إضرابات السكك الحديدية في بريطانيا .. كابوس حقيقي في نهاية العام
إضافة إلى مشكلات عيد الميلاد! لم يكتف سائقو القطارات بتعطيل كثير من الرحلات الأخرى بالفعل، بل قرروا الآن البقاء في المنزل عشية عيد الميلاد ويوم فتح الهدايا، لأنهم يرغبون في زيادة الأجور إضافة إلى 8 في المائة المقدمة إليهم على مدار عامين. مرة أخرى، أضرب اتحاد عمال القطارات والملاحة والنقل البريطاني، بقيادة المراوغ الماهر ميك لينش. أيها السادة "معظم موظفي السكك الحديدية من الرجال". لكن لو تخلينا جميعا عن السكك الحديدية، فقد تجدون عام نضالكم يعود عليكم بنتائج عكسية.
الأمر ليس كما لو أن "الخدمة العادية" تستحق التباهي. وقفت أخيرا وسط حشد محموم في يوستون، أشاهد قطاراتنا المتجهة إلى برمنجهام يتم إلغاؤها على لوحة الإعلانات. كانت آلات التذاكر معطلة، وهناك ثلاثة موظفين يحاولون التعامل مع مئات الاستفسارات. همست السيدة اللطيفة، "جربي العربة جي يا عزيزتي. إذا ركضت بسرعة عندما تصل، فقد تحصلين على مقعد". لحسن الحظ كنت أرتدي حذاء رياضيا. وفر القطار مرحاضا معطلا والنصائح المعتادة، "إذا رأيت شيئا ما، أخبر شرطة النقل، وسيتم حله". لكن من يريد في الواقع أن يحل هذا الأمر؟
إننا نعيش في عصر الجهود البشرية الاستثنائية، لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال، والبعثات الفضائية، والذكاء الاصطناعي. مع ذلك، يبدو أنه من المستحيل تشغيل ثماني عربات بشكل موثوق على طول خط ثابت من النقطة أ إلى النقطة ب. سجلت عمليات إلغاء رحلات السكك الحديدية رقما قياسيا هذا العام، حيث تعطلت رحلة واحدة من كل 26 رحلة. لماذا؟ ينبغي مراجعة الهيكل التنظيمي فقط. أصبح الشيء الذي كان بسيطا في عصر البخار معقدا بشكل فظيع. لا يوجد أحد مسؤول بشكل كامل، لذا فإن الوزراء والمشغلين الخاصين والوكالات العامة يلومون بعضهم بعضا. كان الخطأ الكبير الذي حدث أثناء التخصيص هو فصل العمليات عن البنية التحتية. هذه ليست "منافسة"، بغض النظر عما تصوره خبراء السوق الحرة، إنها فوضى.
الهوس الأيديولوجي بمشاركة القطاع الخاص يجعل الحكومة بطيئة للغاية في مواجهة الشركات الفاشلة. مددت عقد شركة أفانتي ويست كوست، الذي يتماشى مع الحصول على مكافأة على الرغم من التخلي عن مزيد من الرحلات، وبشكل متناسب، أكثر من أي مشغل آخر. عانت الشركة انخفاضا كبيرا في عدد السائقين المتطوعين للعمل في "أيام راحتهم" - أيام إجازتهم الأسبوعية - وهي ممارسة قديمة تخلى عنها كثير من الشركات الأخرى منذ فترة طويلة. وفقا لخبير صناعة السكك الحديدية كريستيان وولمار، اعتمدت "أفانتي" على هذا النظام لتوظيف نحو 100 سائق أقل مما تحتاج إليه. لكن النيات الحسنة الآن نفدت. كتب وولمار، إن السائقين "لا يحتاجون إلى أموال إضافية (...) فهم الآن يكسبون في المتوسط 60 ألف جنيه استرليني سنويا".
