على البنوك الأمريكية إصلاح رأسمالها الاحتياطي.. بسرعة

على البنوك الأمريكية إصلاح رأسمالها الاحتياطي.. بسرعة

سيخبرك قطاع الخدمات المالية وكثير من منظميه أن أكبر بنوك أمريكا مدعومة جيدا لمواجهة ركود محتمل في 2023، حيث يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لمحاربة التضخم. مع ذلك، البيانات غير مطمئنة.
لدى أكبر ثمانية بنوك احتياطي ضد الخسارات غير المتوقعة بالحجم نفسه تقريبا الذي كانت تملكه في 2006 عندما اقتربنا من الأزمة المالية العالمية والركود الذي تبعها. كانت تلك فترة فشلت فيها مئات البنوك وتم إنقاذ بعض أكبرها باستخدام مليارات الدولارات من المساعدات الفيدرالية.
لدى هذه المؤسسات الثمانية - التي تسمى البنوك العالمية ذات الأهمية النظامية، لأن لحجمها وتعقيدها تأثيرا ضخما في الاقتصادات المحلية والعالمية – الآن رأس مال ملموس يغطي ما متوسطه 6.7 في المائة فقط من أصولها التي تبلغ 14.7 تريليون دولار إجمالا، وفقا لآخر البيانات من الاحتياطي الفيدرالي. مقياس المرونة المالية الأساسي هذا، الذي يسمى نسبة الرفع المالي لرأس المال الأساسي، هو أعلى مما سجل في 2006 بـ0.7 نقطة مئوية فقط.
بعبارة أخرى، أكبر بنوك أمريكا وأكثرها أهمية نظاميا عالية الاستدانة اليوم كما كانت في السابق تقريبا. في حال شهد الاقتصاد تباطؤا كبيرا، فمن المحتمل بشدة أن يؤثر هذا المستوى من الرفع المالي سلبيا في الشركات المالية ويفاقم أي ركود في اقتصاد الولايات المتحدة أو الاقتصادات العالمية. على البنوك إصلاح رأسمالها الاحتياطي بحذر الآن قبل أن يقوض ركود محتمل ثقة الناس بها.
رفع الكونجرس ومشرفو البنوك والبنوك أنفسها مستويات رأس المال في القطاع بعد أزمة 2007-2009 واستجابة لغضب العامة. بين 2008 و2016، وصل رأس المال الأساسي للبنوك العالمية ذات الأهمية النظامية كنسبة من إجمالي الأصول، إلى ارتفاع 9 في المائة. كما ارتفعت هذه النسبة للبنوك المحلية والإقليمية بين 10 و11 في المائة.
لكن، مع تعزيز الاقتصاد وتعافي البنوك الكبرى من الصدمة، فقد نجحت في الضغط من أجل تشريع من شأنه أن يقدم إعفاء من بعض متطلبات رأس المال. أكدت، بدليل ضعيف، أن لديها فائض رأس مالي، وأن نسب رأس المال الأساسي العالية جعلتها تتحمل مزيدا من المخاطر وتقدم قروضا أقل. تسارع السعي نحو متطلبات أقل لرأس المال أثناء جائحة كوفيد- 19 حيث ضغطت تدفقات داخلة من الودائع على نسب رأس المال وهددت بتخفيض عوائد البنوك للمستثمرين.
لذلك، تدهورت معايير رأس مال البنوك ببطء مع الوقت كما تبين في الأرقام الحالية. إن الأمر مصدر قلق اليوم حيث تواجه البنوك احتمالية زيادة الخسائر في كل من أوراقها المالية ومحافظ القروض. مثلا، بلغت الخسائر في محافظ استثمار القطاع المصرفي للربع الثالث من 2022 ما يقارب 690 مليار دولار. تعود 300 مليار دولار من هذا الإجمالي إلى البنوك الثمانية العالمية ذات الأهمية النظامية.
إذا احتاجت هذه البنوك الكبرى إلى بيع الأوراق المالية لمواجهة ضغوط السيولة أثناء تباطؤ اقتصادي، فإن مثل هذه المبيعات ستحول الخسائر غير المحققة إلى خسائر حقيقية وسيكون لها تأثير كبير في الأرباح ورأس المال. إضافة إلى ذلك، تتوقع البنوك زيادة مشكلات القروض مع انكماش الاقتصاد. ومع ارتفاع أسعار الفائدة، ستضعف جودة الأصول أكثر، ما يؤدي إلى الضغط على رأس مال البنوك وتقويض مرونتها.
يجب تعزيز رأس مال البنوك بحذر، لكن بسرعة. ستستمر أسعار الفائدة في الارتفاع أو ستظل مرتفعة على الأقل، وستنخفض أسعار الأوراق المالية الاستثمارية أكثر، وستتدهور جودة القروض. قد تكون هناك حجج منطقية حول سبب تجنب الولايات المتحدة الركود، لكن تبقى إحداها محتملة. يعد رأس مال البنوك القوي مكملا أساسيا للسياسة النقدية النشطة في تخفيف آثار أي تراجع قد يتطور.
*زميل أقدم في مركز ميركاتوس في جامعة جورج ميسون ورئيس سابق للاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس

الأكثر قراءة