حظر مرتقب للخام الروسي يزيد الضغوط على موازين النفط العالمية وأسواق الديزل
استمرت حالة التقلبات في السوق النفطية مع ميل إلى هبوط الأسعار ودعم تقارير دولية أشارت إلى تسجيل أدنى مخزونات النفط في الاقتصادات المتقدمة منذ 2004، ويتزامن ذلك مع اقتراب موعد الحظر المقبل من الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الروسية ما يزيد من تشديد سوق النفط وأسواق الديزل الضيقة بالفعل.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إنه على الرغم من توتر الأسواق وحالة عدم اليقين إلا أنه يمكن القول إن أسواق النفط لا تزال متوازنة بشكل جيد مع اقتراب أشهر الشتاء ومع اتجاه مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى تسجيل أدنى مستوياتها منذ 2004.
وتوقعوا أن يضيف الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الخام والمنتجات الروسية وحظر الخدمات البحرية مزيدا من الضغط على موازين النفط العالمية وعلى وجه الخصوص على أسواق الديزل، لافتين إلى أن وضع سقف مقترح لأسعار النفط قد يساعد في تخفيف التوترات ومع ذلك لا يزال هناك عدد لا يحصى من الشكوك والتحديات اللوجستية.
وأشاروا إلى أن تأثيرات العقوبات الغربية على روسيا ما زال محدودا في ضوء استمرار تدفق الخام الروسي إلى الهند على الرغم من الضغط الأمريكي بينما تستمر مطالبات الإدارة الأمريكية للمنتجين الأمريكيين بزيادة الإنتاج في محاولة لخفض أسعار الوقود خاصة بعدما خففت الصين من قيود الإغلاق واستمرت "أوبك +" في تطبيق خفض الإنتاج مليوني برميل يوميا من الشهر الجاري.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيمل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية إن هناك حالة من الصعوبة في توقع مسار الأسعار في سوق النفط في الفترة المقبلة خاصة بعد تأكيد منظمات دولية أن مستويات المخزونات المنخفضة والحظر المرتقب المفروض على واردات الاتحاد الأوروبي من النفط الخام والمنتجات الروسية اعتبارا من 5 ديسمبر و5 فبراير على التوالي سيؤديان إلى اضطراب السوق بشكل لافت.
ورجح أن سوق الديزل شديدة الضيق والأسعار المرتفعة ستؤديان إلى معاناة الطلب في العام المقبل بعدما أجمعت هيئات دولية على خفض تقديرات نمو الطلب في 2023 إلى 1.6 مليون برميل يوميا بدلا من 1.7 مليون برميل يوميا موضحا أن الاقتصاد العالمي كان في حالة تغير مستمر هذا العام.
ويقول، روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات إن ارتباك الأسواق ناجم عن وجود وجهتي نظر متضادتين بالنسبة إلى وضع السوق حيث يعاني الجانب الأول قلقا بشأن تدمير الطلب الناجم عن الركود في حين أن الجانب الثاني يتوجس من قلق بشأن فقدان العرض واستمرار شح الإمدادات.
ولفت إلى أن توقعات اتساع الركود وراء قرار "أوبك +" بخفض الإنتاج ولكن مدى الركود غير معلوم وهو موضع حسابات السوق خاصة بعد الرفع المتوالي لأسعار الفائدة الأمريكية لمكافحة التضخم، مؤكدا أن البيانات الصادرة أخيرا عن صندوق النقد الدولي تصف التباطؤ الحالي بأنه واسع النطاق وأكثر حدة مما كان متوقعا.
أما ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز فيرى، أن وتيرة نمو النفط الصخري في الولايات المتحدة وهو أحد المصادر القليلة للإمدادات الرئيسة الجديدة في العام الماضي ستتباطأ على الرغم من أسعار النفط المرتفعة التي تمثل نحو ضعف تكاليف التعادل للمنتجين المحليين.
وأوضح أن التقارير الدولية تشير إلى أنه إذا استمر هذا الاتجاه فسيحرم السوق العالمية من براميل إضافية للمساعدة في تعويض تخفيضات إنتاج "أوبك +" وتعطيل الإمدادات الروسية بسبب العقوبات الغربية المرتبطة بالحرب.
وتضيف جولميرا رازيفا كبير الباحثين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان أن تركيز المنتجين الأمريكيين على انضباط رأس المال وتعويض المساهمين وتعزيز المراكز المالية بدلا من زيادة الإنتاج عزز من مخاوف نقص المعروض النفطي، كما يتحدث المنتجون الأمريكيون أيضا عن ارتفاع التكاليف إضافة إلى محدودية اليد العاملة والمعدات باعتبارها بعض المشكلات التي أعاقت جهود منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج.
ولفتت إلى تغير استراتيجية كثير من شركات الطاقة العالمية خاصة أغلبية شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة التي عدلت عن التركيز على النمو والتوسع نحو مزيد من الإنتاج إلى رفع مستوى الكفاءة والانضباط الإنتاجي.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط في السوق الأوروبية لتعمق خسائرها لليوم الثاني على التوالي، مسجلة أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع، بفعل مخاوف الطلب العالمي، ولا سيما الطلب في الصين "ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم" في ظل تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وخفضت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" توقعات الطلب للشهر الخامس على التوالي، بسبب التحديات الاقتصادية المتزايدة في معظم أنحاء العالم، خاصة معدلات التضخم المرتفعة وأسعار الفائدة العالية.
وانخفض الخام الأمريكي بنسبة 1.4 في المائة إلى مستوى 84.07 دولار للبرميل الأدنى منذ 25 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، من مستوى الافتتاح عند 85.29 دولار، وسجل أعلى مستوى عند 85.80 دولار، وتراجع خام برنت بأكثر من 0.9 في المائة إلى مستوى 91.60 دولار الأدنى منذ 31 أكتوبر، من مستوى الافتتاح عند 92.47 دولار، وسجل أعلى مستوى عند 93.28 دولار.
وعند تسوية الأسعار الإثنين، فقد الخام الأمريكي نسبة 4.2 في المائة، وانخفض خام برنت بنسبة 3.5 في المائة، في أول خسارة في غضون الأيام الثلاثة الأخيرة، بفعل مخاوف الطلب الصيني.
وارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين بشكل أكبر أمس، بما في ذلك العاصمة بكين، إضافة إلى بيانات أظهرت تباطؤ نمو إنتاج المصانع في البلاد، تطورات صعدت المخاوف مرة أخرى حيال مستويات الطلب في أكبر مستورد للنفط في العالم.
وأشارت الحكومة الصينية مطلع الأسبوع الماضي إلى عدم تخفيف موقفها من سياسة صفر كوفيد، في وقت وصلت الإصابات فيه إلى أعلى مستوى في ستة أشهر، ما أدى إلى تراجع توقعات الطلب من أكبر مستورد للنفط في العالم.
وقالت مجموعة إي إن جي يمكننا أن نري مزيدا من الضغط الهبوطي على أسعار النفط، نتيجة خيبة الأمل بعد التأكيد على أن الصين ستلتزم بسياسة صفر كوفيد.
وخفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2022 للمرة الخامسة منذ أبريل الماضي، مستشهدة بتحديات اقتصادية متزايدة بما في ذلك ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 94.42 دولار للبرميل الإثنين مقابل 94.81 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق وإن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 97.29 دولار للبرميل.