رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


استشراف الطاقة .. «أوبك» تتجلى

الدراسات المستقبلية خليط من الماضي وخبراته المتراكمة والمعلومات المتاحة والمستخلصة منه للموضوع أو الظاهرة محل الدراسة، والحاضر بمعطياته، وأصبح استشراف المستقبل من أهم أدوات التقدم والتطور في جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية وغيرها. هذه الأداة الاستراتيجية والضرورية هي في الواقع سلاح ذو حدين، قد تعود على متخذ القرارات بفوائد جمة إذا ما أحسن استخدامها والتعامل مع مدخلاتها بحرفية وموضوعية ودقة، وقد تسبب ضررا كبيرا وتسبب انحرافا قويا في الخطط الاستراتيجية الموضوعة، التي تعتمد على هذه الدراسات بصورة كبيرة.
الخطط الاستراتيجية على مستوى الاقتصاد الكلي أو الجزئي لن تكتمل أركانها، ولن تتحقق أهدافها المرجوة إلا بوجود مراكز معتبرة تقوم بصناعة دراسات مستقبلية استشرافية مبنية على بيانات ذات جدوى، يقوم بمعالجتها مختصون فينتج عن ذلك معلومات ذات قيمة تغذى بها هذه الدراسات، فتنعكس إيجابا على مخرجاتها ودقتها.

مخرجات الدراسات الاستشرافية ليست مسلمات ذات طبيعة جامدة، بل يجب أن تتصف المراكز المختصة بهذا النوع من الدراسات بالديناميكية ومتابعة المتغيرات التي تطرأ على مدخلات المواضيع محل الدراسة دوريا، لتقييمها وتقويمها، والمتابع للدراسات الاستشرافية في قطاع الطاقة يلاحظ أن كثيرا من بيوت الخبرة والجهات المختصة العالمية خلال الفترة الأخيرة لم توفق في استشراف مستقبل الطاقة على المدى القصير، وهذا - في رأيي - جرس إنذار لصناع القرار لإعادة النظر في القرارت وتمحيصها، التي تعتمد على دراسات مستقبلية صادرة من هكذا جهات، حيث من الممكن أن ينسحب الخطأ في قراءة المستقبل واستشرافه في المدى القصير على المديين المتوسط والبعيد، بل المنظور كذلك! قطاع الطاقة بأقسامه المختلفة يجري عليه ما يجري على غيره، فاستشراف مستقبله - في اعتقادي - مهم جدا، بل ضرورة ملحة لجميع المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهنا يجدر بنا أن نشيد بـ"أوبك+" التي نجحت - في اعتقادي - في التعاطي بديناميكية وموضوعية في قراءة أسواق النفط خلال الأعوام الأخيرة عموما، وخلال جائحة كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، على وجه الخصوص.

كما ذكر الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، أن هناك منظورين مختلفين في قراءة مشهد الطاقة الحالي واستشراف مستقبله، أحد هذين المنظورين متأثر بالسياسة بشكل أو بآخر، والمنظور الآخر الذي تحمل لواءه "أوبك+" بقيادة السعودية هو منظور موضوعي يرتكز على أساسيات السوق والحقائق المجردة في اعتقادي.

على سبيل المثال، خفضت "أوبك+" الإنتاج في أكتوبر الماضي بنحو مليوني برميل يوميا من النفط، وهذا القرار واجه انتقادا كبيرا من كثير من الجهات والدول، بل إن الإدارة الأمريكية انتقدت هذا القرار بحجة أنه سيؤدي لرفع الأسعار بصورة كبيرة.

الواقع الذي نشاهده حاليا أن هذا القرار كان موفقا، ويرتكز على حقيقة أن الطلب على النفط ليس في أفضل حالاته بسبب الوضع الاقتصادي العالمي، حيث وصلت أسعار النفط حاليا إلى أقل من 80 دولارا للبرميل، فأين كانت ستصل الأسعار لو لم يتم اتخاذ هذا القرار؟ رغم هذا النجاح المتواصل في خدمة استقرار أسواق النفط العالمية لخدمة المستهلكين والمنتجين وقراءة مستقبله إلا أن بعض الجهات والأقلام تسعى جاهدة إلى رسم صورة ذهنية مضللة عن "أوبك"، وتكريس أنها منظمة احتكارية تهدف إلى التحكم في أسواق النفط وأسعاره لمصلحة أعضائها فقط! عجبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي