ويتجّسد دور الأمن الغذائي
تسعى الدول على اختلاف مواقعها على خريطة العالم لتحقيق الأمن بأوجهه المختلفة سواء العسكري أو الاستقرار السياسي أو الاستقلال الوطني الذي يتوقف على عدة مقومات من أهمها المقدرة على تحقيق الأمن الغذائي للسكان، ويقول الشاعر الأستاذ/ عبد العزيز الرويس:
وأمن الغذا درع لنا وغنىً لنا
فويل لمن قيتوا بما يزرع الضدُ
والعالم أضحى أشبه ما يكون بالقرية والدول داخلها كالأحياء، وأصبحت علاقات الشعوب مترابطة تتأثر سلباً وإيجابا،ً وأقوى سلاح يؤثر في هذا الترابط هو النشاط الاقتصادي مما يعني أن مؤشر العلاقات يتعزز أو ينخفض نتيجة للمؤثرات. وفي الآونة الأخيرة يلحظ المراقب ظهور بعض الأحداث والمتغيرات تستدعي اتخاذ إجراء رسمي بفرض حظر على بعض المنتجات الزراعية المستوردة سواء النباتية أو الحيوانية، أو تفاعل شعبي لمقاطعة منتجات بلدٍ ما، وكان آخرها المقاطعة المتنامية للمنتجات الدنماركية والذي جاء نتيجة للتصرف غير المبرر من إحدى الصحف الدنماركية واستهزائها بخير البرية وسيد البشرية نبي الهدى والرحمة وصاحب الخلق العظيم محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة والتسليم. وأغلب هذه المنتجات لها علاقة بالغذاء والذي يُعد أهم ركائز القطاع الزراعي، وتتجسد في مثل هذه الحالات أهمية الأمن الغذائي وكان الخيار الطبيعي للمستهلك إما البحث عن منتجات دولة أخرى كبديل وإما الاتجاه للمنتج المحلي في حال توافر منتجات مشابهة. ولحسن الحظ أن أغلب المنتجات الدنماركية لها علاقة بمنتجات حققت المملكة فيها ميزاً نسبية، وفي مقدمتها منتجات الألبان ومن هنا يبرز دور الأمن الغذائي الذي تحقق بفضل من الله ثم نتيجة استخدام التخطيط التنموي والعمل بمجموعة من السياسات والبرامج التي كان لها الأثر الفاعل في تحفيز عملية الاستثمار في الأنشطة الزراعية المختلفة وتحول القطاع الزراعي من قطاع تقليدي إلى قطاع استثماري مما شجع القطاع الخاص على الدخول والاستثمار باستخدام التقنيات الحديثة، فكان من نتاج ذلك تحقيق اكتفاء ذاتي في أهم المنتجات في عام 2004م، منها: القمح 100 في المائة، بطاطس 107 في المائة، التمور 105 في المائة، بيض المائدة 102 في المائة، حليب طازج 110 في المائة، لحوم دواجن 60 في المائة. وأصبحت سمة المائدة اليومية للمستهلك في هذه البلاد الطاهرة احتواءها على المنتجات الزراعية المحلية سواء النباتية أو الحيوانية أو الأسماك (خضار وفواكه وألبان ودجاج وفري وأسماك وتمر وزيتون) وجميعها ولله الحمد والمنة منتجة من باطن أرض الخير والعطاء بأحدث الأنظمة الإنتاجية والتسويقية التي تراعي ترشيد استخدام المياه للأغراض الزراعية، كما تراعي ذوق المستهلك. والمتابع لواقع هذه المنتجات في الأسواق المحلية يُلاحظ تميزاً في نوعيتها، إضافة إلى دورها الرئيس في الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي، بل إن بعض تلك المنتجات رسمت لها هوية سعودية وأصبحت مطلوبة بالاسم داخل المملكة وخارجها مثل الألبان الطازجة، والروبيان، والبيض، والتمور، والرمان.