3 سلطات أمريكية .. هل حان الوداع لسام بانكمان فرايد؟

3 سلطات أمريكية .. هل حان الوداع لسام بانكمان فرايد؟

قبل عام، تخلى سام بانكمان فرايد عن سرواله القصير وقميصه اللذين اشتهر بهما، وارتدى بدلة وجلس أمام مجلس النواب الأمريكي، باعتباره الوجه المقبول للعملات المشفرة. لم يستطع المشرعون أن يروا من تحت الطاولة أن رباط حذائه كان مفكوكا.
كان بانكمان فرايد يخفي أكثر بكثير من لباسه المهلهل. هذا الشخص، الذي كان موضع ترحيب في واشنطن بسبب رؤيته التنظيمية المبتكرة، من المقرر أن يدلي بشهادته مرة أخرى الثلاثاء، لكن هذه المرة ليشرح سبب انهيار بورصة إف تي إكس للعملات المشفرة التي يملكها التي بلغت قيمتها 32 مليار دولار في كانون الثاني (يناير).
أما الآن فسيكون ظهوره العلني في الأشهر المقبلة مقتصرا على قاعات المحاكم فقط. حيث ألقي القبض على بانكمان فرايد في جزر الباهاما قبل ساعات من الموعد المقرر للإدلاء بشهادته، ووجهت له فيها تهمة الاحتيال من قبل ثلاث سلطات أمريكية منفصلة. يواجه الشاب البالغ من العمر 30 عاما، الذي كان يوما من أنجحهم في العملات المشفرة، قضايا جنائية ومدنية، ويحتمل أن يحكم عليه بالسجن لأكثر من مائة عام. وقد وصف أحد المدعين العامين الأمريكيين هذا الأسبوع ما جرى بأنه "من أكبر عمليات الاحتيال المالي في التاريخ الأمريكي".
من المفارقات، أن كلماته التي استخدمها أمام الكونجرس في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، للترويج لضوابطه "الشفافة" و"القوية" و"المتسقة" ضد المخاطر كنموذج تعتمده أسواق المال الأمريكية السائدة، مدرجة الآن في قائمة الاتهامات الطويلة ضده.
تدعي لجنة الأوراق المالية والبورصات، التي رفعت اتهامات مدنية إلى جانب لائحة اتهام جنائية من قبل وزارة العدل، أن هذا الوصف كان واحدا من عديد من الأكاذيب التي صدرت عن مؤسس شركة إف تي إكس، كجزء من عملية احتيال امتدت لأعوام من أجل إثراء نفسه عن طريق تحويل الأموال التي كان يعهد بها عملاء بورصة إف تي إكس لشركته التجارية الخاصة، ألاميدا ريسيرتش.
قال تشارلز وايتهيد، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة كورنيل "لقد كان الرجل يمثل وجه البورصات المستقرة. وكانت فكرته أنه سيجلب نوعا من العقلانية إلى السوق. لكن اتضح فيما بعد أنها كانت جمعية أخوية في جزر الباهاما، وما إلى ذلك من أمور فظيعة".
الروابط بين شركة ألاميدا، التي تأسست في 2017، وبورصة إف تي إكس للتداول التي أطلقها بانكمان فرايد 2019، تعد حاسمة في القضية ضده.
تزعم هيئة الأوراق المالية والبورصات أنه "منذ البداية، قام بانكمان فرايد بتحويل أصول العملاء على نحو غير مسموح به إلى صندوقه الخاص ألاميدا ريسيرتش للتحوط بالعملات المشفرة، ثم استخدم أموال العملاء تلك وقام باستثمارات سرية، وشراء عقارات فخمة، إضافة إلى تبرعات سياسية كبيرة".
