انخفاض حاد في عقد الصفقات العالمية .. فترة الازدهار انتهت
تعرضت عمليات عقد الصفقات عالميا لانخفاض قياسي خلال النصف الثاني من العام الماضي، حيث أنهت أسعار الفائدة المرتفعة وعدم اليقين الاقتصادي فترة من النشاط المحموم فجأة.
تم إعلان عمليات اندماج واستحواذ بقيمة 1.4 تريليون دولار خلال الأشهر الستة حتى كانون الأول (ديسمبر)، وفقا لمزودة البيانات "ريفينيتيف"، وانخفاض من 2.2 تريليون دولار متفق عليها في النصف الأول من 2022. كان هذا أكبر تذبذب، من فترة ستة أشهر إلى التي تليها، منذ بدأت السجلات في 1980.
انخفض الحجم الكلي للصفقات المبرمة عالميا في 2022 بنسبة 38 في المائة عن 2021، أكبر انخفاض سنوي منذ 2001. لكن، لا يزال في مستويات عالية حسب المعايير التاريخية، أعلى من المجموع العالمي الذي شهد في 2016 و2017.
كان التباطؤ نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة الحاد، في أعقاب ارتفاع التضخم والحرب في أوكرانيا، ما يؤثر في الثقة في الأسواق العالمية ويزيد تكاليف التمويل. لقد تجمدت أسواق السندات عالية المخاطر تقريبا، ما يعقد قدرة شركات الأسهم الخاصة على تمويل الصفقات.
أطلق مارك سوريل، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ العالمية في جولدمان ساكس، على 2022 بأنه "قصة من شطرين" لأن نقص التمويل الرخيص عطل سوق الاندماج والاستحواذ بعد الصيف.
انخفض عدد الصفقات الضخمة التي تقدر قيمتها بأكثر من عشرة مليارات دولار انخفاضا حادا خلال العام الماضي، حيث أبرمت 25 صفقة في النصف الأول و11 فقط في النصف الثاني.
قال سوريل: "تمويل الاندماج والاستحواذ موجود، لكن تكلفته مرتفعة أكثر وليس متاحا لجميع المصدرين".
أنهى تباطؤ الاندماج والاستحواذ فترة محمومة في 2021 عندما ارتفع إبرام الصفقات إلى ارتفاعات قياسية، التي أثارتها الإجراءات التحفيزية لحقبة جائحة فيروس كورونا وتخفيضات أسعار الفائدة الطارئة. لكن لا يزال حجم الصفقات الإجمالي العام الماضي أكبر مما كان في 2020.
قال ستيف أركانو، الرئيس العالمي لممارسات المعاملات في شركة سكادين القانونية، "لم أدخل 2022 وأنا أفكر بأنه سيكون مثل 2021. كان 2021 عاما استثنائيا، لا يمكن أن تشهد أعواما قياسية كل مرة".
ملأ المقرضون المباشرون، مثل سيكسث ستريت بارتنرز، الفراغ الذي تركته البنوك مقدمين مليارات الدولار من التمويل بالاقتراض لدعم الصفقات مثل استحواذ شركة أدفينت إنترناشيونال على شركة ماكسار تيكنولوجيز لتشغيل الأقمار الصناعية.
في بعض الحالات، اشترت بعض شركات الاستثمار ديونا لتمويل معاملاتها الخاصة، مثل شراء "إيليوت مانيجمينت" لسندات تدعم استحواذها على شركة نيلسين.
لا تزال البنوك التي وافقت على تمويل عشرات من عمليات الاستحواذ الضخمة من شركات الأسهم الخاصة أثناء الظروف المواتية ملزمة بالنقد وفقا للشروط التي وقعت عليها عند الموافقة على ضمان الصفقات. حد ذلك من قدرتها على تمويل المعاملات الجديدة.
كان استحواذ إيلون ماسك على "تويتر" الذي بلغت قيمته 44 مليار دولار من أبرز الصفقات التي اضطربت، ما جعل البنوك تنتظر هذا العام للتخلص من 12.7 مليار دولار من الديون المتعلقة بالشراء.
انخفض عقد الصفقات العام الماضي 39 في المائة في الولايات المتحدة وأوروبا، و33 في المائة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
أعيق صانعي الصفقات بسبب التدقيق التنظيمي المتزايد، خاصة في الولايات المتحدة حيث وعدت هيئات المراقبة لمكافحة الاحتكار بتضييق الخناق على شركات الأسهم الخاصة وعمالقة التكنولوجيا. أثار ذلك شكوكا حول ما إذا كانت بعض المعاملات المتفق عليها ستتم - بما فيها أكبر صفقة العام الماضي وهي صفقة مايكرسوفت التي بلغت قيمتها 75 مليار دولار لشراء صانعة ألعاب الفيديو أكتيفيجن بليزارد.
إن بيع النوادي الرياضية هو أحد المجالات التي يظل فيها عقد الصفقات مزدهرا. كانت صفقة الأربعة مليارات دولار القياسية لفريقي كرة السلة "فينيكس سنز" و"ميركوري" من الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين في كانون الأول (ديسمبر) آخر الصفقات في سلسة من عمليات البيع القياسية للفرق الرياضية المحترفة العام الماضي، التي تضمنت فريق "دينفر برونكوس" من الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية وفريقي كرة القدم "تشيلسي" و"أيه سي ميلان"
تباطأت عمليات الاستحواذ المدعومة من شركات الأسهم الخاصة، لكن جمعت كثير من الشركات أموالا كبيرة لم تستخدم بالكامل بعد. يقوم البعض بعمليات استحواذ أصغر ويأملون أن تصبح عمليات الاستحواذ الأكبر أسهل هذا العام إذا فتحت أسواق الديون.
كما أن مجموعات الأسهم الخاصة تستغرق وقتا أطول لاستخدام أموالها، وفقا لكريستيان سيندينج، الرئيس التنفيذي لشركة إي كيو تي. "كانت الدورة المعتادة هي ثلاثة أعوام، في الآونة الأخيرة هي أقرب إلى عامين لأنها تتقلص في أوقات حاسمة للغاية، لكنها يمكن أن تمتد الآن لأكثر من ثلاثة أعوام مرة أخرى"، كما قال.
توقعت أليسون هاردينج-جونز، رئيسة عمليات الاندماج والاستحواذ لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "سيتي جروب"، أن إبرام الصفقات في 2023 سيكون "مدفوعًا بشكل أساسي بنشاط الشركات" حيث سعت الشركات ذات الميزانيات العمومية الجيدة إلى التوسع.
"الناس مشغولون للغاية. أعتقد أن المعاملات الاستراتيجية عالية الجودة ستكون تعريف الربعين الأول والثاني من هذا العام"، كما قالت.
قال بعض المستشارين إن 2023 قد يكون أيضا عاما من شطرين، حيث بدأ قادة الشركات في قبول المراهنات بتقييمات أقل.
من جانبه، قال إيريك سويدنبورج، شريك في شركة سيمبسون ثاتشر القانونية، "في وقت ما خلال العام (...) سنبدأ في البناء مرة أخرى. ولن يكون من بداية العام مباشرة هذا الشهر. لا أعتقد أننا خارج الخطر بعد".