صناعة البهجة تتراجع .. المسرح الفلسطيني يقاوم للبقاء
بعد اجتياز أكياس الرمل ومعوقات للدبابات الإسرائيلية، وضعها شبان فلسطينيون في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، يلخص المسرحي مصطفى شتا ببضع كلمات، صعوبة ممارسة المهنة في الأراضي الفلسطينية قائلا، "نحن في وضع غير طبيعي بتاتا".
وفي شوارع مخيم جنين، يخيم سكون بعد إعلان إضراب عام، وحداد دعا إليه السكان احتجاجا على مقتل فتاة فلسطينية على يد القوات الإسرائيلية في جنين قبل ساعات.
ومع تكرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنين في الأشهر الأخيرة، والاشتباكات المسلحة مع مقاتلين فلسطينيين، تتعرض قدرة المسارح المحلية على توفير البهجة للسكان إلى ضغوط متزايدة.
وقال شتا "42 عاما"، وهو مدير "مسرح الحرية" في جنين، "ليس الأمر كما لو أن هناك خطة واضحة في البرنامج، ... ثمة حاجة إلى تحضير سيناريوهات مختلفة".
وبعد أسابيع من التحضير لأحدث عروضهم "مترو غزة"، استيقظ الفنانون قبل ليلة الافتتاح ليجدوا أن ثلاثة فلسطينيين قتلوا في العملية الإسرائيلية الأخيرة.
وتساءل شتا "ماذا يمكننا أن نفعل؟ هل نستمر أو نتوقف ونلغي العرض؟". لكن في النهاية، صعد الممثلون على الخشبة وملأ 75 شخصا مقاعد المسرح المتواضع.
وقالت ياسمين شلالدة "30 عاما"، وهي ممثلة مقدسية تؤدي دور فتاة من غزة في المسرحية، "إنه من الضروري الاستمرار في العمل"، خصوصا في جنين.
وقتل أكثر من 40 فلسطينيا في منطقة جنين خلال عمليات إسرائيلية، بينهم نشطاء وأطفال، ومراهق مشارك في برنامج الشباب في المسرح، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وبعد جنين، توجه طاقم مسرحية "مترو غزة" في جولة شملت مدينة رام الله، مقر السلطة الفلسطينية، والقدس الشرقية المحتلة وأخيرا حيفا.
ويواجه كل مسرح تحدياته الخاصة، وقد شهد الحكواتي في القدس المعروف أيضا بالمسرح الوطني الفلسطيني، تراجعا في الإقبال منذ أن بدأت إسرائيل في بناء الجدار الفاصل حول الضفة الغربية في بداية العقد الأول من القرن الحالي.
وقال المخرج عامر خليل، "بعد أن بدأ بناء الجدار ووضعت نقاط التفتيش، تقلصت أعداد الناس لعدم تمكنهم من المجيء".
سواء كانوا يعيشون في القدس أو الضفة الغربية أو إسرائيل أو قطاع غزة المحاصر، يحمل الفلسطينيون وثائق مختلفة من إسرائيل تؤثر في قدرة الممثلين المسرحيين والجمهور على التنقل.
وقالت شلالدة، "إنه تعذيب، عندما يكون لديك مسرحية في القدس وترسلها إلى شخص من غزة ويريد أن يأتي ولا يستطيع".
وقد ولت منذ زمن بعيد الأيام التي كان يجبر فيها المخرجون الفلسطينيون على تقديم سيناريوهاتهم إلى الرقابة الإسرائيلية، لكن مع ذلك فإن المسرح "مهدد بأمور أخرى"، بحسب خليل.
ويعد الوضع الاقتصادي للمسرح شديد الصعوبة وحرجا، إذ لا تغطي مبيعات التذاكر حتى ثلث نفقات التشغيل.