الاكتئاب المبتسم
أصبحت كلمة الاكتئاب منتشرة على لسان كثير من الناس وكل أمر يعزونه إليه، رغم أنهم لا يعانونه فعليا، فليس كل حزن أو عزلة أو ألم يكون بسبب الاكتئاب، وعلى النقيض يوجد من يعانون الاكتئاب فعليا، لكنهم يحاولون جاهدين إخفاء أعراض اكتئابهم عن المحيطين بهم لدرجة أنك قد لا تشعر بهم!
ويعرف هذا النوع من الاكتئاب باسم الاكتئاب الخفي والاكتئاب المبتسم، لأن المصابين به يبدون سعداء ومسرورين ويؤدون أعمالهم بشكل طبيعي حتى حياتهم الاجتماعية تبدو للآخرين طبيعية في ظاهرها، رغم كل ما يعانونه من أعراض وتبعات لذلك المرض الذي يؤثر في أفكارهم ومشاعرهم وأجسادهم، لكن بصمت، قد يبدأ خفيا أو مستترا لعدد من الأعوام، ويظهر عليك بعض العلامات أو الأعراض قبل أن تتحول إلى مرض نفسي واضح.
ويصعب اكتشاف الاكتئاب المبتسم لتنوع أعراضه بين الشعور بالحزن المستمر والبكاء دون سبب وفقدان الشغف وأعراض أخرى لا تختص بالاكتئاب، مثل ألم الجسد والحساسية الزائدة وفقدان الأمل وقلة التركيز والانتباه وتغير في الشخصية، حيث يصبح المصاب أكثر هدوءا بعد أن كان ودودا واجتماعيا، أو أكثر تشاؤما بعد أن كان أكثر ثقة بمستقبله، وتختلف عادات نومه، وقد يقول المصابون أشياء سلبية عن أنفسهم على سبيل المزاح لتشتيت الانتباه بعيدا عن ألمهم الخفي، وقد تزداد سلوكياتهم القائمة على المخاطرة في محاولة منهم لاستعادة الشعور بالأشياء من حولهم خصوصا المراهقين!
وقد تتساءل ما الذي يجعل بعض الناس يخفون إصابتهم بالاكتئاب؟
هناك عديد من الأسباب التي تجعل الناس يخفون شعورهم بالاكتئاب، منها عدم وعيهم بالمخاطر الصحية التي قد يسببها الاكتئاب، خجلهم من إظهار ضعفهم للآخر، أو خوفهم من سخرية البعض، أو من خسارة بعض الميزات سواء في مجتمعهم أو في محيط عملهم، خصوصا الرجال، أو عدم رغبتهم في أن يكونوا عبئا على أحد، وقد يكون السبب عدم ثقتهم بالدعم المقدم لهم من العاملين في الرعاية الصحية، أو زملاء العمل أو الأصدقاء، أو أفراد العائلة، أو لأنهم في حالة إنكار.
ومحاولة تجاهلهم معاناتهم بتصنع الابتسامة والرضا والسعادة لا تنقذهم من تبعات الاكتئاب التي قد تزيد من خطورة إصابتهم بأمراض الدم الوعائية وتخلخل العظام والخرف المبكر والسكتة، فضلا عن زيادة الرغبة في الانتحار.
تعايشك مع معاناتك ومحاولة تجاهلها أمر جيد، لكن يجب أن يكون مصاحبا للعلاج بوسائل التداوي المتطورة والبعد عن الأوهام وبائعيها.