هل أصبحت أدوية إنقاص الوزن بديلا عن جراحة السمنة؟
كان الطلب المتزايد والعرض الشحيح لفئة جديدة من أدوية السمنة قد أشعلا سباقا بين عديد من أكبر شركات الأدوية في العالم بهدف تطوير أدوية متنافسة لسوق من المتوقع أن تبلغ إيراداتها السنوية 50 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي.
"إيلي ليلي" و"أمجين" و"فايزر" و"ريجنيرون"، هي من بين الشركات التي تهدف إلى التنافس مع شركة نوفو نورديسك الرائدة في السوق في فئة يقول المحللون إنها أصبحت سريعا من أولويات الرعاية الصحية وأنها يمكن أن تنتج عديدا من علاجات السمنة الرائجة في العقد الجاري.
كان علاج ويجوفي من نورديسك، الذي أظهرت التجارب في مراحلها المتأخرة أنه يتسبب في فقدان 15 في المائة في متوسط الوزن من أجسام المرضى، قد أثبت شعبيته الكبيرة منذ إطلاقه في 2021، لدرجة أن الدواء كان غير متوافر لمدة عام تقريبا.
مونجارو، وهو دواء مشابه تسوقه شركة ليلي لعلاج مرض السكري لكن من المتوقع أن يحصل على الضوء الأخضر من المنظمين العام المقبل لعلاج السمنة، هو الآخر متوافر بكميات شحيحة على الأقل جزئيا بسبب استخدامه دون تصريح من قبل مرضى السمنة.
كان عديد من الأطباء في الماضي في السابق يعزفون عن وصف أدوية معالجة السمنة بسبب وصمة العار التي تحيط بحالة يعتقد البعض أنه يمكن علاجها من خلال الحمية والتمارين الرياضية، وأيضا بسبب الآثار الجانبية الخطيرة التي كانت تتسبب فيها الأجيال السابقة من أدوية الحمية.
لكن فاعلية الأدوية الجديدة، التي يمكن أن تؤدي في بعض الحالات إلى فقدان الوزن لدرجة تعادل جراحة السمنة، استطاعت تغيير المواقف في أوساط الأطباء والجمهور.
قال إيفان سيجرمان، المحلل في بي إم أوه كابيتال ماركتس، "هذه الفئة الجديدة من الأدوية تنظم دورة الجوع-الشبع لدى الناس بشكل أساس كما تمكن الأطباء من علاج السمنة باعتبارها حالة طبية". أضاف، "إنها تتسبب في كثير من الإثارة بين المستثمرين لأن إجمالي السوق الموجهة إليها ضخمة للغاية".
يعاني أكثر من أربعة أشخاص بين عشرة بالغين أمريكيين السمنة المفرطة، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، التي قدرت التكاليف الطبية السنوية لعلاج هذه الحالات بنحو 173 مليار دولار في 2019. توقع بنك جيه بي مورجان أخيرا أن قيمة سوق أدوية السمنة العالمية ستصل إلى أكثر من 50 مليار دولار بحلول 2030.
يعرف كل من عقاري ويجوفي ومونجارو بمقاومات الببتيد 1 "جي إل بي ـ1" الشبيهة بالجلوكاجون، التي تم تطويرها للمساعدة على التحكم بمستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري. وتستهدف هذه الأدوية منطقة في الدماغ مسؤولة عن تنظيم الشهية ويمكن أن تؤدي إلى فقدان الوزن بشكل كبير لدى المرضى عند أخذها كحقنة تحت الجلد مرة واحدة أسبوعيا.
يتمتع دواء ويجوفي من شركة نوفو بمكانة رائدة في السوق، لكن المحللين يقولون إن اختناقات سلسلة التوريد الناجمة عن الطلب القوي والعقبات التصنيعية أعطت شركة ليلي فرصة للمنافسة بقوة وذلك عندما تتم الموافقة على دواء مونجارو لعلاج السمنة. على المدى المتوسط إلى الطويل، من المتوقع أن تصبح المنافسة في سوق هذه الفئة الجديدة من أدوية جي إل بي -1 شرسة بعد أن تطرح شركات الأدوية المنافسة علاجات جديدة.
في الشهر الماضي، نشرت شركة أمجين بيانات مراحل تجاربها السريرية الأولية تظهر أن المرضى الذين تناولوا جرعة عالية من عقار أمجين 133 المرتقب فقدوا ما يقارب 15 في المائة من وزن الجسم في 85 يوما فقط. كانت هذه النتيجة قد تم تحقيقها على أساس نظام الجرعات الشهرية، وليس بالوتيرة اللازمة لكل من عقاري ويجوفي ومونجارو أسبوعيا.
يعمل أمجين 133 بطريقة مشابهة لأدوية نوفو وليلي للسمنة كمقاوم لـجي إل بي -1، التي تعمل على الحد من شهية المريض. لكن في حالة الانقطاع عن تعاطي هذه الأدوية، يرتبط الجسم المضاد أيضا بمستقبل هرموني يسمى ببتيد الأنسولين المعتمد على الجلوكوز "جي أي بي" ويمنعه.
يعتقد بعض الباحثين أن منع إفراز هذه الهرمونات في القناة الهضمية بعد تناول الطعام يمكن أن يقلل من أخذ الطاقة بينما يزيد من إحراقها، وهذا ما يؤدي إلى فقدان الوزن.
قال سبتارسي هالدار، نائب رئيس شركة أمجين للأبحاث الذي يشرف على أمراض القلب والأوعية الدموية، "إن ضرب هدفين في وقت واحد بنوع محدد جدا من الاتجاهية، عبر تثبيط أحدهما وفي الوقت نفسه تحفيز الآخر، هو في الواقع مسألة مهمة من الناحية البيولوجية".