هذه الاتهامات التي تم تقديمها بعد نحو شهر من إفلاس بورصة إف تي إكس، تعد خطوة سريعة لعقابه من قبل السلطات الأمريكية. لكن هيئات الرقابة تعرضت أيضا لانتقادات بسبب فشلها في اكتشاف الاحتيال المزعوم قبل أن تنهار البورصة جراء أفعالها. قال السناتور كيرستن سينيما خلال جلسات الاستماع هذا الأسبوع، "إن التهم الموجهة كانت ردة فعل وليست استباقية، وبصراحة فإن هذا هو أقل ما يمكن أن تفعله الحكومة".
إن هذه المزاعم المنظمة الآن ضد بانكمان فرايد هي تجسيد لما وصفه ريتشي توريس عضو الكونجرس هذا الأسبوع بـ"علاقة محرمة" بين شركتي ألاميدا وبورصة إف تي إكس.
إذ إن شركة التداول قدمت السيولة الضرورية لبدء بورصة إف تي إكس، وساعدتها على القفز إلى القمة في عالم الأصول الرقمية، حيث قامت بإدارة تداولات بلغت في ذروتها 20 مليار دولار يوميا. فيما يزعم أن "ألاميدا" استفادت من معاملة خصوصية وسرية، بما في ذلك إجراء المعاملات بسرعة أكبر، والقدرة على تشغيل أرصدة سلبية، والإعفاء من التصفية في التداولات الممتدة، والأهم من ذلك توفير قروض غير محدودة تقريبا من خزائن عملاء "إف تي إكس"، وفقا للجنة الأوراق المالية والبورصة ولجنة تداول السلع الآجلة.
قالت لجنة الأوراق المالية والبورصات "إن ألاميدا قبلت أيضا ودائع نقدية بمليارات في حساباتها المصرفية من عملاء إف تي إكس، التي أنفقتها على عمليات التداول الخاصة بها لتوسيع إمبراطورية بانكمان فرايد".
من جانبه، نفى بانكمان فرايد ارتكاب أي مخالفات متعمدة، وحاول في سلسلة من المقابلات الإعلامية قبل اعتقاله أن يصف انهيار شركاته بأنه كان نتيجة لسوء شديد في الإدارة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال محامي بانكمان فرايد "إن مؤسس إف تي إكس كان يراجع التهم مع فريقه القانوني ويستعرض جميع الخيارات القانونية المتاحة أمامه".
ادعى أن الأموال تسربت إلى شركة ألاميدا عن طريق الخطأ، وأنه لم يكن على دراية كبيرة بالطريقة التي أنفقت بها الشركة التجارية هذه الأموال. وعلى الرغم من أنه يمتلك أغلبية الشركتين، إلا أنه استقال من منصب الرئيس التنفيذي في شركة ألاميدا بعد إطلاق بورصة إف تي إكس.
بينما تؤكد الاتهامات أن الفصل العلني بين "ألاميدا" و"إف تي إكس" كان شكليا فقط. في الدعوى القضائية التي رفعتها هيئة تداول السلع الآجلة ضد مؤسس البورصة والشركتين، قالت "إن بانكمان فرايد احتفظ بسلطة اتخاذ القرار المباشر حول جميع قرارات التداول والاستثمارات والقرارات المالية الرئيسة في ألاميدا، وإنه كان على اتصال شبه دائم مع المديرين التنفيذيين في الشركة التجارية". امتنعت الإدارة الجديدة التي تدير "إف تي إكس" و"ألاميدا" في حالة الإفلاس عن التعليق.
قال الموظفون السابقون "إنهم كثيرا ما شاهدوا بانكمان فرايد وكارولين إليسون، الرئيسة التنفيذية لشركة ألاميدا، اللذين كانا في بعض الأحيان شريكين رومانسيين ورفقاء في السكن، وهما يسيران لفترات طويلة في موقف السيارات في مجمع مكاتب الشركة في ناسو، وكانا يخوضان في محادثات طويلة".
