رهان «أبل» على سلسلة التوريد .. هل ستجني الكثير؟

رهان «أبل» على سلسلة التوريد .. هل ستجني الكثير؟

ما مقدار الربح الذي ستجنيه شركة أبل من سلسلة توريد خاصة بها، بينما تتعمق أكثر في صنع المكونات الرئيسة لمنتجاتها؟ ومع زيادة ربحها، هل ستفرض تغييرات على قاعدتها للتوريد التي ستؤدي في الواقع، على المدى الطويل، إلى مخاطر أكبر على أعمالها التجارية؟
برزت هذه الأسئلة مرة أخرى الأسبوع الماضي مع تقارير تفيد بأن "أبل" تمضي قدما في خططها لاستبدال رقائق الاتصالات اللاسلكية لأجهزة آيفون التي تصنعها شركتا برودكوم وكوالكوم، ولصنع شاشات عرض خاصة بها. وفقا لـ"بلومبيرج"، لا تزال هذه التغييرات بعيدة المنال. لكنها على ما يبدو جزء من تطور حتمي شهد بالفعل تولي "أبل" مسؤولية "أدمغة" السيليكون في أجهزة آيفون وأيباد، إضافة إلى عدد متزايد من أجهزة ماك.
يبدو أن الإجابة عن السؤال الأول، ما مقدار الربح الذي يمكن لـ"أبل" أن تجنيه؟ كثير. تتطلع كل من شركتي برودكوم وكوالكوم، من بين أكثر الشركات ربحية في قطاع الرقائق، إلى "أبل" لتمثل نحو خمس مبيعاتهما، ما يمثل هدفا مثيرا.
لكن الدفع بشكل أعمق إلى تكنولوجيات المكونات لا يتعلق أساسا بالمطالبة بقطعة أكبر من الكعكة لنفسها. كما هي الحال دائما مع "أبل"، يتم تحديد استراتيجية التكنولوجيا وفقا لاحتياجات المنتج: الأسعار الأعلى التي تعني أن الأرباح ستتحقق ذاتيا.
وضع تيم كوك الهدف في 2009، قبل عامين من توليه منصب الرئيس التنفيذي، عندما قال "إن (أبل) تريد امتلاك التكنولوجيات الأساسية التي تقف وراء المنتجات التي نصنعها وتتحكم فيها"، وقال أيضا "إنها لن تشارك إلا في الأسواق التي يمكننا فيها تقديم مساهمة كبيرة".
كان إنتاج رقائقها الخاصة النتيجة الأكثر وضوحا لهذه الاستراتيجية. أسهم ذلك في إطالة عمر البطارية وتحسين الأداء العام لجهاز آيفون. أذهل معالج إم 1، أول معالج من تصميم "أبل" لأجهزة ماك وآيباد، صناعة الرقائق بأدائه العالي عندما تم الكشف عنه أواخر 2020.
لكن حتى لو لم يكن الحافز الأساسي، فمن المرجح أن تكون الآثار المالية كبيرة. إن القول إن "أبل" تصنع أي شيء هو مبالغة لمعنى الكلمة، فهي تصمم المنتج وتتحكم في العملية، لكنها تتعاقد مع شركات فرعية أخرى لعملية التجميع الفعلي أو التصنيع.
نتيجة لذلك، جاءت الزيادة الأخيرة في مبيعاتها -والأرباح- دون الحاجة إلى ضخ مزيد من رأس المال في عملياتها. قفز عائدها على رأس المال المستخدم نحو 20 نقطة مئوية في 2021، إلى 48 في المائة. العام الماضي، قفز مرة أخرى إلى تقريبا 60 في المائة.
هذا ضعف العائد على رأس المال المستخدم في شركتي ألفابيت ومايكروسوفت، شركتان غالبا ما يعتقد أنهما تأسستا على نموذج عمل برمجيات متفوق بطبيعته على نموذج "صانع أجهزة" مثل "أبل".
مع ذلك، فإن شرط كوك بأن "أبل" تدخل الأسواق حيث يمكنها تقديم "مساهمة كبيرة" يرفع سقف المعايير. التغلب على بعض المبتكرين الأكثر نجاحا في عالم التكنولوجيا في مجال اختصاصهم يتطلب استثمارات ضخمة ووقتا طويلا.
لقد مرت تقريبا أربعة أعوام منذ أن اشترت "أبل" قسم شركة إنتل الذي يصنع أجهزة مودم لاسلكية مستخدمة في الهواتف الذكية، ما رفع التوقعات بأن القسم المذكور سيحل محل "كوالكوم" سريعا. حتى الآن، ربما لا تزال هذه الخطوة على بعد عامين، وفقا لـ"بلومبيرج". توقعت "كوالكوم" أن تكون أجهزة مودم 5G الخاصة بها في خمس فقط أجهزة آيفون الجديدة التي ستطلقها "أبل" في وقت لاحق من هذا العام، لكنها قالت أخيرا "إن المكونات ستكون الآن في الأغلبية العظمى من الهواتف".
كما استغرق الانتقال إلى الشاشات بعض الوقت. اشترت "أبل" شركة لوكس فيو، المتخصصة في الشاشات منخفضة الطاقة، في 2014، ما أدى إلى تكهنات متكررة على مر الأعوام بأنها ستحل قريبا محل موردين مثل "سامسونج" و"إل جي". لكن إذا كان التقدم بطيئا، فإن الاتجاه واضح.
كان تأثير كل هذا في الموردين عميقا. نظراً لأن "أبل" قد طالبت بمزيد من أعمال التصميم، تم دفع الموردين نحو أنشطة ذات هامش أقل ومزيد من الأنشطة التي تتطلب رأسمال أكبر. أدى ذلك إلى التركيز على النطاق وتركز قاعدة العرض.
بدأت المخاطر في أعمال "أبل" الناتجة عن هذا التركز في الظهور بشكل أوضح. تشمل الاحتجاجات العنيفة العام الماضي في مصنع أجهزة آيفون العملاق التابع لشركة فوكسكون في مدينة تشنجتشو بسبب سياسة الصين بشأن كوفيد - 19. في الوقت نفسه، أبرز التهديد الأمني المحتمل لتايوان اعتمادها على شركة تي إس إم سي لصناعة الرقائق.
يبدو أن بعض التنويع محتمل، سواء في نطاق الموردين ومواقعهم، لكن سيكون من الصعب تعويض تأثيرات استراتيجية التكنولوجيا التي تتبعها "أبل". تم بالفعل إعادة إنشاء أجزاء كبيرة من سلسلة التوريد العالمية للإلكترونيات حول أجهزة آيفون. العملية بعيدة كل البعد عن الانتهاء.

الأكثر قراءة