سوق النفط .. المتعاملون يترقبون مؤشرات بشأن مسار الفائدة الأمريكية ومستقبل الطلب

سوق النفط .. المتعاملون يترقبون مؤشرات بشأن مسار الفائدة الأمريكية ومستقبل الطلب
تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض الإنتاج الروسي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا.

تلقت أسعار النفط الخام دعما قويا بعدما تعززت حصة الصين من واردات النفط الخام مع تجدد الآمال في انتعاش الطلب في أكبر مشتر في العالم، حيث أصدرت الصين دفعة جديدة من حصص استيراد النفط الخام وذلك في إشارة إلى أنها تستعد لتلبية الطلب المتزايد.
وساعد على مكاسب أسعار النفط الخام ضعف الدولار الأمريكي وفق العلاقة العكسية بينهما، وذلك بعدما شهد النفط الخام بداية بطيئة لهذا العام، مسجلا انخفاضا بنسبة 8 في المائة في الأسبوع الماضي فيما ينتظر المتداولون إشارات على زيادة كبيرة في الطلب الصيني.
وتوقع بنك "جولدمان ساكس" أن يؤدي النمو القوي في الطلب العالمي على النفط إلى دفع أسعار النفط الخام إلى ما يزيد على 100 دولار للبرميل هذا العام، وقد يتم تداول خام برنت عند 105 دولارات للبرميل بحلول الربع الرابع.
ويقول محللون نفطيون، إن إعادة فتح الصين وصدور حصص واردات النفط الخام الضخمة المخصصة للتو لمصافي التكرير الخاصة في أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، تشير إلى التوقعات بأن الطلب الصيني يتجه نحو الانتعاش بمجرد الخروج تماما وتلاشي كل آثار جائحة كوفيد.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية: إن أسعار النفط الخام بدأت الأسبوع الجاري بمعنويات قوية وعالية وزادت المكاسب بعد إعادة فتح حدود الصين في نهاية الأسبوع الماضي بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام من الإغلاق.
وأشار إلى أن السوق النفطية تركز حاليا على التوقعات الأكثر إشراقا للطلب على النفط بدلا من المخاوف من أن الركود الاقتصادي وشيك في الاقتصادات المتقدمة، لافتا إلى توقعات صادرة عن بنوك استثمارية عالمية تشير إلى أن توقعات نمو الطلب القوي هذا العام ستسمح لتحالف "أوبك +" بتخفيف قيود خفض الإنتاج خاصة في النصف الثاني من العام الجاري.
من جانبه، يقول روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات: إن سياسات تحالف "أوبك +" نجحت في الحفاظ على مستوى قوي للأسعار لتعزيز الاستثمارات الجديدة وتجنب الدخول في موجة حادة من هبوط الأسعار تؤثر سلبا في اقتصادات الدول المنتجة وكل أطراف الصناعة الأخرى.
ورجح أن إعادة فتح الصين قبل حلول عيد رأس السنة القمرية - وهو موسم السياحة والتنقل الرئيس في آسيا - سيقفز بمستويات استهلاك الوقود والطاقة وهو ما قد يرفع أسعار النفط بمقدار 15 دولارا للبرميل كما قد يرتفع طلب الصين بمقدار مليون برميل يوميا في المتوسط بين عامي 2022 و2023، حسب بنوك استثمارية دولية.
من ناحيته، يقول ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز: إن وضع الإمدادات النفطية الروسية يظل هو الهاجس الأكبر في سوق النفط الخام في العام الجديد، خاصة بعدما وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية العام الماضي مرسوما بشأن التدابير المضادة ضد فرض حد أقصى لأسعار النفط، وفي ظل الحظر المرتقب في فبراير المقبل على المنتجات النفطية الروسية.
وأشار إلى أن حسابات السوق تبدلت منذ فرض مجموعة الدول السبع سقفا يبلغ 60 دولارا للبرميل من النفط الروسي، كما أن هناك حظرا على بيع النفط والمنتجات النفطية إذا كان عقد البيع يستند إلى حد أقصى لسعر النفط الروسي، لافتا إلى أن السوق تواجه حاليا سيناريو مخاطر العرض بدرجات متفاوتة لكنها موجودة خاصة بعد تأكيد ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي أن إنتاج النفط الروسي قد ينخفض بنسبة 5-7 في المائة بسبب عقوبات مجموعة السبع على القطاع، بينما تتوقع "أوبك" أن يسجل إنتاج السوائل الروسية انخفاضا بمقدار 850 ألف برميل يوميا إلى متوسط 10.1 مليون برميل يوميا عام 2023 فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض الإنتاج الروسي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا.
وبدورها، تقول جولميرا رازيفا كبير المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان: إن الحكومات الأوروبية تسعى حثيثا لتثبيط مزيد من الطلب على الوقود التقليدي، ويساعدها دفء فصل الشتاء حتى الآن في نصف الكرة الشمالي، موضحة أن الشتاء المعتدل أسهم في حدوث زيادة كبيرة في تخزين الغاز، لافتة إلى أن خطط الانفصال الأوروبي عن الطاقة الروسية تسير قدما خاصة بعدما حلت النرويج محل روسيا كأفضل مورد للغاز في ألمانيا في مقابل اتجاه روسيا إلى التوسع في صادرات النفط والغاز إلى أسواق الهند والصين.
وأشارت إلى أن أسعار الغاز الباهظة أثرت أيضا في الاستهلاك في أوروبا بالطريقة التي تؤثر بها الأسعار المفرطة دائما في استهلاك سلعة ما، لافتة إلى أن أسعار الغاز القياسية الأوروبية سجلت نحو خمسة أضعاف ما كانت عليه عام 2019.
من ناحية أخرى، استقرت أسعار النفط أمس مع ترقب المتعاملين لمؤشرات بخصوص خطط مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" المتعلقة برفع أسعار الفائدة لمعرفة تداعيات ذلك على الاقتصاد والطلب على الوقود.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم مارس 27 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 79.92 دولار للبرميل، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 35 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 74.98 دولار للبرميل.
ويقول صناع السياسات النقدية في المركزي الأمريكي إن بيانات التضخم الجديدة التي ستصدر يوم الخميس ستساعدهم على اتخاذ قرار بشأن إمكانية إبطاء وتيرة رفع سعر الفائدة في اجتماعهم المقبل إلى ربع نقطة مئوية بدلا من رفعه بمعدلات أكبر مثلما حدث في معظم العام الماضي.
وقفز الخامان 1 في المائة الإثنين بعدما فتحت الصين حدودها في مطلع الأسبوع لأول مرة منذ ثلاثة أعوام.
وكشف استطلاع أولي أجرته "رويترز" أمس الأول أن من المرجح انخفاض مخزونات الخام الأمريكية 2.4 مليون برميل، بينما ستسجل مخزونات نواتج التقطير انخفاضا طفيفا.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 77.57 دولار للبرميل الإثنين مقابل 76.15 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني ارتفاع له على التوالي وإن السلة خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 82.05 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة