العلامات التجارية الغذائية تحت ضغط عادات المستهلكين الصحية
كان أنتوني فليتشر، الرئيس السابق لعلامة جريز التجارية للوجبات الخفيفة وإنوسينت للعصائر، يبحث عن مشروع جديد للغذاء الصحي عندما وجد فئة غير متوقعة من المأكولات، هي الكعك المحلى.
كانت علامته التجارية الوليدة إيربان ليجيند، التي تم إطلاقها قبل عام، تتنافس مع "كرسبي كريم" في محال السوبر ماركت في المملكة المتحدة، من خلال سعيها لإقناع المستهلكين بالتحول إلى تناول بديل منخفض السكر وقليل السعرات الحرارية.
من خلال صنع فطيرة البانوفي، وكعك الفراولة، وحلويات "شوك بارتي"، باستخدام عملية حاصلة على براءة اختراع يتم من خلالها "تحضير" العجين باستخدام البخار عوضا عن القلي العميق في الزيت، أصبح يحظى بمكانة بين مجموعة من الشركات الناشئة التي تسعى إلى استبدال العلامات التجارية للأطعمة المعروفة لدى الأسر بخيارات صحية أكثر.
من المفترض أيضا أن تستفيد هذه الشركات الناشئة من اللوائح الجديدة لمكافحة السمنة في المملكة المتحدة، التي تقيد الأماكن التي يمكن لمحال السوبر ماركت أن تضع فيها الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر والملح، لكن ليس الأصناف التي تحتوي على مكونات صحية بشكل كبير.
قال فليتشر "إن الفكرة التي تطرحها (أوربان ليجند) ليست عبر حث المستهلك على التغيير (...) بل بأخذ ما هو غير صحي من الوجبات السريعة بدلا من صنع شيء يبدو مختلفا للمستهلك".
"إن في منتجات (كرسبي كريم) إشباعا كبيرا للرغبات، فهي تحتوي على نسبة عالية من كل شيء. لقد أردنا إعادة ابتكار تجربة المذاق بدون إضافة مستويات أعلى من السكر والدهون والسعرات الحرارية. كانت هذه هي رؤيتنا الجامحة".
أدت مشكلة السمنة في المملكة المتحدة، التي تعد الأسوأ في أوروبا، إلى تسليط الضوء على شركات الأغذية الجاهزة. وتحت ضغط من المستثمرين، نشرت شركة يونيليفر الشهر الماضي تقييما غذائيا للمنتجات في محفظتها لتجد أن 35 في المائة منها فقط تقع خارج فئة المنتجات عالية الدهون والسكر والملح.
تدرك شركات مثل يونيليفر، التي تصنع آيس كريم ماجنوم وبن آند جيري ومايونيز هيلمان، التغيير الحاصل في عادات المستهلكين والضغوط التنظيمية من أجل تقديم عروض غذائية أكثر صحة. وضعت شركة يونيليفر أهدافا غذائية جديدة هذا العام. حيث اشترت شركة جريز في 2019، التي تصنع مأكولات خفيفة صحية مثل المكسرات والبذور المحمصة.
مع ذلك، يعتقد رواد الأعمال مثل فليتشر أن هناك حاجة إلى شيء آخر. وكان قد استوحى فكرة مشروعه الأخير بعد محادثة مع مسؤول كبير في الصحة العامة، حيث أخبره بأن النظم الغذائية في المملكة المتحدة كانت في تدهور مستمر سنويا على الرغم من أهداف خفض السكر الطوعية للصناعة - وعلى الرغم من نمو شركات مثل جريز، التي أعلنت إيرادات سنوية قدرها 38 مليون جنيه استرليني في 2020، وهو العام الأول بعد شرائها.
قال "إن ظهور العلامات التجارية للوجبات الخفيفة الصحية بالكاد أدى إلى حدوث تغيير"، أضاف "لم أكن أرغب في صنع منتج آخر ممتاز ومفيد".
لكن بدلا من ذلك، وقع اختياره على الكعك المحلى كمحاولة لتوفير الغذاء الصحي وبأسعار معقولة للأشخاص الأكثر عرضة للسمنة.
تجادل مجموعات الصحة العامة مثل إمباكت أون إيربان هيلث، وهي جزء من مؤسسة جايز آند ساينت توماس غير الهادفة إلى الربح، بأن الأسر ذات الدخل المنخفض غالبا ما تتبع نظاما غذائيا سيئا بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الصحية، وانتشار الأطعمة غير الصحية في المناطق المحرومة، ونقص المال اللازم لإعداد وجبات صحية.
قال لويس بيدويل، المدير العام في شركة ميشين فينتشورز لرأس المال الاستثماري "بالنسبة إلى الشركات، يعد إنتاج الطعام غير الصحي أرخص، وهو لذيذ، ويسهل بيعه".
في حين إن القوانين الجديدة في المملكة المتحدة قد جلبت بعض التغييرات، إلا أن "خيارات صحية أكثر للوجبات الخفيفة قد ظهرت، لكنها تندرج تحت مجموعة صغيرة من الفئات، وتوجد في متاجر معينة وغالبا ما تكون أكثر تكلفة"، كما قال بيدويل.
غالبا ما تحجم الشركات متعددة الجنسيات عن المخاطرة بالعلامات التجارية الجديدة أو منتجات العلامات التجارية الحالية والأكثر صحة، خاصة بعد سلسلة من الإخفاقات في مجالات مثل الشوكولاتة قليلة السكر.
في غضون ذلك، تضاءل مبلغ نحو 42 مليون جنيه استرليني من استثمارات رأس المال المغامر في فئات الغذاء "الصحية" بين 2018 و2022، مثلا، أمام مبلغ 296 مليون جنيه استرليني تم استثمارها في العلامات التجارية للمشروبات الكحولية، وفقا لمجموعة تمويل الشركات أوجما بارتنرز.
في محاولة منها لسد الفجوة، وضعت كل من "ميشين فينتشورز" و"إمباكت أون إيربان هيلث" برنامج "ذا قود فود"، الذي يوفر التمويل والمشورة للعلامات التجارية الصحية المنافسة، بما فيها "أوربان ليجند"، التي تصنع منتجات بأسعار مقبولة في فئات ذات أسعار معقولة وخيارات مغذية. إنهم لا يريدون أن تنجح هذه العلامات التجارية فحسب، بل أن تؤثر كذلك في صانعي الطعام حول العالم.
كما يدعم المخطط علامة تجارية أخرى هي شوكولاتة الدهن جيم جامز التي تأسست قبل سبعة أعوام، التي تشكل تحديا مباشرا لنوتيلا. ومن الأنواع الأخرى كذلك هلام ناتشورالي، المصنوع من عصير الفاكهة والألياف المضافة، وبسكويت الشوكولاتة روتيلز الذي تدخل فيه الخضراوات ذات الجذور بنسبة 40 في المائة.
لكن هذه المنتجات لا تخلو من بعض المشكلات. حيث يعتمد عديد من العلامات التجارية قليلة السكر على محليات تسمى بوليولات، التي يمكن أن تكون لها تأثيرات مسهلة عند تناولها بكميات كبيرة أو من قبل أشخاص يعانون مشكلات في الجهاز الهضمي.
ستحتاج هذه المنتجات إلى إثبات أنها يمكن أن تجذب المستهلكين لتجريب علامة تجارية جديدة، وأن يكون مذاقها جيدا بما يكفي لجذب الزبائن بانتظام، وأن المشترين لن يقوموا بتناول كميات كبيرة منها بسبب انخفاض السعرات الحرارية.
قال فليتشر "إن منتجات المخابز مثل الكعك المحلى هي من أصعب الفئات عند إعادة صنعها بطرق صحية أكثر، كما أن الشوكولاتة هي الأكثر تحديا من الناحية التقنية"، لكنه أضاف أن "التكنولوجيات الجديدة لإعادة تشكيل الملمس والنكهة تتيح إنتاج بدائل أكثر إرضاء".
مع ذلك، قالت شركة فيريرو متعددة الجنسيات التي تصنع شوكولاتة نوتيلا، "إن إعادة تركيب المكونات ليست خيارا بسيطا. إذ لم نعثر بعد على وصفات بديلة يفضلها عملاؤنا".
وأضافت "إن المسألة الأساسية في تناول الطعام هي السعرات الحرارية وليس السكر، لذا فإن التغييرات التي تقلل من كمية السكر لكنها تزيد السعرات الحرارية يمكن أن تأتي بنتائج عكسية".
قالت شركة فيريرو "إن تركيز (نوتيلا) على مسألة الصحة يدور حول التحكم في الكمية، حيث تشجع موادها التسويقية المستهلكين على تناول 15 جراما في المرة الواحدة". بينما لم تستجب شركة كرسبي كريم لطلب للتعليق. كما أنها تقدم "لقمات" أصغر للتناول.
يتفق الخبراء على أن هناك حاجة إلى تغيير أوسع بكثير لمعالجة مشكلة السمنة، بما في ذلك التحول نحو تناول مزيد من الفاكهة والخضراوات.
قالت كاثرين جينر، مديرة تحالف أوبيسيتي هيلث أليانس "نود أن نرى تكافؤا أكثر عندما يتعلق الأمر بما يوجد على أرففنا، إذا كان من الممكن صنع الكعك المحلى وشوكولاتة الدهن بكمية سكر أقل، فكل الكعك والشوكولاتة يمكن أن يحتوي على سكر أقل. تحتاج شركات الأغذية إلى التحفيز الكافي، ولهذا نحتاج إلى إرادة سياسية من أعلى المستويات الحكومية".
بالنسبة إلى المجموعة الأولى من العلامات التجارية المشاركة في برنامج "ذا قود فود"، فإن الاختبار الذي تواجهه هو الشعبية. حيث تتوافر منتجات "جيم جامز" في جميع محال البقالة في المملكة المتحدة، قال برنامج "ذا قود فود"، "إنه كان هناك تحول كبير نحو هذا المنتج بين الأسر ذات الدخل المنخفض". وقد استطاعت الشركة تحقيق أرباح هذا العام.
يتوافر الكعك المحلى من شركة إيربان ليجند في فروع تيسكو وسيلفريدجيز في لندن، مع وضعها تحت التجربة في "جيه ساينزبوري". كما أقر فليتشر بأن هذه بداية، لكنه قال "إنه يريد تحويل عدد كبير من مشتري منتجات كريسبي كريم، التي جلبت 1.4 مليار دولار من الإيرادات الصافية العام الماضي".
وأضاف أن "الكعك المحلى منتج يجعل الناس يشعرون بالرضا، كما أنه يؤثر في صحتهم، ولهذا السبب اخترته، لكن صنع خبز بريوش صحي أكثر لن يغير العالم".