«الصخري الأمريكي» في أزمة .. نمو الإنتاج يقل النصف عن أعوام الازدهار

«الصخري الأمريكي» في أزمة .. نمو الإنتاج يقل النصف عن أعوام الازدهار
رغم تحفيز الإدارة الأمريكية للشركات من أجل مزيد من الإنتاج إلا أن نمو الإنتاج يتباطأ في الولايات المتحدة.

اتسمت السوق النفطية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بخوض كثير من التحديات، ما أدى إلى انخفاض أسعار خام برنت بنحو 10 في المائة وسط بيئة اقتصادية كلية متدهورة ومعنويات هبوطية متزايدة تجاه النفط.
وذكر تقرير لشركة فيتش سوليوشنز، أن ضغوطا شديدة وقعت على سوق العقود الآجلة وهبطت الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الروسية - الأوكرانية في شباط (فبراير) الماضي.
وقال لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون، إن الانخفاض في الأسعار كان في جزء كبير منه مدفوعا بالمضاربة وسط علامات على حدوث تراجع للطلب في سوق النفط العالمية، موضحين أن الأسعار ممزقة بين القيود على جانب العرض وتوقعات ضعيفة بشأن الطلب، حيث يتدهور نمو الاقتصاد الكلي العالمي.
وأوضح المحللون أن قرار "أوبك+" بالحفاظ على استقرار الإنتاج في اجتماعها الأخير كان متوقعا بنسبة كبيرة، خاصة أنه يعقب اجتماعا تاريخيا سابقا قررت فيه المجموعة في تشرين الأول (أكتوبر) خفض إجمالي الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا من مستويات الإنتاج المطلوبة في آب (أغسطس) 2022 بدءا من نوفمبر.
ولفتوا إلى أنه على الرغم من تحفيز الإدارة الأمريكية للشركات من أجل مزيد من الإنتاج، يظهر أحدث البيانات أن نمو إنتاج النفط يتباطأ في الولايات المتحدة، وأن ثورة النفط الصخري التي حدثت واستمرت حتى أعوام قليلة مضت، لم تعد في وضع النمو القوي وقد لا تعود إليه أبدا، حيث لم يعد إنتاج النفط في البلاد يرتفع بشكل مطرد. وعلى مدى شهرين من الأشهر السبعة الماضية انخفض الإنتاج بالفعل - وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة - وجاء معدل النمو الحالي نصف معدل النمو المسجل خلال أعوام الازدهار في الولايات المتحدة التي بدأت في النصف الثاني من 2014.
وذكر سيفين شيميل مدير شركة في جي إندستري الألمانية، أن قرارات "أوبك+" تكون دائما مدفوعة باعتبارات السوق، وبهدف العمل على تحقيق استقرار أسواق النفط العالمية، وهو ما دفع إلى عقد اجتماع لجنة المراقبة الوزارية كل شهرين لمعالجة تطورات السوق إذا لزم الأمر. وأشار إلى أن كثيرا من المعنيين يرون أن "أوبك+" اتخذت القرار الصحيح في ظل غياب اليقين في السوق وعدم معرفة الحجم الحقيقي لتراجع الإنتاج الروسي بعد بدء تطبيق قرار الحظر الأوروبي على الصادرات الروسية من النفط الخام المنقولة بحرا الذي دخل إلى حيز التنفيذ في 5 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وأيضا مع توافق مجموعة السبع على تطبيق سقف سعري على صادرات النفط الروسي عند مستوى 60 دولارا للبرميل. من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، إن المخاوف من تقلص الإمدادات تعود لتتصدر الواجهة في السوق النفطية، خاصة في ظل أنباء عن سعى الإدارة الأمريكية إلى وقف المبيعات من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الذي أقره الكونجرس حتى تتمكن من إعادة ملء احتياطي الطوارئ، معتبرا أنها خطوة قد تؤثر في إطلاق 147 مليون برميل من النفط الخام. ونوه إلى وجود ارتباك لدى الجانب الأمريكي في التعامل مع إمدادات النفط الخام، حيث تحدث مسؤولون أمريكيون عن أنه ليس من المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة أن تطلق النفط الخام، بينما تحاول إعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي.
