الخليجيون يعززون توجههم شرقا ويبرمون اتفاقية للاستثمار مع «آسيان»
عززت دول مجلس التعاون الخليجي في إطار إعادة رسم خريطة توجهاتها الاقتصادية الخارجية، توجهها نحو دول شرق آسيا، حيث أبرمت الأمانة العامة لمجلس التعاون مذكرة تفاهم مع الأمانة العامة لرابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» لتأطير أوجه العمل بين الجانبين في المجالات الاقتصادية والتجارية والطاقة والاستثمار والأمن الغذائي، إلى جانب تشكيل فريق عمل يركز على التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين المجموعتين.
وجاءت هذه الخطوة عقب اختتام الاجتماع الوزاري الأول بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون ورابطة جنوب شرق آسيا «آسيان» التي تضم سنغافورة وتايلاند وفيتنام والفلبين وماليزيا ولاوس وميانمار وكمبوديا وإندونيسيا وسلطنة بروناي، وذلك في البحرين أمس.
ورحب الوزراء بالتوقيع على مذكرة التفاهم بين الأمانتين، مؤكدين الرغبة في البحث عن ميادين إضافية للتعاون، وكلفوا الأمانتين العامتين لتطوير خطة العمل بين الجانبين مدتها سنتان وذلك لضمان التعاون الفعال وإحراز النتائج الملموسة وتقديمها إلى الاجتماع الوزاري المشترك الثاني بكامل هيئته لبحثها واستعراضها.
كما كلفوا الأمانتين العامتين بدراسة وإعداد التوصيات اللازمة بشأن إبرام اتفاقية تجارة حرة بين الجانبين والتعاون الاقتصادي والتنموي والتعليم والثقافة والإعلام، وأيضا إعداد التصور اللازم لدراسة هذه المواضيع وعرضه على اجتماع الترويكا المقبل للمجموعتين.
وبهدف تعزيز الشراكة بين الجانبين، تمت الموافقة على أن يتم اعتماد سفراء دول مجلس التعاون لدى سكرتارية رابطة الآسيان في جاكرتا وبالمثل يتم اعتماد سفراء دول رابطة الآسيان لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض.
ووافق الوزراء - بحسب البيان الختامي للاجتماع المشترك - على السعي نحو تعاون أوثق في مجالي التجارة والاستثمار بينهما بما في ذلك بحث إمكانية إبرام إطار للتعاون واتفاقية تجارية بين الجانبين، مشددين في هذا الشأن على أهمية الحاجة إلى تشجيع القطاع الخاص في المنطقتين والعمل سويا على تشجيع منتدى لأصحاب الأعمال من دول مجلس التعاون ودول الآسيان.
وأكدوا كذلك أهمية الأمن الغذائي والتطوير المشترك للإنتاج الزراعي والإمداد الغذائي والمواصفات الغذائية بما في ذلك إنتاج الأطعمة الحلال من خلال استثمار أوسع في هذه المجالات وتحسين البنية التحتية واللوجستية، فضلا عن تطوير الأبحاث.
وأعربوا أيضا عن قلقهم تجاه الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة وتأثيرها في الجانبين، مشددين على أهمية زيادة التعاون بين المنظمات المالية والاقتصادية والتجارية الدولية. كذلك شددوا على أهمية التعاون في مجال السياحة بما في ذلك قطاع الخدمات العلاجية والطبية حيث اتفقوا على العمل سويا نحو تطوير وتشجيع وتسويق هذا القطاع عبر تأسيس الشبكات الرسمية والتشجيع السياحي والأنشطة التي يشارك فيها القطاع الخاص، وكذلك تطوير الاستثمار في هذا المجال بين دول الأعضاء في المنطقتين .
#2#
ووافق الوزراء على عقد الاجتماع المشترك المقبل في إحدى دول الآسيان في العام المقبل، على أن يتم بعد ذلك عقد الاجتماعات الوزارية اللاحقة كل سنتين وبالتناوب بين دول مجلس التعاون والآسيان، إضافة إلى عقد اجتماع سنوي على مستوى الترويكا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويأتي هذا التوجه من قبل دول مجلس التعاون الخليجي نحو البحث عن المجموعات والتكتلات الاقتصادية خصوصا في دول شرق آسيا في الوقت الذي تشهد فيه مفاوضات الخليجيين مع الاتحاد الأوروبي تراخيا ومماطلة من الأوروبيين في اتمام اتفاقية التجارة الحرة، والتي أصبحت بحسب وصف مسؤولين خليجيين بالثانوية حاليا، ولم تعد تحظى بحماس دول المجلس كما كان في السابق.
والمعلوم أن الجانب الخليجي علق مفاوضات التجارة الحرة نهاية العام الماضي 2008 نظرا لتمسك الجانب الأوروبي بمطالب سياسية تعتقد دول المجلس أنها لا ترتبط بالاتفاقية.
وتتمتع دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان بجاذبية استثمارية متنامية، عززها تضاؤل تأثر المجموعتين بتداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ما يتيح آفاقًا للتعاون المستقبلي بين الجانبين.
وقد أسهم توافر مقومات التعاون الاقتصادي واتساع آفاقه المستقبلية في تعزيز حرص دول المجلس على بناء علاقات اقتصادية نشطة مع دول الآسيان.
وجمع الطرفان تعاون دائم زاد منه اتجاه دول الخليج الست لإعادة رسم خريطة توجهاتها الاقتصادية الخارجية، بالاتجاه نحو الاستثمار في دول جنوب شرق آسيا وإقامة مناطق تجارية حرة مشتركة وتعزيز حجم التجارة معها، وهي الأمور التي برزت أهميتها في ضوء ما كشفت عنه الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وما أعقبها من انهيارات متعاقبة ومكثفة للمؤسسات المالية العالمية، ولاسيما الأمريكية والأوروبية منها.
كما يحمل المستقبل فرصًا جديدة للتعاون في ضوء مشروع (الآسيان + 3) بانضمام كل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية للرابطة، ولاسيما مع ارتباط دول الخليج بعلاقات اقتصادية واسعة مع الدول الثلاث، حيث يمثل النفط الخليجي نحو 51 في المائة من إجمالي واردات الصين النفطية من العالم الخارجي، كما تحصل اليابان على نحو 90 في المائة من إجمالي احتياجاتها النفطية من منطقة الشرق الأوسط، توفر دول المجلس نحو 76 في المائة منها.