الصناديق المتداولة تتصدر المشهد في خضم رياح 2022 المعاكسة

الصناديق المتداولة تتصدر المشهد في خضم رياح 2022 المعاكسة

ربما كان العام الماضي أحد أسوأ الأعوام على الإطلاق للأسواق العالمية، لكن قطاعات من صناعة صناديق المؤشرات المتداولة حطمت أرقاما قياسية جديدة في عام قوي عموما أكد النمو المتسارع للأدوات الاستثمارية.
اجتذبت الصناديق المتداولة تدفقات داخلة صافية بلغت 867 مليار دولار عالميا خلال العام، ثاني أعلى مستوى مسجل بعد الرقم القياسي 1.29 تريليون دولار في 2021، وفقا لبيانات من "بلاك روك"، على الرغم من انهيار السوق.
لكن عددا من فئات الأصول أدت أفضل وحققت أعلى تدفقاتها على الإطلاق على الرغم من الرياح المعاكسة. قالت "بلاك روك" إن الصناديق المتداولة في السندات الحكومية شهدت تدفقات داخلة صافية بلغت 181 مليار دولار، أكثر من الأعوام الثلاثة السابقة مجتمعة، محطمة أرقاما قياسية عبر المنحنى، في صناديق الاستحقاق القصيرة والمتوسطة والطويلة والمختلطة.
في حين تباطأت التدفقات الإجمالية إلى الصناديق المتداولة في الأسهم إلى 598 مليار دولار من تريليون دولار في 2021، سجلت أسهم الأسواق الناشئة رقما قياسيا جديدا وجذبت 110 مليارات دولار. كما حطمت بعض القطاعات الدفاعية أفضل مستوياتها السابقة في 2022، مثل الرعاية الصحية "20 مليار دولار" والمرافق "ستة مليارات دولار".
لكن لم يكن كل شيء ورديا. شهدت السندات المرتبطة بالتضخم "-14.6 مليار دولار" وديون الأسواق الناشئة "-9.2 مليار دولار" تدفقات خارجة قياسية، وكذلك الصناديق المتداولة في الأسهم التي ركزت على القطاع المالي "-16 مليار دولار"، بعد عام من تسجيلها أقوى تدفقات داخلة على الإطلاق بـ47.2 مليار دولار.
عانت الصناديق المتداولة التي تستهدف أسواق الأسهم الأوروبية ثالث أكبر تدفق خارجي لها على الإطلاق، بلغ 16.8 مليار دولار.
قال روري توبين، رئيس أعمال صندوق إس بي دي آر جلوبال، "لقد ابتعد المستثمرون عن الأسهم الأوروبية واسعة النطاق لأن المنطقة تأثرت بالحرب في أوكرانيا وارتفاع التضخم وتشديد السياسة النقدية أقوى مما كان متوقعا في البداية".
على نطاق أوسع، استمر المستثمرون العالميون في وضع ثقتهم في الصناديق المتداولة، على الرغم من غرق حيازاتهم الحالية في الخسارة.
قال كريم شديد، رئيس استراتيجية الاستثمار في "آي شيرز" التابعة لـ"بلاك روك" في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، "بصفتها صناعة عالمية، على الرغم من مدى صعوبة 2022 على الأسواق عموما، بانخفاضات من أرقام زوجية في الأسهم والسندات، فقد كان عاما جيدا".
أضاف شديد، "كان هذا ثاني أكبر عام للتدفقات على الإطلاق، لكن كانت هناك ظروف مختلفة جدا للعامين. في 2021 كانت تشهد الأسهم ارتفاعا وتمتعنا ببيئة إيجابية للإقدام على المخاطر. 2022 كانت بيئة سلبية لكن ظل المستثمرون يستخدمون الصناديق المتداولة لإجراءات تخصيص الأصول".
قال سكوت كرونيرت، الرئيس العالمي لأبحاث الصناديق المتداولة في "سيتي"، إن تدفقات العام بأكمله البالغة 589 مليار دولار إلى أدوات الاستثمار المدرجة في الولايات المتحدة "تبدو مثيرة للإعجاب، على الرغم من أنها لا ترقى إلى الأرقام القياسية السابقة، نظرا إلى ضعف عوائد الأسهم العالمية إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة".
تشير المرونة إلى قوة استراتيجية "المزايدة الهيكلية" المستمرة في الصناديق المتداولة مع تبني المستثمرين لهذه الصناديق بصورة متزايدة على حساب الصناديق المشتركة، ولا سيما في الولايات المتحدة، أكبر سوق استثمارية حتى الآن.
وفقا لبيانات من "إنفستمنت كومباني انستيتوت"، هيئة تجارية، بدءا من 28 كانون الأول (ديسمبر)، شهدت الصناديق المتداولة تدفقات داخلة صافية بلغت 611 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال 2022، في حين عانت الصناديق المشتركة طويلة الأجل "باستبعاد صناديق سوق المال الشبيهة بالنقد" تدفقات صافية خارجة بلغت 1.1 تريليون دولار.
"في حين أن الصناديق المتداولة موجودة منذ ما يقارب ثلاثة عقود، يبدو الأمر كما لو أن نمو الصناعة لا يزال يتسارع"، كما قال نيت جيراسي، رئيس شركة أي تي إف ستور للاستشارات الاستثمارية، الذي توقع أن التدفقات الداخلة في الولايات المتحدة وحدها هذا العام ستتجاوز تريليون دولار.
"في حين أنها كانت على هذا الحال منذ فترة، أعتقد أننا سننظر إلى 2022 على أنه العام الذي سلمت فيه الصناديق المشتركة المسؤولية رسميا إلى الصناديق المتداولة. الصندوق المشترك على وشك الفناء الآن بصفته أداة استثمارية. عصر الصناديق المتداولة قد حان".
عموما، أثبتت الصناديق المتداولة ذات الدخل الثابت مرونتها تحديدا العام الماضي، حيث بلغ صافي التدفقات الداخلة العالمية 266 مليار دولار بما يتماشى عموما مع 280 مليار دولار في 2021، و269 مليار دولار في 2020.
مع ذلك، كان هناك تحول دراماتيكي تحت السطح. شكلت السندات الحكومية - خاصة سندات الخزانة الأمريكية - 68 في المائة من تدفقات الدخل الثابت، أي أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة في 2021.
يعتقد شديد أن تدفقات الدخل الثابت في النصف الأول من 2022 كانت إلى حد كبير بمنزلة تجارة الملاذ الآمن "حيث توافد المستثمرون على الأصول الدولارية، خصوصا سندات الخزانة".
لكن الشراء في النصف الثاني من العام كان مدفوعا بارتفاع العوائد، حيث أصبحت السندات ذات العائد السلبي، أخيرا، في طيات التاريخ.
قال شديد، "حتى مع أن 2022 كان عاما صعبا للغاية على الدخل الثابت على أساس العائد الإجمالي، فقد شهدنا زيادة في شراء الانكشافات التي لم تكن تحقق عائدا من قبل، لكنها أصبحت تحققه الآن".
شهدت زيادة المخاطرة الناتجة عن ذلك طلبا قويا على سندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية بحلول الربع الثالث من العام وسندات العائد المرتفع بحلول الربع الرابع - ما أدى إلى تجنب ما بدا أنه تدفق خارجي قياسي من الفئة الأخيرة.
من ناحية الأسهم، ربما تبدو مرونة الأسواق الناشئة مفاجئة، بالنظر إلى أن تشديد السياسة النقدية الأمريكية وارتفاع الدولار عادة ما يكونان مزيجا ساما للأسواق الناشئة.
مع ذلك، قال شديد إن كثيرا من الأسواق الناشئة قد دعمت أسواقها بشروعها في دورات رفع أسعار الفائدة قبل الاحتياطي الفيدرالي، ومع مرور 2022، "بدا أن الأسواق الناشئة في دورة مختلفة قليلا عن الدورات النقدية ودورات النمو في الأسواق المتقدمة".
مع ذلك، ربما شكلت عمليات الشراء الصينية المحدودة نصف التدفقات الداخلة إلى الأسواق الناشئة، حيث ضخت صناديق منطقة آسيا والمحيط الهادئ المتداولة والمدرجة صافي قدره 52 مليار دولار في سوق الأسهم الصينية.
على مستوى القطاع، تصدرت صناديق التكنولوجيا القائمة، على الرغم من عمليات البيع الكثيفة المؤلمة، بجمعها 25.6 مليار دولار.
مع ذلك، حدث انقسام في توجهات ضفتي الأطلسي تجاه الاستثمار "المستدام". تراجع صافي التدفقات إلى الصناديق المتداولة المستدامة المدرجة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من 100 مليار دولار إلى 54 مليار دولار، بما يتماشى مع التخفيف الأوسع للتدفقات الداخلة إلى صناديق الأسهم. لكن وسط رد فعل عنيف ضد بعض مبادئ "الاستدامة" في الولايات المتحدة، انهارت التدفقات الداخلة هناك من 39 مليار دولار إلى خمسة مليارات دولار فقط.
يرى شديد أن الأداء الضعيف لعب دورا في تراجع الحماس في الولايات المتحدة، لكنه أضاف، "الاتجاه أقوى بكثير في أوروبا. لم يكن أبدا بالقوة نفسها في الولايات المتحدة على أي حال. الأنظمة مختلفة. في أوروبا محركات السوق أقوى وأكثر ثباتا".

الأكثر قراءة