تقرير دولي يتوقع توقف نمو الصناديق الإسلامية

تقرير دولي يتوقع توقف نمو الصناديق الإسلامية

كشف تقرير "الصناديق والاستثمارات الإسلامية 2009" الذي طرحته مؤسسة الاستشارات المالية إرنست ويونج Ernest & Young أن الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والقابلة للاستثمار في دول الخليج وآسيا قد ارتفعت خلال العام الماضي لتصل إلى 736 مليار دولار مقارنة بـ 267 مليار في عام 2007.
واهتم تقرير هذا العام بالكشف عن التدابير التي يجب على اللاعبين الأساسيين في القطاع.
وأشار التقرير السنوي الثالث للصناديق والاستثمارات الإسلامية إلى توافر عائدات كبيرة لصناعة إدارة الأصول الإسلامية، وتقدر تلك العائدات بنحو 3.86 مليار دولار. ويرصد التقرير تضاؤل الصناديق الاستثمارية التي لا تزال صغيرة الحجم، إذ إن أكثر من 50 في المئة من تلك الصناديق تمتلك أصولاً مدارة تبلغ قيمتها 20 مليون دولار أو أقل.
وأشار إلى أن هناك 25 صندوقاًَ استثمارياً تمت تصفيتها خلال العام الماضي والربع الأول من العام الجاري مقابل 18 صندوقاً في عامي 2006 و2007. وانحفض عدد الصناديق الجديدة من 271 خلال عامي 2006 و2007 إلى 89 صندوقاً فقط في عام 2008 والربع الأول من 2009. ويعكس هذا الهبوط الحاد انخفاض مؤشرات أسواق الاستثمار العالمية MSCI بنسبة 50 في المئة في الفترة بين شهري نوفمبر 2007 ومارس 2009 مقابل عائدات تبلغ نسبتها 40 في المئة شهدتها الفترة بين شهري مايو 2005 ونوفمبر 2007.
وأوضح التقرير أن تركيز الصناديق الإسلامية يبقى منصباًُ بشكل رئيسي على منطقة الشرق الأوسط حيث لا تزال صناديق الأسهم في الصدارة بين مختلف أنواع الصناديق. وأكدت إرنست ويونج أن السعودية تستحوذ على 19 في المئة من مجمل الصناديق الإسلامية في العالم، إذ تبلغ قيمة الأصول المدارة من قبل الصناديق الإسلامية 19.28 مليار دولار. في حين تنفرد ماليزيا بحيازة 23 في المئة من مجمل الصناديق الإسلامية العالمية بقيمة أصول تتجاوز 4.579 مليار دولار.
ويلفت التقرير إلى أن النمو في الصناديق الإسلامية مصدره الأسواق غير المستغلة حتى الآن في آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ويرجع ذلك بصفة رئيسية إلى وجود أعداد كبيرة من السكان المسلمين في تلك المناطق.
ولكن التمويل الإسلامي لا يزال في مراحله الأولى في تلك الأسواق التي تشمل إندونيسيا وباكستان والهند وبنجلاديش وتركيا وإيران ونيجيريا.
وبالنسبة لعائدات صناديق الأسهم الإسلامية فقد تراجع إلى -39 في المئة في العام الماضي. ويرجع هذا إلى تباطؤ أداء المؤشرات الإسلامية في جميع أنحاء العالم مقارنة بارتفاع تلك العائدات إلى 23 في المئة في عام 2007. وفي الربع الأول من العام الحالي تناقصت معدلات العائدات لتستقر عند -3.7 في المئة. كما تراجعت معدلات عائدات الدخل الإسلامي الثابت لتصل إلى 1 في المئة خلال العام الماضي والربع الأول من عام 200 بعد أن كانت تبلغ 3 في المئة خلال عام 2007.
وأوضح التقرير أن أسعار السلع بدأت في الانتعاش في الربع الأول من العام الجاري بعد أن كانت قد شهدت تراجعاً في النصف الثاني من العام الماضي. وشهد الربع الأول 2009 استقراراً في معدلات صناديق السلع بنسبة 10 في المئة. وتعد هذه النسبة بمثابة ارتفاع كبير بعد أن شهدت تراجعاً وصل إلى -20.01 في المئة في عام 2008.
وقد حققت الصناديق النقدية الإسلامية ثباتاً في عائداتها، حيث بلغت 3.9 في المئة في العام الماضي بعد كانت 3.4 في المئة فقط في العام السابق 2007. ولكنها تراجعت من جيد في الربع الأول من عام 2009 إلى 0.7 في المئة. وبالنسبة لعائدات صناديق التمويل العقاري فقد تراجعت من 8 في المئة في عام 2007 لتصل إلى -11 في المئة عام 2008 و -5 في المئة في الربع الأول من العام الجاري. أما فيما يتعلق بالصكوك فقد تباطأ إصدارها مع ازدياد انتشارها فقد تم إصدار صكوك بقيمة 15.5 مليار دولار أمريكي في عام 2008 مقارنة بإصدارات تبلغ 47.1 مليار دولار في عام 2007. ويتوقع تقرير إرنست ويونج أن يتم إصدار صكوك بقيمة 27.5 مليار دولار خلال العام الحالي.
