المخاوف الاقتصادية تخنق الزخم الصعودي للنفط .. تقلبات سعرية
توقع مختصون ومحللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد إغلاق الأسبوع الماضي على أول مكاسب أسبوعية منذ أكتوبر الماضي، مع صعود خام برنت 3.8 في المائة والخام الأمريكي 4.6 في المائة.
وأوضح المختصون أن التقلبات ما زالت هي السمة المسيطرة على السوق، حيث ارتفعت أسعار النفط لبعض الوقت، ولكن الزخم الصعودي خنقته المخاوف الاقتصادية مرة أخرى، موضحين أن تعزيز الأسعار جاء بسبب خوف التجار من اتساع الشح في الإمدادات بعد تسريب في خط أنابيب "كيستون" الكندي الأمريكي، والعقوبات على روسيا.
وذكروا في تصريحات لـ"الاقتصادية"، أنه في المقابل أدت الزيادات الكبيرة في المخزونات النفطية إلى التأثير على معنويات السوق ودعم الاتجاه الهبوطي للأسعار بعد تغلب النظرة الاقتصادية السلبية المرتبطة بسياسة سعر الفائدة، التي يستمر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في زيادتها.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي، العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة إن غياب اليقين عن أسواق النفط الخام يعزز التذبذبات السعرية خاصة في وجود عدد من العوامل القوية في السوق والمتضادة التأثير على الأسعار، لافتا إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية أن أسعار النفط قد ترتفع العام المقبل مع ضغط العقوبات على الإمدادات الروسية ومع تجاوز الطلب التوقعات الحالية.
وأشار إلى أن مخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي أصبحت مسيطرة بعد الرفع المتكرر لأسعار الفائدة الأمريكية واتباع النهج نفسه في عديد من البنوك المركزية الأخرى حول العالم، ولا سيما أن التباطؤ يقود دون شك إلى انخفاض الطلب العالمي، بالتزامن مع انخفاض الطلب على البنزين الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له في 22 شهرا، بينما هبط استهلاك الديزل 13 في المائة خلال أربعة أسابيع، مقارنة في الوقت نفسه من 2021.
ويرى، دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن الاستقرار في السوق غائب، ولكن هناك عوامل تقاوم الاتجاهات الهبوطية ومنها انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في 16 أسبوعا، ما ساعد كثيرا على ارتفاع أسعار النفط.
وأشار إلى تأثر السوق سلبا بإعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن خططه لمواصلة رفع معدلات الفائدة حتى الربيع المقبل، ما أدى إلى تنامي مخاوف من الركود، كما انخفض كل من الإنفاق على التجزئة والإنتاج الصناعي لشهر نوفمبر، ما زاد من قلق السوق.
أما بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة فيشير إلى أن نمو المخزونات النفطية له دلالة سلبية بشأن الطلب، ولكن له وجه إيجابي آخر، حيث يعمل على تحسين وضع المخزونات بشكل كبير في موسم الشتاء، الذي يشهد ارتفاعات قياسية في الاستهلاك، خاصة مع احتمال أن تواجه الولايات المتحدة طقسا أكثر برودة لفترة طويلة قادمة مع وضع مخزونات نفطية أفضل بكثير مما كان عليه قبل 30 يوما فقط.
وأوضح أن نمو الإنتاج الأمريكي ما زال حذرا رغم الأسعار المغرية، التي تفوق بكثير سعر التعادل، وذلك رغبة من المنتجين الأمريكيين في عدم الانصياع لضغوط الإدارة الأمريكية وتفضيل تعويض المساهمين والحفاظ على مستوى أسعار جيد وملائم للاستثمارات، لافتا إلى أنه لا يوجد في الأفق أي مؤشرات على عودة نمو إنتاج النفط الأمريكي إلى مستويات ما قبل كوفيد البالغة 13 مليون برميل يوميا.
بدورها، تقول أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، إن سياسات الطاقة الأمريكية على مدى ما يقرب من عامين لم تكن موفقة وتسببت في كثير من الآثار السلبية على الصناعة، حيث عمدت إلى الحد من الاستكشاف والإنتاج في الولايات المتحدة تحت غطاء تغير المناخ ودعما للطاقة المتجددة.
وأضافت أنه مع تفجر أزمة الطاقة العالمية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا واشتعال أسعار الغاز تغير الموقف وأصبحت الإدارة الأمريكية تناشد المنتجين الأمريكيين لزيادة الإنتاج دون استجابة بعدما أدركوا أهمية وضرورة التزام الحذر في التعامل مع متغيرات السوق الراهنة، خاصة مخاوف الركود وضعف الطلب نتيجة الرفع المتكرر لأسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار النفط في ختام تعاملات الجمعة، بضغط من المخاوف المتزايدة من الركود الاقتصادي، الذي سينعكس على مستويات الطلب على الخام في النهاية بالسلب.
وعند التسوية، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 2.17 دولار أو 2.6 في المائة إلى 79.04 دولار للبرميل، لكنها سجلت مكاسب أسبوعية بنحو 3.8 في المائة هي الأكبر منذ مطلع أكتوبر.
وتراجعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكية بنحو 1.82 دولار أو 2.4 في المائة إلى 74.29 دولار للبرميل، وسجل مكاسب أسبوعية أيضا بنحو 4.6 في المائة، وتشهد الأسواق بشكل عام اضطرابات بسبب مخاوف الركود، خاصة بعدما قالت البنوك المركزية في أوروبا وأمريكا إنها ستواصل رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
ومن جانب آخر، انخفض إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة مرة أخرى، حيث تراجع إجمالي عدد الحفارات بمقدار أربع مرات أخرى إلى 776 الأسبوع الماضي- 197 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2021، و299 منصة أقل من عدد الحفارات في بداية 2019، قبل انتشار الوباء.
وذكر تقرير شركة "بيكر هيوز" الأمريكية المعنية بأنشطة الحفر أن حفارات النفط في الولايات المتحدة انخفضت بمقدار خمسة هذا الأسبوع عند 620 وارتفعت منصات الغاز بمقدار 1، لتصل إلى 154 بينما ظلت الحفارات المتنوعة على حالها عند 2، مشيرا إلى بقاء عدد الحفارات في حوض بيرميان على حاله عند 350. وانخفض عدد الحفارات في إيجل فورد 1 إلى 71.
ونوه التقرير إلى تراجع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستوى 12.1 مليون برميل في اليوم في الأسبوع المنتهي في 9 ديسمبر، حيث بقي لمدة أربعة أسابيع قبل أن يرتفع إلى 12.2 مليون برميل يوميا في الأسبوع السابق، وذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية.