البنوك المركزية تركز على المخاطر المقبلة وتحرك إيجابي للسندات الحكومية

البنوك المركزية تركز على المخاطر المقبلة وتحرك إيجابي للسندات الحكومية

خلال الأسبوع الماضي لم يكن هناك قدر يذكر من العلامات الإضافية على وجود «البراعم الخضراء» الاقتصادية، ما ترك الموجودات ذات الطبيعة المائلة إلى الخطر، مثل الأسهم والسلع، تجهد في محاولة التقدم، وأعطى خلفية إيجابية للسندات الحكومية.
لكن الأنظار توجهت إلى سياسات البنوك المركزية، حيث يسعى البنك المركزي الأمريكي إلى التخفيف من التوقعات بحدوث زيادة مبكرة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وقام البنك المركزي الأوروبي بضخ ما مقداره 442 مليار يورو من القروض لأجل سنة واحدة إلى النظام البنكي لمنطقة اليورو. وفي أعقاب قرار المركزي الأوروبي جاء قرار المركزي الأمريكي بتمديد فترة التسهيلات بالدولار مع البنوك المركزية الأخرى حتى ترتفع نسبة السيولة فيها بالعملات الأخرى. قرر البنك المركزي السويسري التحرك لمساندة قطاع التصنيع عن طريق بيع الفرنك، كما أن محافظ البنك المركزي الياباني والمركزي البريطاني أكدا مشاعر اللبس حول الآفاق الاقتصادية للبلدين.
وقالت لينا كوميليفا، رئيسة قسم اقتصاد مجموعة السبعة في مؤسسة تاليت بريبون Tullett Prebon، إن القرارات المشتركة للبنوك المركزية أرسلت رسالة أن المخاطر الشاملة التي تهدد النظام بأسره لم تختف بعد وأن التعافي غير مضمون. ليس هذا فحسب، ولكن البنوك قالت فوق ذلك إن الحاجة تدعو إلى مزيد من الجهود الرامية إلى تثبيت الاستقرار والتعافي. وقالت: «البنوك المركزية الرئيسة في العالم لم تحمل المشاعل إعلاناً بالبراعم الخضراء، وإنما هي تسعى لتنفيس الفقاعة قبل انفجارها».
وأضافت: «خلال الشهر الماضي كنا نشعر بالقلق من أن آمال المستثمرين بحدوث تعاف مستدام ذهبت إلى أبعد مما يجب، إلى درجة أن الواقع الاقتصادي سيسبب تصحيحاً مؤلماً في نهاية هذا الصيف».
لكن بنك باركليز كابيتال ظل متفائلاً بتحسن الأحوال بالنسبة لآفاق الاقتصاد العالمي. وقال جوليان كالو، كبير اقتصاديي المنطقة الأوروبية في البنك: «نفترض استمرار الظروف الدالة على استمرار التحسن في ثقة الأعمال خلال النصف الثاني من العام». «التباطؤ الاقتصادي الذي لا يستهان به يفترض أن يضغط على معدل التضخم الأساسي، ما يعني ضمناً أن البنوك المركزية تستطيع أن تظل في حالة انتظار (من حيث أسعار الفائدة) لفترة مستدامة».
عند بداية الأسبوع ازدادت مشاعر العزوف عن المخاطر بعد أن قال البنك الدولي إنه يتوقع أن يتقلص الاقتصاد العالمي هذا العام على نحو يفوق ما كان متوقعاً من قبل. لكن الأمر الذي كان يقف في مواجهة ذلك إلى حد ما هو التعليق الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث قالت إنه يبدو أن هناك تحسناً في الآفاق العالمية للمرة الأولى خلال سنتين.
وبدا أن هذا الأمر ظهر في الدراسات المتفائلة حول الثقة بالشركات في ألمانيا واليابان، رغم أن البيانات الفعلية الصادرة كانت تحمل نتائج متباينة.
في الولايات المتحدة كانت الطلبات قوية على البضائع الصلبة، ولكن إحصائيات سوق الإسكان وسوق العمل مستمرة في تذكير المراقبين بالرياح العكسية القوية التي تواجه الاقتصاد. كذلك كانت بيانات مديري الشراء في منطقة اليورو مخيبة للآمال، وأدى الهبوط الحاد في الأسعار الاستهلاكية في اليابان إلى مخاوف بحدوث الانكماش الاقتصادي.
