"جودة الأرباح" في السوق السعودية
مع نشر القوائم المالية لكثير من الشركات المساهمة هذه الأيام، فإن من الأمور التي يحسن الحديث عنها بخصوص قراءة أرقام القوائم المالية ما يُعرف في المحاسبة بـ "جودة الأرباح". وعلى الرغم من معرفة المحاسبين المحللين الماليين هذا المصطلح، إلا أنه ينبغي تعريف عامة المستثمرين بما يعنيه هذا المصطلح وتطبيقاته في التقارير المالية السعودية. وباختصار فإن "جودة الأرباح" يقصد به أن الأرباح التي تعلنها الشركة تعبر بصدق وواقعية عن الأرباح الحقيقية والفعلية للشركة، وبمعنى آخر فإن أرباح الشركة المنشورة ذات وجود نقدي فعلي ملموس، وأن هذه الأرقام ليس فيها مبالغات أو أرقام احتمالية.
وبالرغم من صعوبة التعرف على "جودة الأرباح" في التقارير المالية، إلا أن هذا لا يعفينا من إثارة هذه المواضيع في السوق السعودية حتى تتم دراستها وتحليلها من قبل المحللين الماليين والمهتمين بالسوق السعودية، خصوصاً في ظل الانتعاش الاقتصادي الذي تمر به البلاد.
والواقع أن هذا الازدهار يعتبر أحد الدوافع التي تجعل إدارة الشركات المساهمة تحت ضغط كبير من المساهمين لتحسين الأداء التشغيلي للشركات وزيادة الأرباح. وعندما تتعرض الإدارة العليا لمثل هذه الضغوط فإنها قد تضطر إلى تغيير هيكلية العمليات المحاسبية لتضليل المساهمين فيما يتعلق بالأداء الاقتصادي الحقيقي للشركة من خلال التأثير على أرقام الأرباح المنشورة.
ولا شك أن الإدارة بما لديها من معرفة وإلمام بنشاطات الشركة تستطيع من خلال تطبيق البدائل المحاسبية توجيه الأرقام المالية نحو الاتجاه المرغوب إدارياً. وأحياناً فإن هذا التوجيه قد يتجاوز الحد المقبول حتى يصل إلى مستويات غير مقبولة تقع في دائرة الغش والتضليل. بل إن المرونة المتاحة في تطبيق بعض الأساليب المحاسبية قد يسهم في انهيار الشركة خاصة عندما يكون القصد هو تحريف الأرقام لمصلحة الشركة وكبار موظفيها كما حدث في شركتي إنرون وورلدكوم.
ومن المعروف أن ما حدث في "إنرون" وغيرها كان بسبب الممارسات الخاطئة للإدارة والمحاسبين، التي تحدث بأشكال مختلفة ونسب متفاوتة في شتى دول العالم بما فيها السعودية. فهل شركاتنا ومحاسبونا بمنأى عن تلك الممارسات؟ وبالطبع ليس لدي إجابة!
ومن هذا المنطلق فإن المستثمر قارئ القوائم المالية يجب عليه عدم التسليم بالأرباح المنشورة وكأنها لا تخيب ولا تخطئ. بل إن من أساسيات قراءة الأرباح عدم التركيز فقط على الرقم الإجمالي للدخل (الأرباح)، بل يجب معرفة مصادر ومكونات هذا الدخل.
كما أنه ينبغي التركيز على معرفة نسبة الأرباح من النشاط التشغيلي (الأساسي) للمنشأة إلى إجمالي الأرباح، وعدم الاغترار بالأرباح من المصادر الاستثمارية (المتاجرة بالأوراق المالية) أو المصادر الاستثنائية غير المتكررة. كما أن المستثمر ينبغي عليه معرفة الأسس التي قامت عليها التقديرات والمخصصات المحاسبية ومدى واقعية هذه التقديرات، فالتقارير المالية - كما هو معروف، تستخدم التقديرات والمخصصات على نطاق واسع.
- قسم المحاسبة ـ جامعة الملك سعود
[email protected]