رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مركز تدريب 10X10 والتوجه للعالم الأول..

عندما تسير على سير يتحرك عكس اتجاهك فأمامك ثلاثة احتمالات، الأول أن تتراجع لأن سرعة السير أكبر من سرعتك، والثاني أن تقف ثابتا لأن سرعتك تساوي سرعة السير، والثالث أن تتقدم عندما تزيد سرعتك على سرعة السير، وهذا وضع الدول في مسيرة التقدم مع المتغيرات المتسارعة، فهناك مَن يتراجع وهناك من يقف ثابتا، وهناك مَن يتقدم، وكلنا يعلم أن جيل الشباب هو الجيل الأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات وتغيير سرعته لمواكبة هذه المتغيرات بخلاف الكبار الذين يقعون في كثير من الأحيان في أسرٍ عوامل نجاحاتهم في معطيات سابقة فيعتقدون بأنها صالحة للتعاطي مع الظروف كافة.
تذكرت هذه الاحتمالات وأنا أستمع لصديق مستثمر يستشيط غضبا بعد أن راجع جهازا حكوميا خدميا للترخيص له بمشاريع استثمارية يريد تنفيذها بعد أن اقتنع بأن البيئة الاستثمارية في بلادنا تحسنت، خاصة ونحن نقترب من أن نكون في مصاف أفضل عشر دول في العالم من حيث البيئة الاستثمارية فوجد ما وجد من العقد الفردية والعوائق النظامية والإجرائية والضياع في تفاصيل البيروقراطية والروتين والخوف من اتخاذ القرار، ما جعله يعدل عن هذه المشاريع ويعود للمضاربة على الأراضي والأسهم باستخدام بطاقة الأحوال فقط دون الحاجة لترخيص من أحد، فقلت أنى لنا أن نتحرك أسرع من سرعة السير.
ورغم هذا أقول إنني متفائل بأننا قادرون على زيادة سرعتنا بوجود قيادات مثل الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة الذي أطلق شعار "التوجه للعالم الأول"، وهو شعار رائع لتأطير المشاريع والبرامج والأنشطة التي تُنفذ في منطقة مكة المكرمة بإطار مُحفزاً جميع الأجهزة الحكومية ومنشآت القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع للعمل الابتكاري الإبداعي المتواصل والحثيث الممزوج بعاطفة حب الوطن والرغبة بالنهوض به الى صفوف دول العالم الأول، وذلك بهدف تحقيق مستوى معيشي أفضل للمواطن السعودي الذي أكد عليه سموه بشعاره الجميل الآخر "نطور الإنسان بتطوير المكان".
نعلم أن تحقيق مستوى حياة أفضل للمواطن السعودي ونمو اقتصادي مستدام يستدعي خلق فرص وظيفية مجزية الأجور من خلال تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد وتوسعتها بزيادة معدلات تكوين منشآت الأعمال من خلال تنمية حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية، وكلنا يعلم أن هدفا شموليا كهذا لا يمكن لأي كان تحقيقه منفردا مهما بذل من جهود دون بناء علاقات تشاركية بين الأطراف ذات الصلة كافة لتنسيق المواقف وتكامل الجهود بما يزيد من فاعلية الخطط والبرامج والمشاريع، ذلك أن الهدف الشمولي لا يمكن معالجته دون تفاعل الأجزاء ذات الصلة أو المستفيدة بتحقيقه، وهو ما يتطلب قناعة راسخة وتجانسا فكريا وعملا تكامليا وتطبيقا متوازيا من الجميع دون تأخر جهة عن أخرى، وبالتالي فإن الشعار الذي أطلقه الأمير خالد الفيصل يحتاج إلى جهود تشاركية وتكاملية كبيرة على مستوى البلاد لا يمكن أن نُحملها إياه كأمير لمنطقة مكة المكرمة.
بحسب علمي فإن الهيئة العامة للاستثمار هي الجهاز التسويقي المسؤول عن إنشاء بيئة عمل صحية وجاذبة للاستثمار، وبالتالي فهي الجهاز المعني بطرح الفرص التسويقية وجذب المستثمرين وتحسين البيئة الاستثمارية، ولكم أن تتصوروا حجم المهمة في سوق ضعيفة التنافسية ألف المُنتج والمُستهلك فيها الرعوية والدعم والحماية والتفضيل لأكثر من خمسة عقود مضت.
نجاح الهيئة في القيام بمهمتها يستوجب التأثير الإيجابي في شركائها، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون طرح مبادرات تجعل الكل يحتكم إلى مرجعيات علمية عالمية لتحسين البيئة الاستثمارية كمتطلب أولي للمستثمر المحلي فضلا عن الأجنبي، ولا شك أن برنامج (10 × 10) الذي يستهدف الوصول بالمملكة إلى مصاف الدول الـ 10 الأوائل في تقارير التنافسية الدولية في نهاية عام 2010 م، يعتبر برنامجا عمليا رائعا وجه الجهود كافة دون جدل ودون فرض رأي أحد على أحد لترجمة رؤية الهيئة العامة للاستثمار في رفع تنافسية المملكة دوليا في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث يقيس تنافسية المملكة من خلال ثلاثة تقارير دولية تصدر من ثلاث جهات دولية موثوقة ومعتمدة لدى المستثمرين كافة كتقارير إرشادية لتوجيه وتنمية استثماراتهم.
بدأنا نقترب من تحقيق المرتبة العاشرة عام 2010م مع تحسن ملموس في بيئتنا الاستثمارية، ولكن وللأسف الشديد ما زال كثير من موظفي الأجهزة الحكومية، خصوصا المسؤولين الذين عملوا فترة طويلة زمن الرعوية الكاملة لم يستطيعوا التكيف مع متطلبات تطبيق الأنظمة واللوائح الجديدة لاختلال منظومة القيم والمفاهيم التي يحملونها ويحملها مرؤوسوهم للتعامل مع المراجع أيا كان وخصوصا المستثمر، ولغياب الاندفاع الذاتي نحو التطوير المستمر في اتجاه تسهيل الإجراء وخدمة المراجع والإنجاز السريع بدل عقلية تسيير الأعمال ومراقبة الموظفين والحد من الأخطاء على حساب كم ونوع الإنجاز.
ما أقترحه على الهيئة العامة للاستثمار ومن خلال مركز التنافسية الوطني الذي يعمل حالياً تحت مظلة تنظيم الهيئة ويشترك معها في الأهداف المتعلقة بزيادة النمو وتحسين بيئة الاستثمار وزيادة معدلاته أن تؤسس مركز تدريب 10 X 10 لمعالجة الاتجاهات السلبية القائمة وتطوير منظومة المعارف والقيم والمفاهيم لدى المسؤولين والعاملين في الأجهزة الحكومية ذات الصلة بالبيئة الاستثمارية ولترسيخ روح المبادرة لديهم لنتجه للعالم الأول كدولة تعمل على تفعيل قوى السوق لتوفير السلع والخدمات وتحقيق متطلبات العيش الكريم والرفاهية للمواطن، وكلي ثقة بالقائمين على الهيئة والمركز بالقيام بذلك في أسرع وقت وإلا ستفتقد الأنظمة والإجراءات الجديدة القناعة بتطبيقها ما يجعلها حبيسة الأدراج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي