أسواق النفط تتجاذب بين ضيق العرض ومخاوف الركود .. الطلب مهيأ لانتعاش كبير

أسواق النفط تتجاذب بين ضيق العرض ومخاوف الركود .. الطلب مهيأ لانتعاش كبير
شهد العام الجاري تعطل في أسواق الطاقة واضطرابات خطيرة في قطاع التكرير.

تلقى النفط الخام دعما قويا من إعلان الصين تخفيفا كبيرا لقواعد الحجر الصحي للسفر بعد تجاوز مرحلة الإغلاق المشدد بسبب جائحة كوفيد - 19، كما دعم الأسعار أيضا إغلاق العواصف الأمريكية لنحو 1.5 مليون برميل يوميا من طاقة التكرير في ساحل الخليج الأمريكي.
وأعلنت الصين أنه اعتبارا من 8 كانون الثاني (يناير) لن يخضع المسافرون الوافدون إلى الصين للحجر الصحي الإلزامي، بعد التخلي عن كثير من متطلبات ما يسمى سياسة "صفر كوفيد" التي كانت سارية على مدى أكثر من عامين ونصف العام، ما تسبب في تعطيل الصناعات وسلاسل التوريد.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، إن الطلب على النفط قد يكون مهيأ لتعزيز كبير بعد تخفيف القيود في الصين، وهي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، ما أشاع أجواء من الثقة والتفاؤل في تعافي أسعار النفط الخام، رغم ضعف التجارة بسبب فترة عطلة نهاية العام.
ولفت المحللون إلى أهمية تمرير الكونجرس الأمريكي لقانون خفض التضخم، الذي من المرجح أن يساعد شركات النفط والغاز الكبيرة التي يمكنها الاستثمار في تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون والميثان.
وأوضحوا أن التسرب الذي حدث في خط أنابيب كيستون الكندي الأمريكي، أثار مخاوف جديدة بشأن كارثة بيئية، حيث كان هذا ثالث تسرب كبير من خط الأنابيب في الأعوام الخمسة الماضية، ما يعزز الانتقادات ضد خطوط الأنابيب المستقبلية، ورغم ذلك انتعش إنتاج النفط الأمريكي هذا العام، حيث سجل ثاني أعلى مستوى إنتاج سنوي.
وفي هذا الإطار يقول سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية: إن المكاسب تلوح في الأفق في سوق النفط الخام مدفوعة بشكل أساسي من إغلاق مصافي التكرير في الولايات المتحدة، بسبب عاصفة الشتاء الشديدة "إليوت"، مشيرا إلى أن تداعيات العاصفة الضخمة شملت كندا أيضا وجاءت في توقيت دقيق وهي فترة العطلات التي عادة ما تشهد زيادة حركة السفر.
وأشار إلى أن انخفاض درجات الحرارة بشدة وهطول الثلوج الكثيفة أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق وإلغاء آلاف الرحلات الجوية وتعطل خطط السياحة والسفر في موسم العطلات الرئيس في الولايات المتحدة، موضحا أن أزمة الجليد طالت بشكل كبير ساحل الخليج الأمريكي حيث توجد معظم طاقة التكرير الأمريكية.
ومن جانبه، يقول روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات: إن ضيق العرض ومخاوف الركود يؤديان إلى جذب الأسواق في اتجاهات مختلفة، موضحا أن العام الحالي كان أكثر الأعوام اضطرابا، حيث شهد الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتعطل تدفقات النفط الخام في جميع أنحاء العالم، موضحا أن ضيق المعروض النفطي أدى إلى التراجع إلى أقصى درجاته في التاريخ كما أدى إغلاق الصين بسبب فيروس كورونا إلى إعاقة الطلب الآسيوي.
وأشار إلى أن تأثير جائحة كورونا الذي بدأ قبل ثلاثة أعوام استمر في التأثير على السوق هذا العام، حيث تسببت مشكلات سلسلة التوريد جنبا إلى جنب مع الانتعاش الاقتصادي في ارتفاع أسعار الطاقة، لافتا إلى أن التدخل الروسي في أوكرانيا فاقم من الصعاب التي واجهت أسواق الطاقة في العام الجاري.
ومن ناحيته، يقول ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز: إن العقوبات الغربية على روسيا متمثلة في الحظر وفرض سقف أسعار لصادرات النفط، أدى هذا العام إلى صعوبات جمة وتعطيل أسواق الطاقة بشكل خطير في العام المنقضي كما تسبب في اضطرابات خطيرة في قطاع التكرير.
وأشار إلى أن أسعار الطاقة المرتفعة كانت عاملا رئيسا في التضخم الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاما، بعدما تسببت خسارة الواردات الروسية في انقطاع إمدادات البنزين ثم إنتاج الديزل لاحقا خلال فترة ارتفاع الطلب على الديزل، ما أدى إلى تسجيل أعلى متوسط أسبوعي لأسعار الديزل والبنزين على الإطلاق في الولايات المتحدة.
وبدورها، تقول جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان: إن تحالف "أوبك +" يلعب دورا رئيسا ومتناميا في ضبط إيقاع سوق النفط الخام وقد لجأ في اجتماع أكتوبر الماضي إلى إجراء تخفيضات قياسية في الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا، والمحافظة عليها حتى يونيو المقبل، مع إمكانية التدخل بالتعديل في حالة الضرورة، وقد جاء ذلك انطلاقا من اليقين بأن الاقتصاد العالمي يتأهب بالفعل للدخول في نفق الركود بعد رفع الفائدة الأمريكية بشكل متكرر واتباع عديد من البنوك المركزية حول العالم النهج نفسه.
وأوضحت أن الإفراج الواسع والتاريخي عن احتياطي البترول الاستراتيجي في الولايات المتحدة لم يكن فعالا بالشكل الكافي لمكافحة ارتفاع أسعار الطاقة، رغم إعلان الإدارة الأمريكية أكبر عملية إطلاق للنفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في التاريخ وهو الاحتياطي المخصص للحماية من اضطرابات إمدادات النفط في المستقبل.
ومن ناحية أخرى، سجل النفط أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع أمس، بعدما حفز أحدث تخفيف لقيود كوفيد - 19 في الصين الآمال في تعافي الطلب على الوقود وبفضل دعم إضافي من خفض إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة بسبب العواصف الشتوية.
وارتفع خام برنت 22 سنتا، أي 0.3 في المائة، إلى 84.14 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:11 بتوقيت جرينتش بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي سبعة سنتات إلى 79.63 دولار للبرميل. وسجل خاما القياس في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوياتهما منذ الخامس من ديسمبر.
وقال نعيم إسلام المحلل لدى أفاتريد: "هذا بالتأكيد أمر كان المتعاملون والمستثمرون يتطلعون إليه" في إشارة إلى خطة الصين بشأن الحجر الصحي.
وكانت الأسواق البريطانية والأمريكية مغلقة الإثنين.
وقال كازوهيكو سايتو كبير المحللين في فوجيتومي سيكيورتيز، إن النفط استمد الدعم أيضا من مخاوف اضطراب الإمدادات بسبب العواصف الشتوية في الولايات المتحدة.
وأضاف، "لكن من المتوقع أن يتحسن الطقس في الولايات المتحدة هذا الأسبوع ما يعني أن موجة الصعود قد لا تستمر طويلا".
واعتبارا من الجمعة، تم إغلاق نحو 1.5 مليون برميل من الطاقة الإنتاجية اليومية للمصافي على ساحل الخليج الأمريكي بينما عانى إنتاج النفط والغاز ولايات نورث داكوتا إلى تكساس بسبب التجمد ما قلص الإنتاج.

الأكثر قراءة