من ناحيته، ذكر ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن عمليات الإغلاق الوبائي في الصين أثرت كثيرا في الطلب العالمي بالسلب، مبينا أن وضع الإمدادات النفطية ما زال ملتبسا بعد قرار الحظر الأوروبي على الصادرات النفطية الروسية، حيث يتوقع بعض المراقبين ألا يحد القرار من إمدادات النفط الروسي في ظل تحديد سقف الأسعار وحظر النفط، إذ لا يستطيع الاتحاد الأوروبي الاعتماد بشكل كامل على واردات النفط من الولايات المتحدة. وذكر أن النظرة المستقبلية لصناعة النفط الأمريكية ليست مشجعة للغاية، حيث إن الإنفاق على صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة ما زال بعيدا عما كان عليه خلال أعوام الازدهار السابقة، لافتا إلى تأكيد "مورجان ستانلي" أن الإنفاق على الإنتاج الجديد ما زال متواضعا في أغلب الأحوال، كما لا يمكن أن يعود النفط الصخري الزيتي ليصبح منتجا متأرجحا.
بدورها، قالت جولميرا رازيفا كبير الباحثين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن "أوبك" عادت بقوة وثقة إلى مقعد القيادة في سوق النفط العالمية، حيث يمكن اعتبارها الآن القائد للمعروض النفطي العالمي وهم أيضا المنتجون المتأرجحون.
ولفتت إلى تقارير دولية تشير إلى أن شركات النفط الصخري الأمريكية وصلت إلى ذروة إنتاجها ولا تستطيع وضع أهداف إنتاجية واستثمارية جديدة، متوقعة أن يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى مزيد من النفط الخام من دول "أوبك" وهي قادرة بالفعل على تلبية جميع احتياجات الاستهلاك في السوق الأوروبية، بينما تتمسك روسيا بأنها لن تبيع النفط للدول التي تفرض سقفا للسعر.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط في تعاملات متقلبة أمس، رغم الضبابية الاقتصادية على تأثير وضع سقف لأسعار النفط الروسي وتوقعات زيادة الطلب في الصين. وبحسب "رويترز"، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 90 سنتا بما يعادل 1.09 في المائة إلى 81.78 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وانخفض خام غرب تكساس الوسيط 79 سنتا أو 1.03 دولار إلى 76.14 دولار. وفي وقت سابق من الجلسة، انخفض كلا العقدين بأكثر من دولار، بينما كان برنت قد زاد أكثر من دولار في التعاملات الآسيوية.
سجلت العقود الآجلة للنفط، الإثنين، أكبر انخفاض يومي لها في أسبوعين، بعد أن أشارت بيانات قطاع الخدمات الأمريكي، إلى قوة اقتصاد البلاد.
وعززت البيانات الاعتقاد لدى المستثمرين بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد يستمر لفترة أطول في تبني زيادات حادة لأسعار الفائدة.
وقال تاماس فارجا من "بي.في.إم" للسمسرة في النفط، "يمكن أن تتسبب الصعوبات الناجمة عن التضخم في اضطرابات اقتصادية عالمية خلال الشهور المقبلة"، لكنه أضاف "الفتح التدريجي في الصين هو تطور إيجابي مبدئيا".
يخفف مزيد من المدن في الصين القيود المرتبطة بكوفيد - 19، ما أثار التفاؤل بشأن زيادة الطلب لدى أكبر مستورد للنفط في العالم.
وكانت السوق تعكف على تقييم مدى تأثر الإنتاج بتحديد سقف عند 60 دولارا للبرميل على الخام الروسي من جانب مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا، ما أسهم في تقلبات السوق. من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 83.16 دولار للبرميل، الإثنين، مقابل 83.97 دولار للبرميل في اليوم السابق. وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض على التوالي، وأن السلة خسرت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 83.42 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة