خطط رأسمال البنوك تصطدم مع رؤية «بريكست»

خطط رأسمال البنوك تصطدم مع رؤية «بريكست»

إذا كانت البنوك البريطانية تأمل أن تبدأ رحلة أسهل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من جانب الجهات التنظيمية فيما يتعلق برأس المال الاحتياطي الذي يجب عليها الاحتفاظ به لمواجهة الصدمات، فقد عانت خيبة أمل مبكرة.
للوهلة الأولى والثانية والثالثة، تتعارض مقترحات المملكة المتحدة لتطبيق أحدث حزمة من معايير رأس المال المصرفي العالمية مع تعهد الحكومة بجعل الحي المالي في لندن مكانا أكثر ملاءمة للخدمات المالية بعد طلاقها من الاتحاد الأوروبي.
يتجه بنك إنجلترا، حسب قوله حتى، نحو تطبيق أكثر صرامة للقواعد من الاتحاد الأوروبي. تنظر السلطات في الكتلة في كثير من الانحرافات عن المعايير العالمية الجديدة حيث يخاطر الاتحاد الأوروبي بعدم الامتثال الجوهري لها، وفقا لكبار جهاته التنظيمية.
إن المسؤولين التنفيذيين في البنوك البريطانية وجماعات الضغط التابعة لهم غير مقتنعين إلى حد كبير بتأكيد بنك إنجلترا أن اتباع نهج صارم سيساعدهم، وهو ادعاء يتوقف على القيمة التي يضعها المستثمرون على المعايير العالية. يجادل المصرفيون بأن المستثمرين سيكونون أكثر قلقا بشأن التكاليف المرتفعة والعوائد المنخفضة التي تسير جنبا إلى جنب مع ما يرون أنها تغييرات خارج إطار ما هو متفق عليه مقابل تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي.
بعض التفاصيل الدقيقة في مقترحات بنك إنجلترا تجتذب أيضا انتقادات حادة من المصرفيين الذين يشككون في مدى ملاءمتها للوعود عالية المستوى من السياسيين مثل جيريمي هانت وزير الخزانة لدفع نمو الحي المالي بالإصلاحات.
إن مسألة كيفية تعامل البنوك مع قروض الشركات الصغيرة تعد أحد مجالات الخلاف. في إطار جهوده لجعل متطلبات رأس المال أكثر حساسية للمخاطر في سوق العقارات، يقترح بنك إنجلترا تعديل القواعد العالمية، ما يجعل قروض الشركات الصغيرة المدعومة بالعقارات التجارية أكثر تكلفة بالنسبة إلى البنوك مقارنة بالقروض المقدمة للشركات المماثلة غير المدعومة بضمانات.
يقول أحد كبار التنفيذيين في أحد بنوك المملكة المتحدة "إن هذا هو الجزء الذي يثير قلقنا أكثر من غيره"، واصفا الإجراء بأنه "غير منطقي نهائيا" و"ضار للغاية" نظرا لأن نسبة عالية من القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة مضمونة بالممتلكات.
كما أن نهج المملكة المتحدة تجاه قروض الشركات يجتذب التدقيق أيضا. تفرض حزمة المعايير العالمية - المعروفة باسم بازل 3.1 من الجهات التنظيمية وبازل 4 من أي شخص آخر تقريبا - قواعد جديدة على إقراض الشركات التي ليس لديها تصنيفات ائتمانية، وهي فئة تقع فيها معظم الشركات في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. لتحديد رأس المال الاحتياطي الذي يحتاج إليه البنك، تطلب الجهات التنظيمية من البنوك تقدير أصولها بعد التعديل وفقا للمخاطر، أي الضرب بعامل نسبة مئوية يأخذ في الحسبان احتمال الخسارة.
يقدم عرض المملكة المتحدة للبنوك خيارا. يمكنها تطبيق ترجيح المخاطر بنسبة 100 في المائة على جميع قروضها للشركات غير المصنفة، بما يتماشى مع المعايير العالمية. أو بدلا من ذلك، يمكنها تطبيق ترجيح المخاطر بنسبة 65 في المائة على القروض المقدمة إلى الشركات غير المصنفة عالية الجودة و135 في المائة كرسوم مخاطر على الإقراض للشركات الأقل جودة. يقول المصرفيون البريطانيون "إن هذا سيجعلهم في وضع ضعيف بالنسبة إلى بنوك الاتحاد الأوروبي، التي ستستفيد من نظام أكثر اعتدالا على الأقل لفترة انتقالية".
يمكن أن يؤدي هذا أيضا إلى حدوث انقسام في سوق المملكة المتحدة، الأمر الذي سيضر بالمقترضين في النهاية. يقول المصرفيون "إنه سيتعين على المقرضين اختيار نظام أفضل إما للقروض عالية الجودة (الخيار 65 و135 في المائة) أو منخفضة الجودة (ترجيح 100 في المائة على كل شيء). هذا الاختيار سيغير ديناميكيات السوق"، كما يقولون.
سيجد البنك الذي اختار نظام "ترجيح المخاطر بنسبة 100 في المائة" صعوبة في التنافس على قروض عالية الجودة مع مقرض اختار البديل التنظيمي برسوم أقل لمثل هذه القروض، ما يؤدي إلى انخفاض المنافسة في إقراض الشركات في المملكة المتحدة. هناك شكاوى أخرى حول مجالات مثل تقييم الرهون العقارية والتمويل التجاري، حيث اختار بنك إنجلترا معاملة أكثر تحفظا من الاتحاد الأوروبي.
يقول مسؤول تنفيذي كبير في بنك بريطاني كبير آخر "إن التغييرات المقترحة يمكن أن تمنح المنافسين في الاتحاد الأوروبي فائدة جوهرية راسخة في المنتجات الفردية"، كما يجادل المصرفي بأن البنوك البريطانية ستتراجع بعد ذلك عن تلك المجالات، على الرغم من أن لديها رأسمال وافرا بشكل عام، لأن البنوك تنظر إلى المنتجات بشكل فردي.
لكن الأمر لم ينته بعد. فتح بنك إنجلترا استشارات لمدة أربعة أشهر فيما يتعلق بمقترحاته، ويقول مصرفي كبير "إنها أكثر انفتاحا مما سبقها". تعد البنوك بيانات حول العواقب المحتملة غير المقصودة للمقترحات، التي يبدو أن بنك إنجلترا حريص على تلقيها ودراستها.
من جانبه، قال متحدث باسم بنك إنجلترا "لقد جمعنا أدلة مهمة وبيانات مؤكدة لدعم المقترحات في ورقة التشاور الخاصة بنا بشأن بازل 3.1، لكننا نشجع الشركات بشدة على تقديم أدلة ورؤى إضافية خلال فترة التشاور لأربعة أشهر الممتدة".
يقول المسؤولون التنفيذيون في صناعة البنوك "إنهم يأملون بشكل معقول تسوية المسائل الجانبية"، لكنهم أقل أملا في إيصال المملكة المتحدة إلى مكان قريب من الاتحاد الأوروبي.
إن نجاح البنوك، أو عدمه، سيختبر وعدا آخر من الوعود الكبيرة الأخرى للنهج التنظيمي لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - اتخاذ قرارات أكثر "مرونة" واستجابة مقارنة بالاتحاد الأوروبي.

الأكثر قراءة