ما الذي حل ببحث جوجل؟

ما الذي حل ببحث جوجل؟

كان محرك بحث جوجل يوما من الأيام أحد عجائب عالم الإنترنت، صفحاته المرتبة والمنظمة من النتائج التي تمت تصفيتها بدلا من الخوض في كم من المعلومات التي لا يمكن إدارتها على الإنترنت. كان كذلك حتى أصبح مزدحما بالإعلانات. الآن أكبر محرك بحث في العالم أقل شبها بالموسوعة، وأقرب لكونه دليلا تجاريا.
ابحث عن كلمة بحث يمكن أن تكون أيضا منتجا - أجهزة استنشاق الربو، مثلا - وستضطر إلى إنزال الصفحة متجاوزا ما يصل إلى أربعة إعلانات كبيرة قبل الوصول إلى نتائج غير مدعومة. ابحث عن ملابس وستمتلئ الصفحة الأولى بأكملها بشركات تأمل في أن تبيع لك. حتى النتائج غير الإعلانية قد تبدو مثل إجابات خاطئة، مع روابط مليئة بكلمات طنانة حتى تمنحها "جوجل" ترتيبا أعلى.
علقت "جوجل" وشركتها الأم "ألفابت" في المعضلة التي تواجه جميع الشركات التي تعتمد على الإعلانات الرقمية. ضع الإعلانات في أعلى الصفحة وشاهد الإيرادات ترتفع في حين تتدنى تجربة المستخدم. في المجموعة الأخيرة من النتائج ربع السنوية، كانت إيرادات بحث "جوجل" المدفوعة أفضل 2 في المائة مما كان متوقعا. لكن كان هناك ارتفاع ملحوظ في الشكاوى. في تشرين الثاني (نوفمبر)، وصف بودكاست فريكونوميكس محرك البحث بأنه مجموعة من الحيل الرخيصة. قبلها ببضعة شهور، سألت مجلة "أتلانتيك" عما إذا كان يحتضر.
قد يبدو التذمر من خدمة مجانية غير مجد. محرك بحث جوجل جزء من شركة بقيمة تريليون دولار مدعومة بالإعلانات الرقمية. بغض النظر عن الأفكار التجارية الطموحة جدا مثل تخزين الكهرباء في الملح، شكلت إعلانات "جوجل" ما يقارب أربعة أخماس إيرادات "ألفابت" في الربع الأخير.
تقول الشركة إن هدفها دائما هو تقديم "إعلانات مفيدة". كما علقت بأن الإعلانات لا تظهر في كل نتيجة بحث. لكن ازدحام الإعلانات سيكون أكثر قبولا إذا كانت الخدمة الأساسية تتحسن بشكل ملحوظ بالوتيرة نفسها. مثال "جوجل" على إحدى التحسينات هو حقيقة أن نتائج البحث أصبحت تظهر مزيدا من الصور الآن. بالتأكيد أصبح هذا مفيدا بالمصادفة للمعلنين أيضا. كانت التحسينات الأخرى أبطأ في الظهور. مثلا، لا يزال المحتوى المدفوع غير ملحوظ بحد ذاته. كما أن البحث عن كلمات منطوقة في مقطع فيديو دون نص غير ممكن - مع أن هناك تجربة جارية في الهند.
عندما تم إطلاقه في أواخر التسعينيات، كان محرك بحث جوجل واحدا من محركات بحث عديدة. لكن خوارزمية "بيج رانك" التي عمل عليها لاري بيج وسيرجي برين، التي رتبت مواقع الويب حسب عدد المرات التي تم ربطها بصفحات أخرى، تعني أن محركهما للبحث كان الأفضل في إظهار النتائج ذات الصلة. وسرعان ما أصبح الأكثر شعبية.
من الناحية النظرية، سيغادر المستخدمون ويذهبون إلى محرك غيره إذا كان مستوى الخدمة في تراجع. لكن محرك بحث جوجل ليس لديه منافسون حقيقيون. متى كانت آخر مرة استخدمت فيها محرك بحث مايكروسوفت "بينج" أو "داك دك جو"؟ إن انتشار متصفح "كروم" من "جوجل" وحقيقة أن الشركة تدفع لشركة أبل ليكون محرك البحث الافتراضي يمنحه ميزة كبيرة. يدعي محرك داك فايكونوميك جو أيضا أن منافسي "جوجل" يواجهون صعوبة لأنهم لا يستطيعون تتبع ارتباطات، أو زيارة، العدد نفسه من المواقع للبحث عن روابط.
هل سيتغير شيء؟ هناك تحد خطير، وإن كان بطيئا، من مسؤولي مكافحة الاحتكار الذين يستهدفون ترويج "جوجل" لخدماتها. كما قد يأتي تهديد أكثر إلحاحا من روبوت دردشة الذكاء الاصطناعي، تشات جي بي تي من "أوبن إيه آي". هناك تقارير تفيد بأن "مايكروسوفت"، التي تستثمر في "أوبن إيه آي"، ستستخدمه حتى يتمكن "بينج" من الرد على الأسئلة بإجابات بدلا من روابط إلى مواقع الويب. لكن استثمار جوجل في الذكاء الاصطناعي ربما يحبط هذا التهديد.
في الوقت نفسه، سيتعين علينا التكيف مع انتشار الإعلانات. تماما كما عودنا أنفسنا على استخدام الكلمات المفتاحية عند البحث في الإنترنت، ربما نبدأ في استخدام بحث جوجل للشراء بدلا من البحث عن أسئلة واقعية. قد يكون التغيير إيجابيا. إن إسناد معرفتنا الجماعية إلى شركة تكنولوجية واحدة لم يكن منطقيا منذ البداية.

الأكثر قراءة