كما أقر بانكمان فرايد في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" في وقت سابق من هذا الشهر بأنه شارك في مناقشات حول الصحة المالية لشركة ألاميدا في حزيران (يونيو)، عندما كانت أسعار العملات المشفرة تنهار. ألحقت أزمة السوق خسائر فادحة بشركة ألاميدا، التي كانت تتعرض في الوقت نفسه لدعوات بسداد مبالغ كبيرة من القروض.
تزعم الهيئات الأمريكية أن بانكمان فرايد أعطى تعليمات بشكل شخصي لتنفيذ خطة لإنقاذ شركة ألاميدا باستخدام أموال العملاء، والتستر على المبالغ الهائلة التي تم الاستيلاء عليها من "إف تي إكس". في فصل الربيع، حول المطلوبات المترتبة على "ألاميدا" البالغة ثمانية مليارات دولار إلى حساب في "إف تي إكس" لشخص مجهول الاسم، الذي أطلق عليه بانكمان فريد اسم "حساب صديقنا الكوري" و"حساب الكوري الغريب"، وفقا لهيئة تداول السلع الآجلة.
كما تدعي لجنة الأوراق المالية والبورصات أن بانكمان فرايد تدخل أيضا للتأكد من أن شركة التداول التي يملكها كانت معفاة من دفع الفائدة على مراكزها في بورصة إف تي إكس، كما كان في العادة يتعين على العملاء الآخرين.
بحلول أيلول (سبتمبر)، كان بانكمان فرايد يفكر في إغلاق شركة التداولات. وفي وثيقة داخلية، كتب أن صفقات "ألاميدا" السيئة "كانت تكلف في (القيمة المتوقعة) أكثر من كل الأموال التي كسبتها ألاميدا أو التي كانت ستجنيها على الإطلاق"، وفقا للجنة تداول السلع الآجلة.
لكنه تأمل أيضا في العلاقة المتشابكة جدا بين "ألاميدا" و"إف تي إكس". حيث اختتم بانكمان فرايد قائلا "بالنظر إلى المبلغ الذي تتعامل به ألاميدا، لا يمكننا إغلاقها فعليا".
في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، تسبب تقرير من موقع "كوينديسك" الإخباري حول الصحة المالية لشركة ألاميدا في اندفاع العملاء إلى سحب ودائعهم من بورصة إف تي إكس. لكنهم لم يجدوا أموالهم.
بعد ظهر الإثنين، قال بانكمان فرايد على الإنترنت "إنه لا يصدق أنه سيتم اعتقاله إذا وطئت قدمه الولايات المتحدة". لقد كان على حق، إلى حد ما. لكن ذراع العدالة الأمريكية طويلة. فبعد ذلك بساعات، أتت الشرطة في جزر الباهاما وطرقت باب منزله.

القضية المرفوعة ضد سام بانكمان فرايد
كشف المدعون الفيدراليون في المنطقة الجنوبية لنيويورك عن لائحة من ثماني تهم ضد بانكمان فرايد، بما فيها الاحتيال الإلكتروني والتآمر لغسل الأموال.
رفعت لجنة الأوراق المالية والبورصات، وهي الجهة التنظيمية في وول ستريت، تهم احتيال مدنية ضد مؤسس "إف تي إكس" في دعوى قضائية.
رفعت لجنة تداول السلع الآجلة دعوى قضائية ضد كل من بانكمان فرايد وبورصة إف تي إكس وألاميدا ريسيرتش، بدعوى الاحتيال.
ماذا سيحدث الآن لسام بانكمان فرايد؟
مثل بانكمان فرايد أمام المحكمة في جزر الباهاما الثلاثاء. رفض الإفراج عنه بكفالة، وهو الآن يواجه فترة سجن في "فوكس هيل" في ناسو، الذي تعرض لانتقادات من تقارير دولية بسبب اكتظاظه وافتقاره إلى النظافة العامة. من المقرر عقد جلسة استماع في شباط (فبراير) حول تسليمه للولايات المتحدة.

الأكثر قراءة