مؤشرات إيجابية على قرب تعافي الطلب .. فتح الصين حدودها يرفع أسعار النفط 3 %
تلقت أسعار النفط الخام دعما قويا بعد أن أعادت الصين فتح حدودها، حيث ارتفعت الأسعار بنحو 3 في المائة.
وأثار فتح الصين الحدود التفاؤل بأن البلاد ستجتاز بالفعل العزلة الذاتية المرتبطة بمكافحة وباء كوفيد.
كما تلقت الأسعار أيضا محفزا جيدا من توقعات تشديد السياسة النقدية الأقل حدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي وأدت إلى مؤشرات إيجابية في مسار تعافي الطلب، ما دعم انتشار توقعات صعودية للعام بأكمله في قطاع النفط.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن إعادة فتح الصين هي العامل الصعودي الرئيس لصعود أسعار النفط لكن في المقابل تظل المخاوف من الركود هي العامل الهبوطي الرئيس حيث سجل التضخم الأساسي في الاتحاد الأوروبي مستوى قياسيا في نهاية عام 2022 واستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع مستمر لأسعار الفائدة لترويض التضخم.
وذكر المحللون أن معنويات السوق النفطية تعود إلى المسار الإيجابي بعدما أظهرت بيانات دولية تشير إلى أن واردات المصافي الصينية المستقلة من المواد الخام لشهر ديسمبر ارتفعت للشهر الثالث على التوالي حيث قفزت 11.7 في المائة على أساس سنوي كما تحسنت هوامش التكرير وسط توقعات بانتعاش الطلب على النفط في ضوء تخفيف ضوابط السفر والتنقل بعد رفع قيود جائحة كورونا في جميع أنحاء البلاد.
وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن التقلبات ما زالت مستمرة لكنها ليست مصدر قلق خاصة مع عودة فتح الصين وتأكيد تحالف "أوبك +" جاهزيته للتدخل في حالة الضرورة لدعم استقرار وتوازن السوق من خلال إجراء تعديلات جديدة على مستويات الإنتاج.
وأشار إلى أن "أوبك" بثت أجواء إيجابية في السوق بعدما رصدت أحدث بياناتها توقعات بارتفاع الطلب على النفط هذا العام مقارنة بالعام الماضي، عادا أن مخاوف الركود العام هي المعطل الرئيس لوتيرة أوسع من المكاسب السعرية، لافتا إلى أن طبيعة السوق تشير إلى أن المنتجين لهم دور أكبر في تحديد اتجاه الأسعار أكثر من المشترين.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المختصة، إن ارتفاع أسعار النفط الخام ما زال يمثل عبئا كبيرا على اقتصادات عديد من الدول المستهلكة الكبيرة وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى الإفراج الهائل عن 180 مليون برميل من احتياطي النفط الاستراتيجي للولايات المتحدة وتزامن ذلك في خطوة مشتركة مع إصدارات احتياطي النفط الاستراتيجي من دول أخرى ومعظمها في أوروبا.
وذكر أن بمجرد الإفراج عن الـ180 مليون برميل تفكر الإدارة الأمريكية حاليا في سبل لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي رغم قيود إنتاج "أوبك +" وفي ظل دعوات متكررة لصناعة النفط الأمريكية لتعزيز الإنتاج التي تحولت في النهاية إلى تهديدات لكن لم تحدث حتى الآن أي مكاسب فعلية كبيرة في الإنتاج الأمريكي وهو ما يشكك بدوره في نجاح وجدوى قرار الإفراج عن الاحتياطيات الاستراتيجية.
من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن قرار قطع دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي للاستعانة بواردات النفط الروسي لمعاقبة موسكو على الحرب في أوكرانيا وتقليل عائدات روسيا النفطية لم يحقق أهدافه بعدما توجه الإنتاج الروسي سريعا نحو الأسواق الآسيوية وساعده على ذلك رفض الصين والهند الالتزام بسقف الأسعار كما أضيرت الدول الأوروبية والغربية جراء فرض حظر كامل على النفط والوقود.
وأشار إلى أن فرض الحد الأقصى لأسعار بيع النفط الروسي من جانب مجموعة السبع يهدف إلى إبقاء النفط الروسي يتدفق إلى الأسواق العالمية مع تقليل الأموال التي يمكن أن تتلقاها روسيا مقابل ذلك، موضحا أن هذا يبدو اعترافا كافيا بأن العالم خاصة الغرب لا يمكنه حقا التخلي عن النفط الروسي في غضون أشهر.
بدورها، قالت ليزا إكسوي المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة، إن المنتجين لديهم بالفعل القوة من أجل إدارة المعروض بكفاءة وبالتالي السيطرة نسبيا على الأسعار، مبينة أن الاتحاد الأوروبي قد توقف الآن عن شراء النفط الخام الروسي المحمول بحرا حيث يسعى إلى استبداله بنفط شرق أوسطي.
وأشارت إلى أن الصين والهند يستفيدون كثيرا من النفط الخام الروسي المخفض بينما تبقى المشكلة الرئيسة أنه لا تزال توقعات الطلب ضبابية بسبب تطورات كوفيد في الصين، لافتة إلى أن مشتري النفط في الولايات المتحدة وأوروبا يحتاجون إلى خامات "أوبك" أكثر في المرحلة الراهنة.
وفيما يخص الأسعار، عزز النفط مكاسبه أمس، إذ ارتفع بواقع 3 في المائة، عقب فتح الصين حدودها، ما أدى إلى دعم توقعات الطلب على الوقود وإحداث توازن مع المخاوف من حدوث ركود عالمي.
وجاء الانتعاش في إطار تعزيز أوسع نطاقا للإقبال على المخاطرة مدعوما بإجراءات الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم وآمال بإبطاء وتيرة رفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة، مع صعود الأسهم وهبوط الدولار. ويؤدي تراجع الدولار إلى جعل السلع المقومة بالدولار في متناول المستثمرين حائزي العملات الأخرى.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.38 دولار أو 3.03 في المائة إلى 80.95 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:12 بتوقيت جرينتش بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 76.13 دولار للبرميل بزيادة 2.36 دولار أو 3.2 في المائة.
وجاء الانتعاش بعد هبوط في الأسبوع الماضي بأكثر من 8 في المائة في أسعار الخامين القياسيين، في أكبر انخفاض أسبوعي لهما في بداية عام جديد منذ عام 2016.
وفي إطار "مرحلة جديدة" من الحرب على كوفيد - 19، فتحت الصين حدودها خلال مطلع الأسبوع للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام. ومن المتوقع أن يصل عدد الرحلات محليا إلى ملياري رحلة خلال موسم السنة القمرية الجديدة أي ما يقرب من ضعف حركة العام الماضي مستعيدة 70 في المائة من مستويات عام 2019، كما تقول بكين.
ورغم تعافي أسعار النفط أمس، ما زالت هناك مخاوف من أن يؤدي هذا التدفق الهائل للمسافرين إلى زيادة أخرى في الإصابات بكوفيد - 19 بينما تظل المخاوف الاقتصادية تلوح في الأفق.
وقالت تينا تنج المحللة في سي إم سي ماركتس في مذكرة إن" العقود الآجلة للنفط الخام شهدت أكبر خسائر أسبوعية لها منذ شهر بسبب مخاوف الركود لأن أسعار النفط ترتبط بشكل إيجابي بالتضخم منذ عام 2022 رغم أن إعادة فتح الصين قد تمنع الانخفاض في المدى القريب".
وفتحت الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، حدودها يوم السبت لأول مرة منذ ثلاثة أعوام، ما عزز توقعات طلبها على وقود النقل.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 76.17 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 75.79 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات على التوالي وأن السلة خسرت نحو 5 دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.29 دولار للبرميل.