وعلى الرغم من العوائق الحالية لا تزال أسس الصناديق الإسلامية قوية بحسب تأكيد سمير عبدي رئيس مجموعة إرنست ويونج لخدمات التمويل الإسلامي. ويوضح أن هذا يرجع في المقام الأول إلى امتلاك الصناديق الإسلامية لأكثر من 50 مليار دولار كأصول مدارة من قبل هذه الصناديق فضلاً عن القاعدة السمكانية الإسلامية الضخمة والمتزايدة وإن كانت غير مستغلة بشكل سليم حتى الآن. وهذه العوامل تعتبر فرصاً للنجاح في المستقبل، إذ إن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ القرارات الاستراتيجية التي ينبغي للمساهمين في الأسواق تبنيها حتى يتمكنوا من تجاوز الأزمة بسلام.
ويشير التقرير إلى مخاطر تواجه مديري الأصول الإسلامية يعرضها عمر البيطار الشريك المسؤول عن مجموعة خدمات استشارات الأعمال في إرنست ويونج الشرق الأوسط. ويوضح أن ثلثي مديري الأصول يديرون أصولاً إسلامية لا تتجاوز قيمة كل منها 100 مليون دولار. ويؤدي هذا إلى أن ساحة التنافس العالمية تبدو مجزأة ومتراجعة إلى حد كبير. ويوصي البيطار بأن تختار كل شركة منصة إنتاج وتوزيع تتماشى مع استراتيجياتها، كما أن عليها أن تحدد وضعها، فإما أن تكون شركة تسعى وراء القيمة العالية أو أن تكون شركة تسعى لامتلاك قدر كبير من الأصول وذلك حتى تتمكن من تحديد الرسوم المترتبة عليها. وأشار إلى أن الضغوط تزداد في الوقت الحالي على مديري الصناديق بصورة تفوق أي وقت آخر لكي تهتم ببناء هيكلة مؤسسية موجزة وفعالة وذلك بقيامها بالتعاقد مع أطراف خارجية لكي تقوم بتنفيذ أنشطتها الثانوية. ويلتقط العبدي طرف الحديث مشيراً إلى أن صورة الأعمال قد تغيرت إلى حد كبير بالنسبة لإدارة الأصول الإسلامية بشكل كبير عما كانت عليه في بداية العام الماضي، حيث تسببت الأزمة المالية في إحداث تغييرات ملحوظة في هذا القطاع. وفي نفس الوقت تسببت التعديلات التي طرأت على العائدات المتوقعة في لجوء الكثير من المستثمرين إلى سحب رؤوس الأموال. وبدت آثار الأزمة العالمية واضحة على نماذج الأعمال التي كانت قوية آنذاك، حيث تكافح تلك النماذج للبقاء ومجاراة التغيرات التي طرأت على السوق مؤخراً بتأثير الأزمة.
وأشار التقرير إلى أن مخاطر الأعمال في عام 2009 سيكون من أهمها الانكماش الاقتصادي وعدم تقبل المستثمرين للخوض في المخاطر، إضافة إلى عدم وضوح التقييم بشكل مناسب. وينوه التقرير بأن الفرص لا تزال متاحة للاستثمارات الإسلامية على الرغم من الوضع الحالي للأسواق المالية الدولية. ويشير إلى أنه يمكن لقطاع الصناديق المتوافقة مع الشريعة أن تلعب دوراً مهماً في مرحلة النمو المتوقعة في الفترة المقبلة. ويؤكد أن هذه الاستثمارات تقدم لقادة هذا القطاع أفكاراً جديدة تساعد بشكل كبير في إثراء تلك الصناعة لا سيما في ظل سعيهم الدؤوب لتجديد استراتيجيات الأعمال في مناخ اقتصادي عالمي لا يعتبر في أفضل حالاته نظراً للتحديات الضخمة التي يواجهها.
تجدر الإشارة إلى أن التقرير أطلق من خلال فعاليات المؤتمر العالمي السنوي الخامس لصناديق الاستثمار الإسلامية وأسواق رأس المال الإسلامي 2009 والذي عقد البحرين في الأسبوع الأخير من شهر مايو الماضي.
ويأتي إطلاق التقرير السنوي الثالث لإرنست ويونج في ظل ترقب شديد في تلك المرحلة الحرجة في تاريخ الأسواق المالية العالمية. واعتبره الخبراء بمثابة القوة الدافعة لمراجعة صناعة الاستثمارات الإسلامية واللاعبين والتحديات بشكل كبير. ويوفر التقرير استراتيجيات جديدة تتلاءم مع الواقع الاقتصادي الجديد بحثاً وراء سبل جديدة للنمو.
وقد شهد المؤتمر العديد من المناقشات المتعلقة بتعزيز الاستقرار وتقوية الاستثمارات الإسلامية.

الأكثر قراءة