اللوعبة

من منا من لم يمارس اللعب في حياته، فنحن نلعب منذ ولادتنا حتى قبل أن نتعلم المشي ويكاد يشترك في ذلك جميع أصناف البشر بمختلف ثقافاتهم وبيئاتهم.
الألعاب لديها قدرة كبيرة على تحفيزنا لبذل الوقت والجهد سواء الألعاب الواقعية أو الافتراضية. هل تتذكرون لعبة البوكيمون التي غزت العالم، ماذا فعلت بالناس، لقد جعلتهم يمشون مسافات طويلة ليجمعوا البوكيمونات، رغم أن كثيرا منهم لا يحب ممارسة الرياضة أصلا.
ولعبة المزرعة التي حفزت كثيرا من الناس على الاستيقاظ في وقت باكر جدا لحصاد المحاصيل الافتراضية في الميعاد المناسب، في حين أنهم في الغالب يواجهون صعوبة في الاستيقاظ مبكرا للصلاة، أو العمل، أو الدراسة.
حب الناس للألعاب في جميع مراحل حياتهم كان دافعا لابتكار أنواع من الألعاب أطلق عليها اللوعبة أو التلعيب، لتحفيز الناس في العمل وتشجيعهم على الدراسة وزيادة المبيعات والالتزام بسلوكيات معينة وغيرها، واللوعبة هي نقل آليات الألعاب إلى أرض الواقع للتحفيز على تحقيق الأهداف وتغيير السلوك. يمكننا أن نستفيد من اللوعبة لمساعدة أنفسنا على تحقيق الأهداف وتغيير العادات واكتساب المهارات. كما يمكن أن يستخدمها الآباء والأمهات في تربية أبنائهم، والمعلمون في التدريس لطلابهم، كما يمكن أن تستخدمها الشركات لتحفيز موظفيهم، بل حتى الحكومات!
فما المقصود بعبارة "آليات الألعاب"؟
معظم الألعاب - خاصة الألعاب الإلكترونية - بينها بعض العناصر المشتركة، مثل "السكور" أي عدد النقاط التي تجمعها أثناء اللعب، وكذلك نظام الترقي من مرحلة إلى أخرى، أو الحصول على الأوسمة والنياشين. وهذا النظام استفادت منه الشركات في التسويق حيث تحصل على قدر من النقاط في كل مرة تشتري منتجا من منتجاتهم أو خدمة من خدماتهم التي يمكنك استخدامها لاحقا للحصول على خصومات معينة، أو الدخول في سحب على جوائز. الرغبة في الحصول على مزيد من النقاط ستحفزك على زيادة الاستهلاك، أو استخدام خدماتهم بمعدل أكبر، وبذلك تحقق الشركة مزيدا من الأرباح.
ومن الأمثلة الحية على الاستفادة من اللوعبة ما فعلته الصين حين جعلت لمواطنيها رصيدا من النقاط للسيطرة عليهم، يزيد وينقص على حسب تصرفاتهم.
وما يحفز المواطن للحفاظ على رصيده وزيادته هو أن هذا الرصيد يسهل عليه كثيرا من الأمور، فبعض الخدمات لا يمكن الحصول عليها إلا إذا كان رصيد نقاط المواطن أكبر من رقم معين. وقد تمنع الحكومة مواطنا من السفر، أو حتى الزواج إن كان رصيده أقل من رقم معين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي