ضحايا مادوف يرغبون في عقوبة صارمة.. والمحكمة تقضي بانتزاع أموال زوجته
مورتون شاليك «86 عاما» واحد من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، التقى رجل المال والأعمال في «وول ستريت» بيرنارد مادوف لأول مرة أواخر سبعينيات القرن العشرين ووافق على استثمار بعض المال لديه. سعد شاليك «بالعائد الاستثنائي» الذي يتحدثون عنه وسرعان ما وضع ثروته كلها في يد مادوف.
وبحلول تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي كان شاليك قد جمع 2.3 مليون دولار من العمل والاستثمار طوال حياته ، بعدها بأسبوعين فقد شاليك كل شيء. وهو الآن يعيش على معاش حكومي قدره (900 دولار شهريا) في مسكن متواضع يقع على بعد نحو 100 كيلو متر خارج مدينة نيويورك.
وكتب شاليك يقول «كسرت ركبتي وأصبت بسرطان الرئة وبفضل مادوف صرت مفلسا»، وشاليك واحد من أكثر من 100 ضحية لمادوف حكوا قصصهم في خطابات بعثوا بها الشهر الجاري إلى قاضي نيويورك ديني شين الذي سيصدر حكما على مادوف لجرائمه المالية اليوم.
وقد أقر مادوف بأنه مذنب في آذار (مارس) الماضي في جريمة احتيال بقيمة 65 مليار دولار وهو رهن الحبس منذ ذلك الحين، وهذه هي أكبر جريمة احتيال في تاريخ عالم المال وقد تأثر بها أكثر من ألف مستثمر حول العالم من المؤسسات الخيرية إلى الجامعات وحتى المشاهير.
وصار مادوف من عدة أوجه الشرير الأكبر في أزمة مالية مدمرة عصفت بالولايات المتحدة والعالم ككل، وقد أصبح تجسيدا للجشع الذي دفع «وول ستريت» إلى حافة الإفلاس في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وقد اعتقل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لإدارته برنامجا لتوظيف الأموال كان يدفع بموجبه للمستثمرين القدامى الأرباح من الإيداعات الجديدة .
ويواجه مادوف (71 عاما) عقوبة السجن لمدة 150 عاما، ولم يبرم اتفاقا مع جهات الادعاء عندما أقر بأنه مذنب. وناشد محاميه ايرا سوركين القاضي شين الحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما فقط، الأمر الذي يعطيه فرصة لكي يغادر السجن حيا.
يقول بيتر هان من شركة موري فرانك آند سلر القانونية إن مادوف نجم «وول ستريت» البازغ ذات يوم من المرجح أن يعاقب بالسجن لعدة عقود من الزمان، ومن المرجح أن يطلب مادوف تخفيف العقوبة أثناء جلسة النطق بالحكم. كما سيمنح بعض المستثمرين الفرصة للكلام ومن المتوقع أن يطالبوا بتوقيع أقصى العقوبة.
واعتذر مادوف في آذار (مارس) الماضي عن أفعاله وقال إنه يدرك والألم يعتصره أنه أضر بكثيرين بشدة». وطلب سوركين من القاضي شين ألا يستجيب «لهتافات الانتقام من جانب الغوغاء» التي رافقت مادوف منذ اعترافه.
ومن المتوقع ألا يسترد عدد كبير من الضحايا إلا النزر اليسير من أموالهم فقط، وقد تمت مصادرة عديد من ممتلكات مادوف بالفعل، بيد أن أسرته ومنها زوجته روث تكافح هذه الجهود. وحتى لو حصل المستثمرون على بعض أموالهم فإنه من المرجح أن يتطلب الأمر بعض الوقت، وحدد القاضي شين فترة ثلاثة أشهر فقط لسماع دعاوى التعويضات، وقال هان «حل قضايا التعويضات المدنية سيتطلب وقتا طويلا».
في حين قضت محكمة أمريكية بإجبار زوجة مادوف على التخلي عن جزء كبير من الثروة التي مازالت في حوزة الأسرة، ومن المقرر أن تباع عدة فيلات وسيارات فارهة ويخوت تابعة لأسرة مادوف لمصلحة ضحايا الملياردير الأمريكي السابق، وتقدر قيمة الممتلكات التي ستنتزع من زوجة مادوف بنحو 80 مليون دولار.
وطالب محامي مادوف بتخفيف العقوبة عن موكله إلى 12 عاما لاعتبار سنه المتقدمة، وتقدر الأموال التي سيسمح لزوجة مادوف، روت مادوف (68 عاما)، بالاحتفاظ بها بنحو مليونين ونصف مليون دولار.
وستكون الشقة الفاخرة للزوجين مادوف في حي مانهاتن في نيويورك التي عاش فيها الزوجان مادوف آخر أيامهما قبل محاكمة مادوف ضمن العقارات التي ستباع لسداد جزء من ديون مادوف التي تقدر بالمليارات. وبين مادوف في اعترافاته للمحكمة أنه هو الوحيد المسؤول عن عمليات الاحتيال وعن نظامه المالي الوهمي الذي استقطب نحو 65 مليار دولار.
وحسب مادوف فإن ابنيه وأخاه الذين كانوا يعملون في شركته لم يعلموا شيئا عن نظامه المالي الوهمي. ولم يوجه الادعاء الأمريكي أي تهم لهؤلاء الثلاثة، وليس هناك متهم إلى جانب مادوف غير أحد المراجعين من خارج الشركة.
ونصب مادوف على آلاف من الناس في جميع أنحاء العالم وأضاع عليهم ثرواتهم. ودأب الأمريكي على دفع أرباح للعملاء القدامى من أموال العملاء الجدد. واتضحت حقيقة نظام مادوف الوهمي عندما اضطر كثير من عملائه لسحب مبالغ كبيرة من أموالهم في أعقاب اندلاع الأزمة المالية العالمية ما أدى إلى فضح مادوف الذي لم يستطع الوفاء بالتزاماته المالية الهائلة.
وتبعا لحسابات المحققين الأمريكيين فإن أموالا هائلة تقدر بنحو 170 مليار دولار تدفقت لشركة مادوف، ورغم أن المحكمة أكدت من ناحية المبدأ أن حجم الأموال التي حصل عليها مادوف من ضحاياه لا تقل عن 170 مليار دولار إلا أن خبراء يرون أن هذا المبلغ ربما أعطى صورة تقريبية عن المبالغ الهائلة التي تلقاها مادوف ولكنه ليس حقيقيا.
ومع ذلك فإن المحكمة ستعتمد على هذا المبلغ لتحديد حقوق ضحايا مادوف، ولكن معظم هذه الأموال قد ضاع بالفعل، وهناك الآن سيل من النزاعات القضائية الأخرى ضد مادوف حيث يناضل آلاف الضحايا من معظم أنحاء العالم من أجل استرداد أموالهم.
وستكون هذه النزاعات أيضا مع بنوك ومؤسسات وصناديق مالية متهمة بدعم مادوف في عمليات الاحتيال المالي، وتم بالفعل دفع أول المبالغ لبعض ضحايا مادوف، وعرضت بعض البنوك دفع تعويضات للضحايا.