عدم قدرة شركتي "أفانتي" و"ترانس بيناين" على الاتفاق على ترتيبات العمل الإضافي الجديدة يساعد على إغراق خدمات السكك الحديدية الشمالية في حالة من الفوضى، وفقا لما ذكره يورجن ماير واللورد جيم أونيل، نائبا رئيس مجلس إدارة شركة نوذيرن بورهاوس بارتنرشيب. إنهم قادمان من شركة سيمنز ومصرف جولدمان ساكس، بالكاد يكون هذان الاثنان شيوعيين، ينبغي أن يكونا في جلسة استماع عاجلة عندما يقولان إن أعطال القطارات تلحق الضرر بالشركات. لكن على الرغم من وعد مارك هاربر، وزير النقل الجديد، "بسكة حديد مناسبة لسبعة أيام"، لا تعتمد على متطوعين للتشغيل، إلا أنه ليس من الواضح كيف سيحصل عليها.
تم بذل جهود بطولية من قبل العقول اللامعة لابتكار بدائل للنموذج الحالي. لكن هوسهم بالمنافسة قد أغر بهم. أحدث فكرة كبيرة هي أن تقوم مؤسسة واحدة، وهي "جريت بريتش ريلويز"، بجمع الخدمات والبنية التحتية معا والعمل "كعقل موجه". هذا يبدو أكثر منطقية من الوضع الحالي. لكن أيضا أفسدها الإصرار على "الشراكة بين القطاعين العام والخاص". تم بالفعل تأخير "جريت بريتش ريلويز" بقدر تأخير قطار الـ9.04 صباحا في محطة مانشستر المتجه إلى بيكاديللي، وقد يتم إلغاؤه. لكن لو تم إنشاؤه، سيظل عالقا بين الوزراء المتدخلين في المراتب العليا والشركات الخاصة في المرتبة الدنيا.
ربما ما نريده نحن الركاب - خدمة ذات جودة موثوقة لا تتركنا عالقين على منصة أو عالقين بالتذكرة الخاطئة - هذا لا يتوافق مع الغرب المتوحش لحقوق الامتياز. الحكومة تتجه نحو استبدال حقوق امتيازات المشغلين برسوم ثابتة ومكافآت أداء. لكن هذا من شأنه أن ينقل الخطر إلى الدولة، بينما يترك الشركات في عقود قصيرة المدة مع حافز أقل للاستثمار كما يفترض.
الحل البديل أمامنا، التأميم. سكة حديد لندن الشمالية الشرقية، التي تمتد شرقا من كينجز كروس، عملت بجدول زمني عادي بعد الجائحة منذ أن تولتها الحكومة. وعد حزب العمال بتأميم السكك الحديدية عندما تنتهي العقود في الأعوام القليلة المقبلة. على الرغم من تشاؤمي بشأن قدرة الحكومات على إدارة أي شيء، إلا أنني متأكدة من أنه يمكن وضع نظام لمنع الإدارة الصغرى.
لقد حان الوقت للتوقف عن التخبط والاعتراف بأن التجربة لم تنجح. انخفض الدعم بعد التخصيص في تسعينيات القرن الماضي، لكن بحلول 2005، كان دافعو الضرائب يدفعون نسبة أعلى من دافعي الأجرة.
تاريخ اتحاد عمال القطارات والملاحة والنقل البريطاني الطويل في استخدام نفوذهم للحصول على ما يريدون يجعل من المفارقة أن الحكومة تتعرض لانتقادات لاتباعها نهجا "متشددا" في الإضربات. الوزراء متهمون بعرقلة صفقة زيادة الرواتب، لكن على عكس أرباب العمل، إنهم يمثلون دافعي الضرائب. يبدو أن لينش عازم على إثارة الفوضى.
يمكننا أن نتوق إلى الطرق المزدحمة في عيد الميلاد هذا العام فوق كل شيء آخر. بحلول هذا الوقت من العام المقبل، ربما نعتاد على القيادة أو حجز الرحلات القصيرة بدلا من المخاطرة ببؤس السكك الحديدية. قد نجد أنه من الصعب استعادة ثقتنا بالخدمات التي لا يمكن الاعتماد عليها. وجدت نفسي أخيرا جالسة أمام رجل فرنسي تم إعطاؤه استبيانا لملئه حول الطعام. ضحك وقال، بينما كنا ننتقل عبر أكسفورد، "لا يوجد أي طعام، لكنني لن أحلم بلمسه على أي حال".