وزير الطاقة مستدلا بـ «لغز البراميل المفقودة»: تسييس الإحصاءات يربك السوق ونتائجه عكسية
قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، إن تقييم «أوبك +» الموضوعي، يجعلها في موضع أفضل للإسهام في تعزيز استقرار السوق، مشيرا إلى أن تسييس الإحصاءات بلا موضوعية، يأتي في الأغلب بنتائج عكسية.
وأوضح وزير الطاقة في حوار مع وكالة الأنباء السعودية "واس"، أنه دون المصداقية تكون الأسواق أشد تقلبا وأقل جاذبية، لافتا إلى تعرض السوق لعدد من الصدمات الحادة، مثلما شهدته أسواق الطاقة الأخرى، حتى قبل الأزمة الأوكرانية.
واستدرك أنه لولا النهج القائم على المبادرة والإجراءات الاستباقية، الذي تبنته «أوبك +»، لتسببت تلك الصدمات في فوضى في أسواق البترول، مؤكدا أنه تبين بعد الأزمة الأوكرانية أن قرار «أوبك +» كان القرار الصحيح لدعم استقرار السوق.
يأتي الحوار في ضوء تقارير صدرت أخيرا، عن جهات إعلامية مستقلة، أكدت صحة ودقة التوقعات التي توصلت إليها مجموعة «أوبك +» في تحليلاتها مقارنة بعدد من الجهات الأخرى. وفيما يلي نص الحوار:
* في اعتقادكم، ما الأسباب الرئيسة التي تجعل توقعات "أوبك +" المتعلقة بمستقبل السوق البترولية أكثر دقة من توقعات الجهات الأخرى؟
كما أكدت، مرات عدة، لا نقوم بتسييس قرارات "أوبك +"، فنحن نبقي الشؤون السياسية خارج تحليلاتنا وتوقعاتنا لأوضاع السوق، ونركز على أساسيات السوق فقط، وهذا يمكننا من تقييم الأوضاع بموضوعية أكثر، وبشكل أكثر وضوحا، وهذا بدوره يعزز مصداقيتنا.
والأمثلة على هذا كثيرة، ففي بداية الأزمة الأوكرانية، توقع البعض فقدان كميات كبيرة من الإمدادات، تفوق ثلاثة ملايين برميل يوميا، ما أثار المخاوف وأسهم في حدوث تقلبات حادة في الأسواق. في تلك الظروف، اتهمت "أوبك +" بعدم الاستجابة للأزمة في الوقت المناسب، لكن النقص المتوقع في الإمدادات لم يتحقق.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أيضا انتقد قرار "أوبك +"، الذي اتخذته بخفض الإنتاج، بشكل حاد، وصف فيه القرار بأنه "محفوف بالمخاطر" و"مؤسف"، وكانت هناك تلميحات بأن وراءه دوافع سياسية، وأنه قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود ويضر الدول النامية. لكن، تبين، مرة أخرى، أن قرار "أوبك +" كان القرار الصحيح لدعم استقرار السوق البترولية وصناعة البترول.
المشكلة تكمن في أن تسييس الإحصاءات والتوقعات، واستخدامها للتشكيك في مصداقية "أوبك +" ودورها في استقرار السوق، يؤدي إلى استثارة المستهلكين، ويسبب إرباكا في السوق، ويقود إلى حدوث اختلالات وتفسيرات خاطئة، تسهم جميعها في اضطرابات لا مبرر لها في السوق.
وكذلك، هناك معلومات غير دقيقة موجودة بشكل يكاد يكون دائما في بعض التوقعات، ففي الوقت الذي حافظت فيه "أوبك +" على الأرقام المتعلقة بالطلب لعام 2021، استمرت بعض الجهات في تقليل تقديرات الطلب، التاريخية والحالية، بشكل كبير، ونتج عن ذلك اختلافات يشار إليها عادة بـ"لغز البراميل المفقودة"، وفيما بعد اضطرت هذه الجهات إلى تصحيح تلك الاختلافات في بداية 2022، وذلك برفع تقديرات مستوى الطلب.
ولن يكون الأمر مفاجئا إذا عادت قضية "البراميل المفقودة" إلى الظهور في أوائل عام 2023، مواكبة للنمط نفسه المتمثل في التقليل من تقديرات الطلب مرة أخرى لعام 2022.
وفي نهاية المطاف فإن تسييس الإحصاءات والتوقعات بلا موضوعية، يأتي في الأغلب بنتائج عكسية ويؤدي إلى فقدان المصداقية.
* لقد أصبحت المبادرة والاستباقية مبادئ محورية في نهج "أوبك +"، فهل سيستمر ذلك في عام 2023؟
خلال الأعوام الماضية، تعرضت السوق لعدد من الصدمات الحادة، ولولا النهج القائم على المبادرة والإجراءات الاستباقية، الذي تبنته "أوبك +"، لتسببت تلك الصدمات في فوضى في أسواق البترول، مثلما شهدته أسواق الطاقة الأخرى، حتى قبل الأزمة الأوكرانية.
وليس لدى "أوبك +" خيار سوى أن تظل مبادرة واستباقية أمام الأوضاع العديدة التي تتسبب في حال عدم اليقين في السوق، وهذه ليست مهمة سهلة، خاصة أن السوق تميل إلى المبالغة في ردة الفعل تجاه الأخبار، سلبيا وإيجابيا، وقد رأينا كثيرا من التدخلات التي لا تتصف بالحكمة في أسواق الطاقة.
لكن، لا بد لي من أن أكرر، هنا، أن تقييم "أوبك +" الموضوعي للأسواق، ونهجها الاستباقي، والتماسك داخل المجموعة، يجعلها في موضع أفضل وأقدر على الإسهام في تعزيز استقرار السوق.
* في مقابلة أجريت معكم أخيرا، أكدت جانب المصداقية، هل لك أن توضح ذلك أكثر؟
في جميع المجالات الاقتصادية، بدءا بالأمور المالية ووصولا إلى التجارة في السلع، تعد المصداقية مكونا رئيسا لبناء الثقة، التي تؤدي إلى استقرار الأسواق. فبدون المصداقية تكون الأسواق أشد تقلبا وأقل جاذبية لجميع فئات المتعاملين فيها. وسوق البترول ليست مختلفة عن هذا.
ونحن، في "أوبك +"، لن نتردد في التعامل مع أي وضع تشهده السوق، ونحن ندرك أنه كلما زادت مصداقيتنا، أصبحت مهمتنا في تحقيق الاستقرار في الأسواق أسهل، وكلما حققنا مزيدا من الاستقرار، تمكنا من تعزيز مصداقيتنا وكسب اعتراف الآخرين بها، وهذه، بلا شك، حلقة إيجابية تعمل "أوبك +" للحفاظ عليها، من خلال التحليل الموضوعي ذي الجودة العالية، والاستمرار في التركيز على أساسيات السوق.