الضبابية تهيمن على تعاملات أسواق النفط .. أرصدة العرض والطلب تميل إلى الفائض
يواصل تحالف المنتجين في "أوبك +" تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا بدءا من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حتى يونيو المقبل، مع ترقب السوق اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الإنتاج في "أوبك +" الشهر المقبل لتقييم تأثيرات الخفض وتدارس مستجدات السوق وأحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات النفطية.
وتشير أحدث بيانات "بلومبيرج" إلى زيادة إنتاج "أوبك" من النفط الخام بشكل طفيف في ديسمبر الماضي، لكن المنظمة بشكل عام لا تزال أقل بشكل كبير من أهدافها الإنتاجية لهذا الشهر، حيث زاد إنتاج "أوبك" لديسمبر بمقدار 150 ألف برميل يوميا عن أرقام نوفمبر بسبب زيادة إمدادات نيجيريا.
ويقول محللون نفطيون "إن نيجيريا عانت على مدى عقود سرقة النفط وتتخذ حاليا إجراءات صارمة ضد هذه الأنشطة، ما سمح لها بزيادة إنتاجها النفطي الفعلي"، حيث ارتفاع إنتاج نيجيريا من النفط الخام إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر عند 1.35 مليون برميل يوميا.
وذكر المحللون، أن إنتاج "أوبك" وصل -بحسب أحدث التقارير- إلى 28.826 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى منذ يونيو الماضي، مشيرين إلى أن "أوبك +" خفضت أهدافها الإنتاجية بمقدار مليوني برميل يوميا في نوفمبر الماضي، نحو 1.27 مليون برميل يوميا منها تأتي من أعضاء "أوبك".
وتوقع المحللون ارتفاع أسعار الطاقة على الرغم من أن النمو الاقتصادي يتراجع، لكن الدعم يجيء من ارتفاع الاستهلاك المتوقع في شهور الشتاء المقبلة.
وعد المحللون، احتمال تعافي الطلب غير المؤكد أدى إلى اختلاط معنويات السوق إلى حد كبير، حيث يعلق بعض المتعاملين في أسواق الطاقة الآمال على التعافي في قطاع شحن الحاويات لتعزيز الطلب على الوقود، في حين يعتقد البعض الآخر أن أرصدة العرض والطلب تميل نحو الفائض.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش رئيس "المبادرة الأوروبية للطاقة"، "إن الوضع الوبائي في الصين ما زال متأرجحا وله انعكاسات سريعة وواضحة على تقديرات الطلب العالمي على النفط الخام"، مشيرا إلى أن الأخبار المتضاربة تحافظ على أسعار النفط في نطاق محدد، وتضاف إلى ذلك بيانات نشاط المصانع الصينية الضعيفة لديسمبر، ما ينبئ بعودة الصين بشكل أبطأ مما كان متوقعا.
ولفت إلى أن مخاوف الركود العالمي تهدد كثيرا من الاقتصادات الدولية الكبرى خاصة بعد الرفع المتكرر لأسعار الفائدة لمحاربة التضخم، مشيرا إلى لجوء الهند بسبب الأزمة الراهنة إلى تخفيضات ضخمة في الدعم لـ2023 بنسبة تصل إلى 26 في المائة عن 2022 في محاولة لتقليص العجز المالي المتضخم في البلاد، بسبب الإنفاق الهائل على مكافحة جائحة كوفيد - 19.
من جانبه، ذكر جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، أن تدهور المعنويات في السوق النفطية أدى إلى تراجع الأسعار، كما خففت درجات الحرارة المعتدلة في فصل الشتاء في أجزاء عديدة من العالم من المخاوف من حدوث أزمة طاقة، وكذلك ارتفاع الدولار بأكبر قدر فيما يقرب من ثلاثة أسابيع، ما جعل السلع المسعرة بالعملة أكثر تكلفة.
ونوه بأن ارتفاع درجات الحرارة فوق المتوسط في الولايات المتحدة وأوروبا أدى إلى تقلص المخاوف من حدوث أزمة طاقة، لافتا إلى تراجع العقود الآجلة للديزل إلى أدنى مستوى لها في 11 شهرا، موضحا أن النفط الخام حقق مكاسب طفيفة في 2022 وهو العام الذي اتسم بتقلبات هائلة، فقد ارتفعت الأسعار في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية في فبراير الماضي، لكنها فقدت قوتها وسط مخاوف بشأن الركود العالمي.
من ناحيته، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة "إن السوق النفطية بدأت العام الجديد وحالة الضبابية والتساؤلات مسيطرة بشكل كبير، حيث يراقب المستثمرون رد فعل روسيا على عقوبات الطاقة التي فرضتها مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي المتمثلة في الحظر والسقف السعري، التي ردت عليها روسيا مبدئيا بخفض الإنتاج وحظر البيع للدول المشاركة في السقف السعري".
وأضاف أن "السوق تراقب أيضا التداعيات الراهنة في الصين بسبب سياسة صفر كوفيد ثم تخفيف الإجراءات التي أعقبتها زيادة لافتة في الإصابات.
بدورها، رجحت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، حدوث ارتفاع كبير في الطلب على النفط إذا خرج العالم تماما من قيود كوفيد، موضحة أن التجار أصبحوا أكثر تفاؤلا بشأن اتجاه السوق في العام الجديد وسط توقعات بخروج الصين قريبا من ضغوط جائحة كوفيد، مشيرة إلى أن مديري الأموال عززوا صافي الرهانات على مؤشر "برنت" بأكبر قدر منذ يوليو من العام الماضي.
ورجحت أنه في 2023 ستظل تأثيرات حرب روسيا ضد أوكرانيا وأزمة الطاقة والمناخ وعواقبها الاقتصادية والاجتماعية قضايا رئيسة بالنسبة إلى كل دول العالم.
من ناحية أخرى، سجلت أسعار النفط خسائر حادة أمس، بعد تهاويها في الجلسة الماضية متأثرة بمخاوف من ضعف الطلب، نظرا إلى حالة الاقتصاد العالمي وتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين.
وانخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي وبرنت 5 المائة، مع تسجيل برنت أكبر خسارة يومية له في أكثر من ثلاثة أشهر.
وقال ستيفن برينوك محلل قطاع النفط لدى "بي.في.إم"، "المخاوف بشأن حالة الاقتصاد العالمي تسيطر على تفكير المتعاملين، وستظل كذلك في المستقبل المنظور".