نهاية سوق الأسهم الخيالية تلطم البائعين بين المد والجزر

نهاية سوق الأسهم الخيالية تلطم البائعين بين المد والجزر

هناك كثير من الأسباب التي تجعل البائعين على المكشوف يشعرون بالامتنان لـ2022، كانخفاض الأسهم، والنهاية المفاجئة للأموال السهلة، وأزمة الطاقة التاريخية.
أدى هذا المزيج إلى قفز صناديق التحوط للبيع على المكشوف، التي تحقق الأرباح من انخفاض أسعار الأسهم، إلى مركز الصدارة، منهية بذلك معاناتها في التدهور العقيم إلى حد كبير في السوق الصاعدة التي استمرت لأكثر من عقد.
كان رينود سالور، المتداول السابق في "سوروس فاند مانجمنت" الذي يدير الآن صندوق أناكوندا إنفيست للتحوط في جنيف، قد تمتع بعام أفضل مما لو خطط له.
يشير سالور إلى الفرص التي طرحتها الأعوام الأخيرة، حيث شهدت جموحا في السوق الصاعدة، عندما كانت شركات التكنولوجيا الخاسرة تتألق، وازدهرت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة "سباك"، وغالبا ما كان البحث عن العوائد يميل إلى مصلحة المتهورين.
"لقد كانت الأمور في الخيال، لكنها الآن أقل خيالا"، كما قال سالور الذي ارتفع صندوقه التحوطي ذو المراكز الطويلة والقصيرة بنسبة 48 في المائة هذا العام، وقد استفاد من المراهنات ضد مجموعة طاقة الهيدروجين البريطانية آي تي إم باور وشركة فيستاز الدنماركية لصناعة توربينات الرياح.
حقق البيع على المكشوف ارتفاعا - وهو أحد أشهر الاستراتيجيات وأكثرها إثارة للجدل في صناعة صناديق التحوط - في الأوراق النقدية قبل السوق الصاعدة، ولا سيما أثناء انهيار البنوك مثل بنك نورثرن روك خلال الأزمة المالية وانهيار أسهم التكنولوجيا خلال انهيار فقاعة الدوت كوم قبل 20 عاما ونيف.
كان احتمال مجيء فترة ذهبية أخرى قد شجع البائعين على المكشوف على إطلاق سلسلة من الصناديق. حيث قام دانيال يو الذي أسس "جوتهام سيتي ريسيرتش"، وسايروس دي ويك الذي أسس "بورتسي أسيت مانجمنت"، بتوحيد جهودهما أخيرا لإنشاء صندوق تحوط.
أما جيم تشانوس، المعروف بتوقعه الصحيح لانهيار مجموعة إنرون للطاقة قبل عقدين، فيدير صندوقا جديدا للمستثمرين الأوروبيين، بينما قام مارتن ستابلتون، البائع على المكشوف الذي يحظى بالاحترام، الذي عمل سابقا في جلادستون، بجمع الأموال لصندوق جديد يدعى بيرباك كابيتال.
وفي الوقت نفسه، رأى آخرون أن مثابرتهم بدأت تؤتي ثمارها أخيرا.
كما قال كريس كروفورد، الذي يدير صندوق تحوط ذا مركز طويل - قصير لشركة إيريك ستوردزا إنفيستمنت، "لقد حصلنا أخيرا على عائد أكبر من دفاتر النقد القصيرة. لقد بدأ الواقع يلقي بظلاله على هذه الشركات"، في إشارة إلى المجموعات غير المربحة التي اندفع إليها المستثمرون خلال السوق الصاعدة.
زادت أسعار الفائدة المرتفعة من الضغط على الشركات التي تعتمد نماذج أعمالها على الحصول على قروض رخيصة، بينما تجعل التدفقات النقدية المستقبلية المتوقعة لشركات التكنولوجيا عالية النمو، لكن غير المربحة أقل جاذبية.
إضافة إلى الكشف عن هشاشة الشركات ذات الوصف المغري التي رغما عن ذلك لم تحقق الأرباح، فإن التحول الهائل في أسعار الفائدة ساعد البائعين على المكشوف بطرق أخرى.
البائعون على المكشوف، الذين يقترضون الأسهم ثم يبيعونها بعد ذلك في السوق، يحتفظون بالنقد مع وسيطهم حتى يبرموا الصفقة، عن طريق إعادة شراء الأسهم عادة بسعر أرخص. كما تعني أسعار الفائدة المرتفعة الآن أن الفائدة المكتسبة على هذا النقد تفوق تكلفة اقتراض الأسهم، وفقا لبيانات "جولدمان ساكس"، وهذا ما يكسبها ربحا جيدا حتى قبل أي مكاسب على الرهان نفسه.
كان التأثير المخيف للتراجع في سوق الأسهم على مستثمري التجزئة نعمة أيضا، خاصة أولئك الذين كانوا يتسابقون لشراء ما يسمى بالأسهم الميمية.
أخذ بعض المديرين مثل دانيال سوندهايم من شركة دي 1 في حسابهم تقليص المراكز القصيرة بعد تعرضهم لخسائر كبيرة، بعد إخفاق شركة جيم ستوب العام الماضي، بينما تحول بعضهم من رهانات الأسهم الفردية إلى الرهانات ضد أحد المؤشرات من أجل الحد من خسائرهم. لكن كثيرين الآن يشعرون بثقة أكبر للمراهنة على الأسهم الفردية مرة أخرى، كما يقول المطلعون على الصناعة، مع علمهم أنه من غير المرجح أن يتم استهدافهم من قبل المستثمرين الأفراد.
أخبر جيمس هانبوري، مدير صندوق في شركة أودي أسيت مانجمنت، المستثمرين في الوثائق التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، بأن هذا العام كان إلى حد بعيد أفضل عام للصندوق منذ إطلاقه في 2009 من خلال جني الأموال من البيع على المكشوف. ومن بينها سهم الميم السابق لشركة أيه إم سي إنترتينمنت ووكيل لصندوق آرك إينوفيشن الذي تملكه كاثي وود.
بينما عانى عديد من البائعين على المكشوف مما وصف بانتعاش كل شيء خلال جائحة فيروس كورونا، عندما أطلقت البنوك المركزية مزيدا من التحفيزات.
في حين إن الانخفاض الذي شهده العالم الجاري بنسبة 17 في المائة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 و30 في المائة في مؤشر ناسداك قد أثبت أنه موضع ترحيب، إلا أن سوق الأسهم الهابطة لا تزال تحمل مخاطر للبائعين على المكشوف الذين تعتمد عروضهم للمستثمرين على قدرتهم على تحديد الشركات الأضعف.
أصبح العثور على صفقات بيع جديدة أكثر صعوبة بعد الفرصة الذهبية التي أتت مع انهيار الأسهم المضاربة ذات الأسعار المرتفعة هذا العام - حيث انخفض مؤشر "جولدمان ساكس" لشركات التكنولوجيا غير الرابحة بنسبة 60 في المائة في 2022.
قال جاكوب ميتشل، مؤسس شركة أنتيبودز بارتنرز، التي تدير أصولا بنحو سبعة مليارات دولار، "إن صندوقه تمتع بأفضل فترة ستة أشهر من أرباح البيع على المكشوف في النصف الأول من هذا العام منذ إطلاقه قبل سبعة أعوام ونصف"، حيث قال "إن عمليات البيع على المكشوف التي كانت ناجحة واصلت النجاح".
لكنه أضاف "الأمر ليس واضحا بهذا القدر الآن. إذ لا يمكنك أن تقول إن هذا البيع على المكشوف سيظل ناجحا".
كان على المديرين أيضا التعامل مع الارتفاعات الحادة للسوق الهابطة، التي يمكن أن تزيلهم من مراكزهم. حيث شهد مؤشر ناسداك انتعاشا 23 في المائة من منتصف حزيران (يونيو) إلى منتصف آب (أغسطس) وارتفع 8 في المائة خلال أسبوع واحد في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر).
كما قال بنك مورجان ستانلي الاستثماري في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) في مذكرة اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز" وكانت موجهة إلى العملاء، "للمرة الأولى منذ بداية هذه السوق الهابطة، تشهد الصناديق (الأوروبية) الأكثر بيعا على المكشوف ارتفاعا مناسبا وتتسبب في إزعاج كبير لدفاتر النقد القصيرة".
قال سالور من شركة أناكوندا، في إشارة إلى الوقت الذي يتدافع فيه البائعون على المكشوف لإعادة شراء الأسهم في سباق للحد من خسائرهم، "يجب أن تكون قويا وقادرا على الاحتفاظ بمركزك، لأن التغطية على المكشوف قاسية للغاية".
بينما تراجع عديد من الأسهم هذا العام، إلا أن تحركاتها أصبحت مرتبطة بشكل متزايد بمؤشر ستاندارد آند بورز 500، وهذا يعني أن شركات إدارة الصناديق أصبحت أكثر عرضة لتحركات مستوى المؤشر العام.
ارتفعت العلاقة بين مؤشر ستاندرد آند بورز 500 والأسهم المرتبطة به بشكل حاد هذا العام، وفقا لبيانات "بلومبيرج". وغالبا ما زاد ذلك من صعوبة الأمر بالنسبة إلى الصناديق التي تدير ما يسمى بتداولات الأزواج، وهو رهان على ارتفاع سهم واحد يقابله رهان على هبوط سهم آخر، وغالبا ما يكونان في القطاع نفسه.
كتب صندوق ساندبار للتحوط أخيرا إلى المستثمرين للتأكيد على "الكيفية التي كانت فيها التحركات واسعة النطاق، وأنها كانت في اتجاه واحد في الأسواق في عديد من الأيام هذا العام"، حيث كانت "غير مفيدة" للصناديق التي تعمل في تداول الأزواج.
كل هذا أدى إلى تآكل أرباح البائعين على المكشوف في السوق الهابطة. بينما انخفض مؤشر جولدمان ساكس هيدج فند شورت في آي بي لصناديق أفكار البيع على المكشوف المفضلة بنسبة 11 في المائة هذا العام، ما أدى إلى تحقيق مكاسب لشركات إدارة الصناديق، وهذا أقل من الانخفاض في مؤشر ستاندرد آند بورز، ما يشير إلى أن الصناديق لم تختر أفضل الأسهم كي تراهن عليها.
قام أليستر هيبرت، المدير اللامع في "بلاك روك"، وأحد أفضل المتداولين على المكشوف، بتحويل صندوقه هذا العام ليكون مستعدا للأسهم المنخفضة، بينما خسر نحو 12.7 في المائة في هذه الفترة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأرقام.
قال كروفورد من شركة إريك ستوردزا "إنه احتفظ أخيرا بمراكزه لفترة أقصر كوسيلة للتعامل مع تقلبات السوق".
كما قال "إن البيع على المكشوف لا ينجح في 80 في المائة من الوقت. لكنك إذا كنت جيدا في ذلك، فسينجح في 20 في المائة من الوقت".
مع وجود كثير من التوقعات بأن 2023 سيكون عاما باهتا أيضا لأسواق الأسهم، سيكون البائعون على المكشوف تحت الضغط، كي يثبتوا قدرتهم على الخروج منه كواحد من الفائزين القلة.

الأكثر قراءة