تزايد التساؤلات حول دور شركات الوساطة المالية في ارتفاع أسعار النفط
بعد مرور ساعات قليلة فقط على التداولات التي أجراها ستيف بيركنز، وهو المتداول الذي يقع في قلب فضيحة التداولات غير المصرح بها من قبل شركته، والتي هزت أسواق النفط الأسبوع الماضي وأدت إلى الارتفاع الكبير في أسعار النفط، أصدرت شركة الوساطة المالية التي يعمل فيها بيركنز تقريراً متفائلاً وقوياً يشير إلى أن من الممكن أن ترتفع أسعار النفط أعلى من ذي قبل.
وبعد ظهور الأنباء عما حدث برزت هناك تساؤلات متزايدة حول الضوابط الداخلية في شركة بي في إم أويل أسوشييتس PVM Oil Associates، وهي أكبر شركة في العالم في مجال الوساطة المالية للنفط. الشركة التي مقرها لندن، كشفت النقاب يوم الخميس الماضي أنها خسرت عشرة ملايين دولار (6.1 مليون جنيه استرليني) نتيجة للتداولات غير المرخص بها التي قام بها بيركنز، وهو أحد كبار المتداولين في الشركة.
وقالت إن تقرير التداول أُرسِل إلى العملاء في الساعة 08.44 بتوقيت لندن يوم الثلاثاء، وإنها لم تكتشف التداول غير المصرح به إلا في الساعة 10.10 من صباح اليوم نفسه.
وفي نشرة يومية تُقرأ على نطاق واسع، قالت الشركة لعملائها «هناك نوع من الزخم القوي يتصاعد الآن باتجاه ارتفاع الأسعار»، وأضافت أن «خلاصة كل ذلك هو أن من المرجح أن ترتفع الأسعار، ونحن نقترب أصلاً من الأسعار المرتفعة التي سادت في الفترة الأخيرة للنفط الخام، والتي هي الأهداف الابتدائية للمرحلة المقبلة إلى أعلى».
وقام بيركنز بالتداولات في العقود الآجلة لخام برنت من مسكنه مستخدماً الإنترنت للوصول إلى البورصة في نحو الساعة الثانية صباحاً، وهو من أكثر الأوقات التي تتسم بقلة السيولة خلال يوم التداول، وسجل كميات هائلة وفي التداولات على العقود الآجلة لخام برنت، كان من شأنها دفْع أسعار النفط لتصل إلى 73.5 دولار للبرميل، وهو أعلى سعر سُجِّل خلال هذا العام حتى الآن. يذكر أن معد التقرير، وهو روبن بيبر Robin Bieber، يعمل في منصب المدير الإداري للذراع المختصة في العقود الآجلة للنفط في شركة بي في إم، حيث وقعت التداولات غير المصرح بها.
ويُنظَر إلى بيبر باحترام على نطاق واسع في الحي المالي في لندن، على اعتبار أنه تنبأ بصورة صحيحة في السنة الماضية بارتفاع أسعار النفط إلى الذروة عند 147 دولاراً للبرميل.
وقالت شركة بي في إم يوم أمس إنها «لم تكن على علم بالموضوع حين أرسلت التقرير اليومي حول تعاملات العقود الآجلة (التي قام بها بيركنز).» وأضافت الشركة أن النشرة هي تقريرها اليومي الذي ترسله بصورة منتظمة، وأنه لا يسمح لأي من متداولي الشركة بالتداول من خلال الحسابات الشخصية.
مع ذلك فإن «بي في إم» لم تسحب نشرتها اليومية بعد أن اكتشفت التداول غير المصرح به، رغم أن من المفهوم لدى صحيفة «فاينانشال تايمز» أن الشركة أخبرت بالفعل في وقت لاحق بعض عملائها حول الواقعة، ولكنها لم تخبر سوق النفط على نطاق واسع إلا بعد مرور يومين على التداول غير المصرح به، حيث كان كثير من المتداولين في ذلك الحين قد سمعوا بما حدث.
ونقلت الصحيفة عن الـ «فايننشال تايمز» أن هناك عقودا مستقبلية لنحو 16 مليون برميل، وهو ما يساوي ضعفي إنتاج السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، تم تداولها خلال ساعة واحدة، في حين أن هذه المدة من الوقت تشهد غالبا تداول نحو 500 ألف برميل فقط، وأن الموظف الذي قام بذلك يدعى ستيف بركنز، وهو أحد كبار الوسطاء في الشركة، وأشارت الشركة إلى أنها أبلغت هيئة الخدمات المالية ولكن الهيئة الحكومية لم ترد حول قيامها بتحقيق في هذه القضية.
وقال العضو المنتدب في الشركة روبين بيبر في البيان إنه نتيجة سلسلة من عمليات التداول غير المصرح بها قامت الشركة بتحمل جزء كبير من قيمة العقود المستقبلية، وعندما تم اكتشاف الحادث تم إغلاق التداول بالطريقة التقليدية وتكبدت الشركة خسائر أقل من عشرة ملايين دولار بقليل.
«فاينانشيال تايمز» خاص بـ «االاقتصادية»