موجة بيع تجتاح أسهم شركات التكنولوجيا الناشئة

موجة بيع تجتاح أسهم شركات التكنولوجيا الناشئة

يسارع موظفو وادي السيليكون للتخلص من أسهمهم في شركات التكنولوجيا الناشئة عبر عمليات بيع الأسهم الخاصة بعد موجة من تخفيضات الوظائف، ما زاد من تفاقم انهيار التقييمات.
يغمر موظفو مجموعات التكنولوجيا المتعثرة الأسواق الثانوية - يبيع أصحاب المصلحة في شركة خاصة الأسهم لأطراف ثالثة - حيث اضطرت الشركات المفضلة في الصناعة سابقا مثل "كلارنا" و"سترايب" إلى اتخاذ تدابير صارمة لخفض التكاليف، وفقا لوسطاء ومستثمرين.
بالنسبة إلى كثير من الموظفين الذين فقدوا وظائفهم، فإن أسهمهم تستحق في غضون 60 يوما، ما يجبرهم على البيع خلال أسوأ تراجع منذ عقد. تعرض بعض الشركات تمديد هذا الإطار الزمني، وفقا للوسطاء، على الرغم من أن بعض البائعين يرغبون في التخلص من حيازاتهم خشية أن يزداد اضطراب السوق سوءا العام المقبل.
قال جريج مارتن، المدير في شركة رين ميكر سكيورتيز، التي تسهل معاملات الأوراق المالية الخاصة "إننا نشهد تدفقا لأشخاص يتم تسريحهم وهم يحاولون بيع أسهمهم. زادت هذه الشركات عدد موظفيها كثيرا، لذلك هناك كثير من الأشخاص الذين لديهم حافز كبير لإنجاز عملية البيع".
"بشكل عام، نشهد انخفاضا في الأسعار بنسبة 30 إلى 80 في المائة مقارنة بالعام ما قبل الماضي"، حسبما قال مارتن.
أدى الارتفاع في عدد البائعين إلى انخفاض أسعار كثير من شركات التكنولوجيا الناشئة، ما يزيد من المخاوف بشأن إعادة ضبط على مستوى الصناعة في تقييمات الشركات الناشئة مع تسرب تأثير ارتفاع أسعار الفائدة وأسهم التكنولوجيا العامة المتعثرة إلى الأسواق الخاصة.
يعني هذا الاضطراب أنه أصبح من الصعب على نحو متزايد تقدير السعر الحالي لشركات ناشئة كثيرة. تجنبت معظمها جمع الأموال من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة هذا العام خوفا من أن تضطر إلى قبول تقييم أقل، تاركة قليلا من المؤشرات القوية لكيفية تأثير الركود الأوسع فيها.
في الوقت نفسه، الأسواق الثانوية الخاصة غير الرسمية التي يتعامل معها المتداولون مثل "رين ميكر" غالبا ما تكون غير سائلة للغاية، ما يزيد من تعقيد محاولات التوصل إلى قيمة "سوقية" دقيقة.
قال رئيس أحد صناديق رأس المال المغامر التكنولوجي في وادي السيليكون "إنه تلقى الشهر الماضي عروضا للاستثمار في الشركات عبر مبيعات الأسهم الثانوية أكثر من المعتاد بعشرة أضعاف".
خفضت الشركات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مثل المتخصصة في التكنولوجيا المالية "كلارنا" و"تشايم" و"سترايب"، ومجموعة التجارة الإلكترونية إنستاكارت، ومجموعة التوصيل المستقلة نورو، عدد موظفيها 10 إلى 30 في المائة الشهرين الماضيين. عكست في ذلك تحركات عمالقة التكنولوجيا العامة: حيث أعلنت "ميتا"، الشركة الأم لفيسبوك، وأمازون خططا لتسريح أكثر من عشرة آلاف موظف الأسابيع الأخيرة.
أظهرت بيانات من "رين ميكر" أن الأسهم في أندوريل، شركة الذكاء الاصطناعي الدفاعي المدعومة من "فاوندرز فند" لمالكها بيتر ثيل و"أندرسين هوروويتز" التي تبلغ قيمتها 8.5 مليار دولار، تم تداولها عند 16.95 دولار للسهم في تشرين الثاني (نوفمبر)، انخفاضا من 31.50 دولار في آذار (مارس). الوسطاء مثل "رين ميكر" يتاجرون بأسهم "أندوريل" بشكل غير مباشر من خلال الأدوات ذات الأغراض الخاصة، حيث تحظر "أندوريل" التداول المباشر لأسهمها في الأسواق الثانوية.
كما فقدت أسهم "تشايم بانك" المدعومة من سوفت بانك، التي كانت قيمتها 25 مليار دولار عند جمعها الأخير لرأس المال الخارجي في آب (أغسطس) 2021، ربع قيمتها منذ ذلك الحين في الأسواق الثانوية، حيث يتم تداولها عند 60 دولارا للسهم، وفقا لأحدث البيانات.
قال مارتن من "رين ميكر"، "عدد البائعين أكبر بكثير، وعدد المزايدين أقل بكثير، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وجعلها أكثر توافقا مع المضاعفات والتقييمات في الأسواق العامة".
لكن التداول في كثير من هذه الشركات أظهر عودة إلى، أو تحسنا من، أسعار ما قبل الجائحة، بعد قفزة كبيرة في التقييمات خلال طفرة جمع رأس المال المغامر في 2021.
قال رئيس أحد صناديق رأس المال المغامر "إن التقييمات في محفظته انهارت، لكن من مستويات قياسية مرتفعة. لقد خرجت التقييمات عن السيطرة، لكنها خرجت عن السيطرة في طريقها إلى الأعلى. نعم، قيمة السهم سيئة وكانت أعلى بكثير، لكنها في سياق بضعة أعوام لم تكن سيئة للغاية".
أدى الانهيار في جمع الأموال من الطروحات العامة الأولية، التي انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين، إلى إجبار بعض المجموعات التكنولوجية على إنشاء برامج سيولة منظمة للموظفين لبيع أجزاء من الأسهم، غالبا إلى جانب تخفيض كبير في تقييم الشركة نفسها.
قال كيفن سوان، المتخصص في الأسواق الخاصة في أعمال الحلول المالية في مكان العمل في "مورجان ستانلي"، "إن الشركات التي كانت تخطط للطرح هذا العام تتدافع لإيجاد خيارات إقراض أو بيع أسهم في الأسواق الثانوية".
وأضاف سوان أن "الشركات الناشئة تعرضت لضغوط من قاعدة الموظفين والمستثمرين الذين كانوا يتوقعون الاستفادة من الظهور الأول في سوق الأسهم العام الماضي، لكنهم اضطروا إلى التحرك مع عدم وجود طرح عام أولي في الأفق".
في حالات أخرى، يشعر موظفو التكنولوجيا "بالقلق من أن خياراتهم غير مربحة وأن الشركة لن تتحول إلى شركة عامة في أي وقت قريب"، كما قال جلين كيرنيك، رئيس وادي السيليكون في شركة كرول، التي تقدم خدمات التقييم للشركات الناشئة.
"يزداد طلب المشترين عندما تقترب الشركات من الطرح العام الأولي أو يرتبط بتنفيذ الشركة جولة لجمع المال، (...) تم استبعاد كلتا الحالتين"، كما قال. وأضاف أن "هذه المشكلات المتعلقة بالسعر تعني أن بعض الشركات تمادت إلى حد تقييد مبيعات الأسهم الثانوية للموظفين الحاليين".
خفضت كثير من الشركات الخاصة، مثل "كلارنا" و"سترايب" و"تشيك أوت دوت كوم" الأوروبية، إضافة إلى "إنستاكارت"، تقييماتها الداخلية. إن خفض تكلفة أسهم الشركة يمنح الموظفين مجالا لتحقيق مزيد من المكاسب في حالة وجود صفقة مستقبلية مثل الطرح العام الأولي. سعت الشركات إلى القيام بهذه التحركات لأنه، على الرغم من التخفيضات الواسعة في الوظائف عبر صناعة التكنولوجيا، لا تزال هناك حرب مواهب شرسة على أفضل المهندسين.
تحاول "سبيس إكس" لصاحبها إيلون ماسك ترتيب عملية بيع لأسهم معظمها للموظفين، شأنها أن تقيم الشركة بـ150 مليار دولار. سيساعد الطرح بزيادة 20 في المائة عن التقييم السابق الموظفين والمساهمين على تحقيق عوائد قوية.
يتم تحديد قيمة الأسهم العادية للشركة من خلال أحجام التداول، والسعر الذي يضعه المستثمرون لأسهمها المفضلة، وعبر التقييم الداخلي للشركة الذي يتم تحديده عادة من مجلس إدارتها والمستشارين المستقلين من خلال تقييم "409 إيه" الذي يحدد قيمة الشركة للأغراض الضريبية.
قال رافي فيزواناثان، مؤسس صندوق الاستثمار المغامر، نيو فيو كابيتال، "إن الحاجة إلى توفير سيولة للموظفين مع الاحتفاظ بالتقييمات المرتفعة هي توتر كبير تجب معالجته في الأشهر الـ12 المقبلة. جميع الشركات تقريبا تفكر في ذلك".

الأكثر قراءة