نظرة أقرب داخل أزمة الإيجارات في لندن
عندما بدأت وصديقي البحث عن شقة للإيجار في منطقة بيكهام جنوب شرق لندن خلال الصيف، لم نتوقع أن يكون البحث سريعا. لكن بعد ستة أشهر و50 معاينة وعشرات العروض المرفوضة أو نحوها، ما زلنا نبحث.
بعد العودة إلى منازل عائلاتنا قبل بدء الجائحة بوقت قصير، قررنا نحن الاثنين دون قصد العودة إلى سوق الإيجارات خلال أكثر فتراتها فوضوية منذ جيل.
في الخريف، أدى الارتفاع السريع في سعر الفائدة على الرهن العقاري إلى تهدئة سوق المبيعات الجامحة في العاصمة - لكن للمستأجرين أمثالنا، فإن الأزمة مستعرة.
اصطففنا في الأنحاء لمعاينة العقارات، وعرضنا الالتزام بعقد لمدة 24 شهرا، وزايدنا حتى على الشقق قبل رؤيتها - كل ذلك في محاولة للتغلب على المنافسة. لكن دون جدوى.
مقارنة بـ2019، ارتفع الطلب على العقارات المكونة من غرفتي نوم في لندن 59 في المائة، في حين انخفض عدد الأماكن المتاحة للإيجار 35 في المائة، وفقا لـ"رايت موف"، أكبر بوابة عقارية إلكترونية في المملكة المتحدة.
يقول كريستيان بيفيلد، المؤسس المشارك لوكالة التأجير بيس بروبرتي سبيشالستس في لندن، "يبدو الأمر كما لو أن كل من غادر لندن أو رجع إلى منزل أمه وأبيه أثناء الجائحة كانوا في مجموعة واتساب نفسها وقرروا في الأسبوع نفسه، هل علينا أن نعود جميعا؟".
ما حدث حقا هو أن العودة الجماعية إلى المدن بعد الإغلاق، إلى جانب تضخم عدد الطلاب - وعجز المشترين المحتملين عن دخول السوق بسبب أسعار الفائدة المرتفعة على الرهن العقاري - غمرت سوق الإيجارات بالطلب.
في الوقت نفسه، كان عدد مساكن الإيجار في بريطانيا البالغ 5.5 مليون مسكن، ثابتا إلى حد ما على مدى الأعوام السبعة الماضية، حسب شركة زوبلا العقارية، حيث انخفض بناء المنازل إلى ما دون المستهدف وباع الملاك أملاكهم بسبب ارتفاع الضرائب وتشديد اللوائح.
من الشائع الآن تلقي ما يصل إلى 70 طلبا لكل شقة وإتمام الصفقة في غضون ساعات قليلة، كما يقول بيفيلد. ويضيف أن مزيدا من الملاك عديمي الضمير ووكلاء التأجير يستخدمون الاختلال بين العرض والطلب "ذريعة لاستغلال" المستأجرين المحتملين.
كما أسرت لي وكيلة أثناء إحدى معاينات الشقق أنها رأت أن التحريض على حرب مزايدات هو "جزء من وظيفتها". في حالة متطرفة، خسر صديق لي الحصول على شقة من غرفتي نوم معروضة في السوق بألفي جنيه استرليني شهريا لزوجين شابين مع طفل عرضا 50 في المائة فوق السعر المطلوب خوفا من أن يتركا بلا مأوى مع طفلهما الرضيع.
نتيجة لذلك، يبلغ متوسط سعر إيجار شقة من غرفتي نوم في لندن حاليا ما يقارب 2200 جنيه استرليني، أي أعلى 18 في المائة من العام ما قبل الماضي. لكن ليس فقط السعر ما يفرضه أصحاب العقارات في سوق البائعين.
في آب (أغسطس)، تم قبول عرض قدمته مع صديقي لشقة من غرفتي نوم في إيست دولويتش، المجاورة لبيكهام، لكن فقط بعد مقابلة مدتها 45 دقيقة مع صاحبة العقار ومدير ممتلكاتها تطفلا فيها على حياتنا الشخصية.
من أجل وضع اللمسات الأخيرة على العرض، أرادا رؤية كشوف حساباتنا البنكية لمدة ثلاثة أشهر للتحقق مما إذا كنا ننفق بتبذير على بطاقات الائتمان أو المقامرة. ترددنا في البداية قبل إرسال المستندات إليهما، وجعلنا ترددنا نبدو "غير جديرين بالثقة" وألغيا العرض.
إلى جانب مزيد من الضوابط الصارمة على المستأجرين، أخبرني بيفيلد أن الملاك يختارون أيضا مستأجرين ذوي نسب دخل أعلى من ذي قبل "لضمان أن تكون عقودهم الإيجارية مقاومة للركود"- تحسبا لفقدان أحد المستأجرين وظيفته.
على الأقل هدأ الطلب بعض الشيء في سوق الإيجارات الأشهر الأخيرة - على الرغم من أن جزءا كبيرا من هذا يرجع إلى الموسمية المعتادة للسوق. في تشرين الثاني (نوفمبر)، سجل متوسط وكلاء العقارات من أعضاء هيئة الوكلاء العقاريين في المملكة المتحدة، "بروبرتي مارك"، 77 طلبا جديدا للإيجار، بانخفاض عن أعلى مستوى على الإطلاق عند 147 طلبا جديدا في أيلول (سبتمبر)، لكن الرقم لا يزال أعلى من متوسط ما قبل الجائحة البالغ 61 طلبا جديدا لنوفمبر.
تقول لوسي مورتون، رئيسة وكالة الإسكان البريطانية "جيه إل إل"، إنه من غير المرجح أن تهدأ السوق في أي وقت قريب. "لم أر السوق محمومة كما هي الآن، وأعتقد أنها ستكون محمومة مرة أخرى هذا العام".
في تشرين الأول (أكتوبر)، قدمت وصديقي عرضا ثانيا قبله زوجان في صدد شراء عقار أكبر في الضواحي لاستيعاب عائلتهما المتنامية، في حين يخططان إلى تأجير مكانهما القديم في بيكهام. لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري في أعقاب "الميزانية المصغرة" لليز تراس، انهارت عملية شرائهما العقار الجديد، ما أدى إلى إلغاء عقدنا للإيجار.
يقول بيفيلد إن سوق الإيجارات لكثير من المستأجرين أشبه بـ"الصراخ في كهف دون جدوى". أما بالنسبة لي ولصديقي، فقد عقدنا العزم على عدم رفع آمالنا حين يقبل عرضنا التالي. مع ذلك، نتمنى هذا العام أن يحالفنا الحظ في المرة الثالثة.