الطابع المتردد لبيانات هذا الأسبوع والافتقار إلى تطورات إيجابية ملموسة في قطاع الشركات، أديا إلى هبوط الأسهم الأمريكية والأوروبية على مدى الأسبوع. بحلول منتصف يوم الجمعة في نيويورك كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تسجيل هبوط بنسبة 0.5 في المائة، وهبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 2.1 في المائة، رغم أن مؤشر نيكاي 225 في طوكيو سجل ارتفاعاً مقداره 0.9 في المائة.
قال جيريمي باتستون كار، رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة تشارلز ستانلي Charles Stanley، إنه لا يزال غير مقتنع حتى الآن أنه قد بدأت مرحلة جديدة من هبوط الأسعار في أسواق الأسهم. وقال: «لعل أقوى الأسباب الداعية إلى المحافظة على الإيمان في الأسهم هو الحقيقة التي تقول إن الهبوط في أسعار الأسهم لم ينعكس في فئات الموجودات الأخرى، وعلى الأخص في أسواق الائتمان».
السلع، التي ينظر إليها كثيرون على أنها مرتبطة على نحو غير مفهوم بأسعار الأسهم في الوقت الحاضر، أمضت هذا الأسبوع بالتداول ضمن نطاقات ضيقة. تأرجح النفط حول سعر 70 دولاراً للبرميل، وتأرجح النحاس حول خمسة آلاف دولار للطن، وكان الذهب حبيساً تحت مستوى 950 دولاراً للأونصة.
لكن كانت هناك أدلة على تحسن شهية المخاطر للموجودات في بلدان الأسواق الناشئة. مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب لأسواق الأسهم في البلدان الناشئة كان في سبيله إلى تسجيل زيادة أسبوعية مقدارها 1.6 في المائة، في حين أن عملات هذه البلدان تقدمت بصورة عامة أمام الدولار.
كذلك تراجع الدولار قليلاً أمام اليورو والين بعد أن أشار البنك المركزي الأمريكي إلى أن أسعار الفائدة ستظل متدنية لفترة من الزمن. كذلك تعرض الدولار للضغط من تجدد الحديث عن أن الصين يمكن أن تقوم بتنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار.
لكن العملة الرئيسة في أسواق العملات الأجنبية هذا الأسبوع كانت الفرنك السويسري، على اعتبار أن البنك المركزي السويسري قام بعمليات بيع كبيرة للفرنك لشراء اليورو والدولار.
المبالغ الهائلة من أموال البنوك المركزية في أعقاب قرارات البنك المركزي السويسري والمركزي الأوروبي كانت إلى حد ما السبب وراء الاستقبال القوي في المزادات القياسية لهذا الأسبوع، التي عقدت لبيع السندات الحكومية الأمريكية. عرضت الحكومة للبيع سندات بقيمة إجمالية مقدارها 104 مليارات دولار، وساعد الطلب القويُّ المستثمرين على تجاوز أية خيبة أمل من أن البنك المركزي الأمريكي لم يقم بتوسعة برنامجه في شراء السندات.
هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات ليصل إلى 3.5 في المائة، أي أنه سجل هبوطاً بنسبة 29 نقطة أساس على مدى الأسبوع و50 نقطة أساس دون المستوى المرتفع الذي سجله الشهر الماضي والذي كان في ذلك الحين أعلى مستوى له خلال سبعة أشهر. في أوروبا هبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بنسبة 12 نقطة أساس ليصل إلى 3.38 في المائة.

الأكثر قراءة