا لمصادر في السوق نقلا عن بيانات معهد البترول الأمريكي الثلاثاء. وفي إشارة أخرى على زيادة المعروض، ارتفع إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) من الخام بمقدار 150 ألف برميل يوميا في فبراير، وفقا لمسح أجرته "رويترز". من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 81.91 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 81.64 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق وأن السلة خسرت ثلاثة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.94 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة