قبور النساء تتحدث
كانت المرأة على مر العصور وما زالت تبحث عن المساواة بينها وبين أخيها الرجل، والسبب الظلم الذي كانت تعانيه وتهميشها بسبب جنسها، والتاريخ مليء بالقصص والثورات التي قادتها النساء في مجتمعات لا ترحم، كانت تضطهد النساء وتقتلهن لأتفه الأسباب وبطرق وحشية، وأخف أنواع الظلم عدم الإيمان بقدراتهن وحرمانهن من التعليم، حتى إن بعض الاكتشافات العلمية كانت لنساء ونسبت إما لأزواجهن وإما لشركائهن في البحث!
لتأتي القبور وتنصفهن وتتحدث عن شجاعتهن وبطولاتهن حتى عن جبورتهن، فقد كشف علماء الآثار حديثا عن طريق مرصوف من الحجر الجيري عمره ألف عام، يربط بين مدينتين قديمتين من حضارة المايا، تم تشييده من قبل ملكة لا تعرف الرحمة تدعى كاويل أجاو، حتى تتمكن من توسيع سلطتها الإقليمية. وذلك لغزو بلدة تسمى ياكسونا تبعد عن مملكتها 100 كيلومتر غربا، وكانت تشكل تهديدا لحكمها وخطرا على مملكتها، فقد حكمت الملكة كاويل المنطقة التي تعرف الآن بشبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، موطن حضارة المايا، واستخدموا أحدث الطرق لتحليل الطريق المسمى بـ "الطريق الأبيض" الذي أظهر أن طريقا يحوي انعطافات وليس مستقيما كما كان يعتقد، يؤدي إلى مستوطنات صغيرة قد تكون الملكة غزتها في طريقها إلى ياكسونا!
وفي جبال الأنديز جنوب بيرو وجد علماء الآثار قبرا لصيادة عمره تسعة آلاف عام يحوي مجموعة أدوات للصيد ومقذوفات متعددة بالقرب من الهيكل العظمي الذي كان يعتقد أنه لرجل، لأن الفكرة السائدة أن الرجال هم الصيادون، أما النساء فدورهن جمع الأعشاب والنبات، لتحدث الصدمة أن التحاليل أثبتت أن الهيكل لامرأة!
وفي الصين وجد الباحثون في قبر النبيلة المسماة كوي شي على أرجل لحمار -أجلكم الله- لكن أرجله تدل على أنه استخدم لأغراض أخرى غير النقل، وفي الأغلب للمناورات السريعة في لعبة البولو، التي كانت شائعة في ذلك العصر بين الطبقات العليا التي تنتمي إليها كوي، وهذا دليل علـى مزاولتها تلك اللعبة الخطرة، حتى يقال إن زوجها فقد إحدى عينيه بسببها!
وفي سيبيريا تم الكشف عن مقبرة عمرها 2500 عام لامرأة محاربة مستلقية وحولها أسلحتها المكونة من سكاكين وخناجر برونزية وفأس!
واليوم بعدما تعززت حقوق المرأة في ظل حكومتنا، لم تعد هناك حاجة إلى حديث القبور، فكل واحدة تتحدث عن شخصها وإنجازاتها دون هضم حقوق أخيها الرجل. لقد حصلت على العدل الذي تتجلى فيه حقيقة المساواة لاختلاف طبيعة وطباع الرجل عن المرأة، وإلا لكان الخلق لجنس واحد دون الحاجة إلى الآخر!