تتوقع شركة أمجين أن هذه الآلية ستمكن دواءها من تحقيق خسارة الوزن بشكل دائم أكثر من أدوية جي إل بي -1 المقاومة.
أصدرت شركة أمجين في أوائل كانون الأول (ديسمبر) بياناتها الخاصة بالمرحلة الأولى أظهرت أن المرضى حافظوا على انخفاض وزن الجسم بنسبة من خانتين - 11.2 في المائة للأشخاص الذين تناولوا جرعة عالية - ولغاية 150 يوما بعد آخر ثلاث جرعات أخذوها من الدواء.
قال جويل نيوتل، الباحث الرئيس في تجربة أمجين السريرية، "يستمر فقدان الوزن حتى بعد توقف المرضى عن تناول الدواء، والسبب في ذلك هو أنهم يتناولون سعرات حرارية أقل ويأكلون وجبات أصغر. إنها عادة يتعلمونها".
كما قال المحللون إن دواء أمجين 133 يبشر بالخير، لكنهم حذروا من أن الشركة ستحتاج إلى تكرار هذه النتائج في التجارب السريرية للمرحلتين الثانية والثالثة حتى تحصل على موافقة للدواء. وقالوا إنه إذا نجحت في ذلك، فستظل الشركة متأخرة عدة أعوام عن نوفو وليلي.
قالت شركة فايزر في 12 ديسمبر، التي أصبح لديها فائض من الأموال بعد نجاحها في تطوير لقاحات وعلاجات كوفيد- 19، إنها تخطط للمضي قدما في تجربة المرحلة المتأخرة من دواء جي إل بي-1 الذي يؤخذ عن طريق الفم ويمكن أن يعالج مرض السكري والسمنة. في مناسبة حضرها المستثمرون، روجت الشركة لإمكانية تحقيقيها عشرة مليارات دولار من المبيعات السنوية بحلول 2030 - أشار المحللون إلى أن الحبوب التي تؤخذ مرة واحدة في اليوم قد تكتسب ميزة تنافسية على الحقن الأسبوعية أو الشهرية.
لكن لا تزال شركة ريجينيرون في مرحلة مبكرة من تطوير الدواء. حيث أجرت شركة التكنولوجيا الحيوية ومقرها نيويورك بحثا جينيا مكثفا لإيجاد تحور في الجين الذي يحمي الناس من السمنة.
قال أريس باراس، نائب الرئيس الأول لشركة ريجينيرون فارماسوتيكالز، إن الجين جي بي آر 75 له "أكبر حجم تأثير" لكل المتحورات الجينية التي تم اكتشافها على الإطلاق، فالأشخاص الذين يحملون هذا المتحور هم أقل عرضة للإصابة بالسمنة بـ60 في المائة على الأقل.
تعتقد الشركة أن الجين واعد جدا لدرجة أنها تحاول من خلال ثلاث طرق مختلفة إنتاج دواء له.
داخليا، يعمل الدواء على جسم مضاد يمكن إعطاؤه كحقنة. كما دخلت ريجينيرون في شراكة مع شركة أسترا زينيكا لخبرتها في الكيمياء، لصنع قرص الدواء، ومع ألنيلام فارماسوتيكالز في بوسطن، لاستخدام طريقتها الجديدة في إسكات الجينات، التي تسمى تداخل آر إن أيه، لإنتاج حقنة يمكن أخذها مرتين في العام فقط.
قال باراس إن أدوية جي إل بي -1 من نوفو نورديسك وإيلي ليلي عدت "تطورا رائعا في هذا المجال". لكن هناك دواء آخر أو مجموعة من الأدوية لديها القدرة على زيادة فقدان الوزن، ويمكن أن تأتي دون آثار جي إل بي -1 الجانبية مثل الغثيان.
في دراسة أجريت على الحيوانات، شدد باراس على أنها نماذج غير كاملة، حيث أدت التغييرات التي طرأت على جين جي بي آر 75 إلى فقدانها الوزن على الأقل كما لو أنها كانت تتناول أدوية جي إل بي -1.
قال باراس، "إن الأدوية المتوافرة الآن لعلاج السمنة جيدة، لكنها ليست مثالية. فما زالت ستترك وزنا متبقيا كبيرا. سيكون أمرا رائعا أن نحقق مزيدا من فقدان الوزن المفيد".
فيما يقول خبراء الصحة إن تطوير أدوية فاعلة لعلاج السمنة لا يبدو أن لها آثارا جانبية خطيرة يساعد على تقليل المخاوف بشأن أدوية إنقاص الوزن. لكن هناك عقبات يجب التغلب عليها فيما يتعلق بإقناع شركات التأمين بتغطية تكاليف العلاج، حيث تم إدراج سعر دواء ويجوفي عند 1349 دولارا في الشهر.
لكن برنامج ميديكير لا يغطي علاجات السمنة، وهو نظام التأمين الفيدرالي الأمريكي للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما من ذوي الإعاقة. كما أن عديدا من شركات التأمين الخاصة لا تغطي هذه العلاجات أو أنها تضع قيودا على الحصول عليها.
قال باتريك أونيل، خبير السمنة في الجامعة الطبية في ساوث كارولينا، "إن العقبة الحقيقية التي تجب معالجتها هي الحصول على تغطية من قبل شركات التأمين لهذه الأدوية. هذا هو التحول الثقافي التالي المطلوب".