سوق النفط تترقب تقرير «أوبك» الشهري اليوم .. أسعار الخام تتراجع لأول مرة منذ 8 جلسات
تترقب سوق النفط صدور التقرير الشهري لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اليوم، الذي يحدد توقعات الفترة المقبلة.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون، إن توقعات انتعاش الطلب في الصين تعزز المكاسب السعرية وذلك بعد أن عكست البلاد سياسة صفر كوفيد، التي أعاقت النشاط الصناعي وكبحت نمو الطلب على النفط الخام لمدة ثلاثة أعوام.
وسلط المحللون الضوء على تصريحات سهيل المزروعي وزير النفط الإماراتي، الذي أكد أن اجتماعات وزراء "أوبك +" تتخذ دائما القرار الذي يخدم توازن السوق، وذلك قبيل أيام من عقد اجتماع لجنة المراقبة في التحالف أول شباط (فبراير) المقبل، كما يرى المزروعي أن السوق النفطية متوازنة تماما، وأن الأمر ليس كذلك في سوق الغاز، ولذلك تشهد تقلبات.
وأشاروا إلى أن الشهية النهمة للشحنات الروسية المخفضة من الهند والصين حددت نطاقا تردديا كافيا لموردي الشرق الأوسط لتلبية احتياجات مستوردي النفط الآسيويين الآخرين الذين قلصوا مشترياتهم من روسيا وهي أكبر مورد خارج "أوبك" منذ الحرب في أوكرانيا في فبراير الماضي.
وأوضحوا أن الهند هي أكبر مشتر للنفط الخام الروسي منذ أواخر 2022، كما أدى التحول الكبير في تركيز الهند والصين نحو الخام الروسي إلى تخفيف حدة المنافسة على خام الشرق الأوسط في آسيا، ما ترك مجالا كافيا لمنتجي النفط هؤلاء لتلبية احتياجات بعض المشترين الأوروبيين.
وقال الدكتور روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا للدراسات الاقتصادية، إن السوق النفطية في حالة ترقب وعدم يقين، حيث من المقرر أن يدخل الحظر الجديد على المنتجات النفطية الروسية حيز التنفيذ في 5 فبراير المقبل بالتزامن مع تطبيق الحد الأقصى لمبيعات الخام الروسي من جانب مجموعة السبع.
وذكر أنه بحسب تقارير دولية، تعول أوروبا كثيرا على الموردين البديلين وعلى توافر المخزون الاستراتيجي، لافتا إلى تأكيد مصادر أوروبية أن دول الاتحاد ودول مجموعة السبع قامت بتأمين إمدادات وقود بديلة ويمكنها الاعتماد على احتياطياتها النفطية الاستراتيجية للتخفيف من آثار العقوبات المقبلة وعلاج تأثيرات سقف الأسعار في المنتجات المكررة الروسية.
من جانبه، أكد ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن اجتماع وزراء الطاقة في لجنة المراقبة في تحالف "أوبك +" مطلع الشهر المقبل يأتي في توقيت دقيق وهو بدء تعافي الطلب الصيني بعد فترة طويلة من الإغلاق والسياسات الصارمة في إطار هدف "صفر كوفيد"، لافتا إلى أن احتفالات رأس السنة القمرية هذا العام ستعود باستهلاك الوقود إلى مستويات ما قبل الجائحة من حيث السياحة والسفر. وذكر أن روسيا كانت بالفعل على مدار عقود سابقة أكبر مورد للديزل في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى زيادة اعتماد أوروبا على دول "أوبك" كمورد بديل للطاقة، ومثال على ذلك ما تردد عن عزم الكويت على زيادة صادرات الديزل إلى أوروبا خمسة أضعاف كمثال على كيفية سعي القارة الأوروبية بنجاح إلى تنويع مصادر الوقود.
من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن رد الفعل الخافت للأسعار على حظر النفط الخام الروسي وفرض الحد الأقصى للسعر يشير إلى أن السوق النفطية قادرة على التكيف مع حزمة العقوبات الأوروبية والغربية المتوالية على قطاع الطاقة الروسي، الذي تمكن من جانبه من العثور على أسواق بديلة في آسيا لضخ إمداداته من النفط الخام.
وأضاف أنه بعد منع بيع الاحتياطي الاستراتيجي النفطي الأمريكي إلى الصين وغياب أي أمل أو انفراجة في المفاوضات الإيرانية لم يكن أمام الولايات المتحدة إلا تخفيف العقوبات على فنزويلا لتأمين المعروض النفطي نسبيا، مبينا أن شركة "شيفرون" باعت شحنة من النفط الفنزويلي لشركة تكرير أمريكية في أول صفقة من نوعها منذ تخفيف العقوبات المفروضة على فنزويلا قبل أقل من شهرين. بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، إن أزمة الطاقة العالمية الراهنة كشفت عن أهمية احتياج الاقتصاد العالمي لكل موارد الطاقة، ما جعل شركات النفط والغاز تهتم بشكل متزايد بمشاريع الهيدروجين الخضراء كطريقة لتقليل انبعاثاتها بالتوازي مع زيادة الاستثمار في مشاريع الطاقة التقليدية.
وذكرت أن تقارير دولية تعد الاستثمار في الطاقة النظيفة في ارتفاع مستمر، لكنه بحاجة إلى زيادة أكبر بكثير مما يتطلب الاستمرار في الاعتماد على الطاقة التقليدية بشكل متواز.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط لأول مرة منذ ثمان جلسات تداول أمس، لكنها استقرت بالقرب من أعلى مستوياتها منذ بداية العام وسط تفاؤل، بزيادة الطلب على الوقود في الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، بعد إعادة فتح الحدود وتخفيف القيود التي فرضت لمكافحة كوفيد.
وبحسب "رويترز"، انخفض خام برنت 36 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 84.92 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 79.65 دولار للبرميل، منخفضا 21 سنتا أو 0.3 في المائة وسط تداولات ضعيفة خلال عطلة عامة في الولايات المتحدة.
ارتفع الخامان بأكثر من 8 في المائة الأسبوع الماضي، في أكبر مكاسب أسبوعية منذ تشرين الأول (أكتوبر)، بعد أن ارتفعت واردات الصين من الخام بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي في كانون الأول (ديسمبر)، في حين أدى انتعاش السفر بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة إلى تعزيز توقعات الطلب على الوقود.