المخاطر المالية لم تنخفض .. تم تحويرها فقط
عندما سئلت جين فريزر، الرئيسة التنفيذية لمصرف سيتي جروب، في وقت سابق من هذا الأسبوع عن المخاطر التي كانت تشعر بقلق شديد بشأنها، تصدرت سيولة السوق قائمتها.
يشعر بنك التسويات الدولية بالقلق من "هشاشة" سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. ارتفعت التقلبات في أسواق سندات الخزانة الأمريكية هذا الخريف بسبب ضعف السيولة.
مع استعداد العالم للدخول في الركود الاقتصادي، من المتوقع حدوث ضغوط. لكن هناك أدلة متزايدة على أن الإصلاحات التي أعقبت الأزمة، في حين أنها تهدف إلى دعم الاستقرار المالي قد تكون، في مجالات مهمة، استبدلت ببساطة مخاطر الطرف المقابل بمخاطر السيولة.
بالعودة إلى أزمة 2008، نشأ جزء كبير من العدوى الناجمة عن التعاملات التجارية بين المؤسسات الفاشلة وتلك الأقوى. عندما قامت شركة إيه أي جي للتأمين ببيع مقايضات التخلف عن سداد الائتمان بأحجام أكبر مما يمكنها الالتزام به، هدد عجزها عن السداد بإسقاط مجموعة كاملة من المصارف التي كانت على الجانب الآخر من تلك الصفقات. بشكل مشابه، تسبب انهيار مصرف ليمان براذرز في خسائر مزعزعة للاستقرار بصناديق أسواق المال التي كانت تحمل سنداته.
منذ ذلك الحين، ركزت الجهات التنظيمية على التأكد من أن المصارف الفردية أقوى وأقل عرضة للمشكلات التي تختمر في الأجزاء الأقل تنظيما من القطاع المالي، والمعروفة مجتمعة باسم مصارف الظل. يجري الآن مزيد من المعاملات عبر غرف المقاصة المركزية أو تتطلب مزيد من الضمانات. الفكرة هي أنه إذا وقع أحد الجانبين في مشكلة، فلن يتحمل الجانب الآخر المسؤولية.
لقد نجحت في ذلك إلى حد كبير. تتمتع المصارف العالمية برسملة أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق. تحول كثير من المعاملات، بما في ذلك تلك التي تنطوي على مشتقات مالية معقدة، مما كان في الأساس إقراضا غير مضمون إلى الترتيبات القائمة على الهامش المدعومة بالنقد أو الأصول الآمنة سهلة البيع.
لكن ذلك لم يترجم دائما إلى الاستقرار المالي الواسع الذي كان يأمل فيه صناع السياسة. في الأيام الأولى من الجائحة، أجبرت عمليات البيع الكبيرة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على دعم كل من صناديق أسواق المال وسوق الأوراق التجارية.
في الآونة الأخيرة، أغلقت بورصة لندن للمعادن في آذار (مارس) التداول وألغت صفقات بمليارات الدولارات، لأن ارتفاع أسعار النيكل تسبب في خسارة 2.6 مليار دولار لغرفة المقاصة التي أنشأتها لمحاولة وقف امتداد الأزمة. ثم في أيلول (سبتمبر)، اضطر بنك إنجلترا للتدخل عندما أدت عمليات البيع القسري لتلبية طلبات الهامش إلى زعزعة استقرار سوق السندات الحكومية في المملكة المتحدة.
يقول بول تاكر، النائب السابق لمحافظ بنك إنجلترا الذي ساعد على قيادة استجابة المملكة المتحدة للأزمة المالية 2008، "إننا نشهد ضغوطا على السيولة في أماكن لم يتوقعها جيلي من محافظي البنوك المركزية، وكانوا يأملون في منعها عبر تقييد نظام الظل المصرفي".
يأتي تحويل مخاطر الطرف المقابل إلى مخاطر السيولة من عدة مصادر. في أسواق سندات الخزانة، اعتادت مصارف وول ستريت أن تلعب دورا مهما في التخزين، ولا سيما في سوق "الريبو" للإقراض قصير الأجل. لكن قواعد رأس المال الأكثر صرامة دفعتها إلى إعطاء الأولوية لخطوط الأعمال الأخرى ذات الهامش الأعلى، ولم يظهر المشاركون الآخرون في السوق أي علامات تدل على أخذ مكانها. بدلا من ذلك، عندما يرتفع التقلب، تبتعد صناديق التحوط والمتداولون ذوو الترددات العالية عن لوحات المفاتيح الخاصة بهم.
يقول مانموهان سينج من صندوق النقد الدولي، "المصارف التجارية التي تتداول بالأوراق المالية الآن مدفوعة بالربح لكل وحدة من الميزانية العمومية، وإعادة الشراء ليست على رأس القائمة. يتم الحكم عليها بناء على سعر السهم وليس بناء على ما إذا كانت تساعد أسواق الخزانة الأمريكية".
كما أسهم التركيز على الضمانات في عدم الاستقرار بطرق لم يتوقعها صناع السياسات، ولا سيما من خلال تضخيم ضغط البيع. يعد انهيار سوق السندات الحكومية في المملكة المتحدة خير مثال على ذلك، حيث اشترت صناديق التقاعد في المملكة المتحدة المشتقات باعتبارها جزءا من استراتيجية تعرف بالاستثمار المدفوع بالالتزامات. عندما انخفضت أسعار السندات الحكومية بحدة، تلقت نداءات هامش تطلب منها تقديم مزيد من الضمانات، لذلك قامت ببيع السندات الحكومية، ما أدى إلى انخفاض سعرها، ما تسبب في مزيد من طلبات الهامش.
ظهر نوع ثالث من انعدام السيولة في الأعوام الأخيرة حيث انتقل المستثمرون إلى ما هو أبعد من الحسابات المصرفية والأسهم والسندات بحثا عن عوائد أعلى. في أوقات اضطراب السوق، تعرضت الصناديق التي تركز على العقارات والائتمان الخاص وما شابه ذلك لطلبات استرداد أكثر مما يمكنها التعامل معه بسهولة. قام صندوق بلاكستون أخيرا بتقييد عمليات السحب من صندوقه العقاري الخاص بريت الذي تبلغ قيمته 69 مليار دولار بعد تجاوز الحدود الشهرية والربع سنوية لعمليات الاسترداد.
يجادل المصرفيون بأن إحدى طرق المساعدة تتمثل في معاملة حيازات السندات الحكومية بشكل أكثر تساهلا في حسابات رأس المال، لكن هذا قد يشجع المقرضين على التلاعب بالقواعد وإعادة إيقاظ مخاطر الطرف المقابل. ترغب بعض الجهات التنظيمية في تشديد الرقابة والتدقيق وقواعد الضمانات بالنسبة إلى الجهات غير المصرفية، لكن هذا قد يؤدي إلى تفاقم البيع الاضطراري خلال فترات الركود في السوق.
مع تنامي الضغط الاقتصادي، ينفد الوقت لدى صناع السياسات لإيجاد المقايضة الصحيحة بين مصادر الخطر.