تخفيض مكافآت المصرفيين .. الأشد منذ 2008
بعد التقلبات التي سببها كوفيد في وول ستريت في الأعوام القليلة الماضية، كانت هناك بعض العلامات الحديثة الواضحة على عودة الأمور إلى الدورات الطبيعية بالنسبة إلى البنوك الكبيرة.
من المتوقع أن يعاني المصرفيون الاستثماريون أشد انخفاض في مدفوعات المكافآت منذ الأزمة المالية في 2008. أتت الأزمة بعد عام فقط من تسلم كثير من موظفي وول ستريت مكافآت أجور مرتفعة على خلفية رسوم قياسية من ارتفاع في إبرام الصفقات والطروحات العامة الأولية.
قالت شركة جونسون أسوشيتس لاستشارات الأجور إن المكافآت قد تنخفض أكثر من 45 في المائة هذا العام. من جانبه، حذر توماس دينابولي، المراقب المالي لولاية نيويورك، في تشرين الأول (أكتوبر) من أن الحوافز المالية قد تنخفض 22 في المائة أو أكثر.
يخطط جولدمان ساكس لفرض أقوى التخفيضات. من المرجح أن ينخفض مجموع مكافآت شركائه البالغ عددهم 300 أو نحو ذلك 50 في المائة، في حين أن الرتب الأدنى ستشهد تقلص مجموعة المكافآت النقدية الإضافية أكثر من 40 في المائة. من المتوقع أن يفرض مورجان ستانلي وجيه بي مورجان تشيس وبانك أوف أمريكا ومصرف سيتي تخفيضات حادة في الحوافز المالية على نحو مماثل.
بدلا من أن تكون ناجمة عن صدمات خارجية مثل الجائحة، فإن التخفيضات تعكس بشكل أكبر تحول دورة الأعمال، مع تراجع رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية 35 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، وفقا لبيانات "ريفينيتيف".
"إن الأمر يتعلق دائما بالتوازن بين الربحية والنمو. جانب الربحية هو شعار وول ستريت (خذ نصيبك مما أتممته). وهذا ما يتوقعه المساهمون. إنهم يتوقعون أنه إذا كان عاما سيئا بالنسبة إلى الخدمات المصرفية الاستثمارية، فإن تعويض الخدمات المصرفية الاستثمارية يكون أقل"، كما قال مايك مايو، المحلل في مصرف ويلز فارجو.
لكن يوجد أكثر من سبب ليكون موظفو أكبر شركات وول ستريت البالغ عددهم مئات الألوف ممتنين في موسم العطلة هذا.
السبب الأول هو أنه على الرغم من الانخفاض الحاد في الرسوم مقارنة بالعام الماضي، حققت البنوك الاستثمارية حتى الآن 104 مليارات دولار من الرسوم، وهو ما يزيد 16 في المائة على متوسط الـ20 عاما الماضية.
السبب الثاني للابتهاج هو أن آفاق الأعمال لا تزال قوية على الرغم من التضخم المرتفع والحرب في أوكرانيا وخطر الركود، وفقا لمايو. هذا يعني أنه على الرغم من أن عددا أقل من المصرفيين قد يكونون قادرين على شراء منزل ثان أو سيارة ذات طراز أحدث بمكافآتهم، فإن معظمهم سيحتفظ بوظيفته في 2023.
قال مايو، "لا يزال تراكم الأعمال قويا لدرجة أن البنوك الاستثمارية بحاجة إلى التركيز على الاحتفاظ بالموظفين للنشاط المحتمل في المستقبل، بمجرد أن تستقر البيئة الكلية - خاصة أسعار الفائدة".
كما أن التخفيضات في القوى العاملة محدودة إلى حد ما، ولا سيما مقارنة بـعدد الأشخاص الذين أضافتهم البنوك الخمسة الكبرى منذ بداية الجائحة في 2020.
قال مورجان ستانلي إنه سيسرح 1600 موظف، أي نحو 2 في المائة من مجموع قوته العاملة وجزءا بسيطا من عشرات الآلاف من الأشخاص الذين أضافهم في الأعوام الثلاثة الماضية. يستعد جولدمان ساكس لفصل ما يصل إلى 3900 موظف بدءا من كانون الثاني (يناير). هذا مقارنة بـأكثر من 49 ألف عامل كان لديه في الربع الثالث من 2022.
قرر ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لجولدمان، في وقت سابق من هذا العام إعادة عملية استبعاد ما بين 1 و5 في المائة من الموظفين ذوي الأداء الضعيف - وهي ممارسة شائعة لعقود بين جميع اللاعبين الرئيسين.
قال بعض المحللين والمصرفيين المخضرمين، إن كل هذا يشير إلى عودة إلى الوضع الطبيعي بدلا من أن يكون عاملا مثيرا للقلق حقا.
قال ألان جونسون، رئيس شركة جونسون أسوشيتس، "أعتقد أنه ستكون هناك عملية من خطوتين. تسريح نسبة من الموظفين والدوران الطوعي (...) وأعتقد أنهم سينظرون إلى ما وصلوا إليه في نهاية الربع الأول من العام المقبل. إذا لم تتحسن الأمور، فأعتقد أننا سنرى المزيد".
يشير قرار تقليص المكافآت بدلا من خفض نسبة أكبر بكثير من إجمالي القوى العاملة إلى أن رؤساء البنوك الاستثمارية منضبطون في تكاليف إدارة تراجع بدلا من ركود كامل. من خلال خفض المكافآت والاحتفاظ بالموظفين، فإنهم يعدون أنفسهم للتعافي بسرعة بمجرد أن تنتعش الأعمال التجارية مرة أخرى.
إذا قرروا طرد مجموعات ضخمة من قوتهم العاملة، فإنهم سيواجهون نوعا مشابها من الحرب على المواهب بمجرد أن تتحسن الأمور، حيث سيتعين عليهم جميعا البحث عن موظفين جدد في عجلة من أمرهم. قد يكون طرد الموظفين مبكرا مكلفا، وفقا لجونسون، لذا فهم بحاجة إلى نهج أكثر اعتدالا.
أوضح جونسون أن الفرق الكبير بين الوقت الحالي وأزمة 2008 هو أن البنوك تقف على أسس أكثر صلابة. "على عكس الأزمة المالية، فإن هذه الشركات تحقق أرباحا قوية، ولديها ميزانية جيدة، ولا توجد مخاطر مفرطة. لذلك، إن الأمر يدور حول المرور بعام سيئ أو مخيب للآمال للغاية كما تعلم".