هونج كونج وسنغافورة والسباق على عرش العملات المشفرة
دخلت هونج كونج في منافسة سعيا منها إلى أن تصبح عاصمة العملات المشفرة في آسيا، في وقت يحذر فيه مستثمرون وتنفيذيون من أن منافستها سنغافورة قد تفقدها أسبقيتها مع تحولها إلى تنظيمات أكثر تشديدا.
التحول المفاجئ في هونج كونج الأسبوعين الماضيين نحو قواعد واضحة للمستثمرين الأفراد لتداول الأصول الرقمية تبع أعواما من الغموض من جانب المنظمين. جعل ذلك بعض الشركات تعزف عن بناء حضور أكبر لها في المدينة والاستفادة من الطلب من بر الصين الرئيس، حيث تداول العملات المشفرة محظور.
"أعتقد أننا كنا ننتظر هذا النوع من التنظيم في هونج كونج، وهذا النوع من التطور الإيجابي منذ خمسة أعوام"، حسبما قال لينيكس لاي، مدير الأسواق المالية في أو كيه إكس، بورصة عملات مشفرة لديها مكاتب في هونج كونج وسنغافورة.
أضاف، "الوضع التنظيمي في هونج كونج مهم جدا على نطاق عالمي (...) يبحث المشاركون في القطاع عن رخصة مناسبة في كل مكان في العالم، لكن ما يريدونه حقا هو وضع تنظيمي في مركز مالي كبير".
ينعكس هذا التأخير على حجم سوق هونج كونج، مقارنة بمنافستها الكبيرة سنغافورة. بنحو 74 مليار دولار، تتخلف هونج كونج عن سنغافورة في قيمة أصول العملات المشفرة التي تلقتها منذ بداية العام حتى نهاية حزيران (يونيو)، بوصول إجمالي سنغافورة إلى ما يقارب 100 مليار دولار، وفقا لشركة تشايناليسيس الاستشارية.
بلغت المواجهة بين المركزين الماليين ذروتها الأسبوع ما قبل الماضي، عندما عقدا مؤتمرات متداخلة في التكنولوجيا المالية. في المؤتمرات، أعلن مسؤولو هونج كونج مشاورة عامة بشأن كيف يمكن للمستثمرين الأفراد الحصول على درجة ملائمة من الوصول إلى الأصول الرقمية تحت نظام ترخيص جديد. تقصر القواعد في الوقت الحالي تداول العملات المشفرة على المؤسسات الاستثمارية التي تبلغ محافظها الاستثمارية "ثمانية ملايين دولار هونج كونج" "مليون دولار أمريكي" على الأقل.
قال سام بانكمان فرايد، شريك مؤسس لبورصة إف تي إكس، "أعتقد أنه لا يزال باستطاعة هونج كونج استعادة مكانة مركز العملات المشفرة العالمي القيادي. لم يفت الأوان لذلك بعد". تركت "إف تي إكس" هونج كونج وانتقلت للباهاماس العام الماضي بسبب قيود المدينة الصارمة لكوفيد- 19 والوضوح التنظيمي الأكبر في البحر الكاريبي.
على النقيض، اقترحت السلطة النقدية في سنغافورة تشديد التنظيمات على المستثمرين الأفراد، بعد أعوام من محاولة جذب بعض الأسماء البارزة. كشفت "أزمة ائتمان العملات المشفرة" بداية هذا العام عن عدد من الشركات ذات الصلة بسنغافورة، مثل صندوق التحوط ثري أروز كابيتال.
قال رافي مينون، المدير العام للسلطة النقدية في سنغافورة، في خطاب في مهرجان سنغافورة للتكنولوجيا المالية، إن الدولة المدينة لم ترغب في أن تصبح مركزا للتداول والمضاربة في فئة الأصول. اقترح البنك المركزي حظر الاقتراض على المستثمرين الأفراد للاستثمار في العملات المشفرة ومطالبة بورصات العملات المشفرة بالتأكد من أن المشترين المحتملين يفهمون المخاطر.
دفعت المنهجيات المعاكسة البعض إلى تغيير خططهم بالفعل. "مع تصريحات السياسة الأخيرة، سنعطي الأولوية لخططنا التجارية في هونج كونج ونسرعها بدلا من سنغافورة. خططنا في السابق نقل مقراتنا إلى سنغافورة، لكن علقنا هذه الخطة الآن"، وفقا لأدريان وانج، الرئيس التنفيذي لميتالفا، شركة خدمة إدارة أصول العملات المشفرة.
يأتي تحول هونج كونج رغم الحظر المفروض على تداول العملات المشفرة في بر الصين الرئيس. قال زينون كابرون، رئيس شركة كابروناسيا لاستشارات التكنولوجيا المالية، "يبدو أن هونج كونج تضع نفسها باعتبارها سلطة قضائية منفتحة أكثر لتداول العملات المشفرة مقارنة بسنغافورة، الأمر الذي يعد مثيرا للاهتمام في سياق مدى صعوبة الإجراءات التي اتخذها البر الرئيس".
تسعى المدينة جاهدة إلى التأكيد من أن لديها نظاما تنظيميا منفصلا عن بر الصين الرئيس. قال كريستوفر هوي، أمين الخدمات المالية في هونج كونج، "العوامل الرئيسة التي يأتي بسببها المستثمرون العالميون أو الناس إلى هونج كونج هي الربط الدولي (...) إلى جانب الوصول إلى الصين".
تقول سنغافورة إنها لا تزال "تتبنى" العملات المشفرة لكنها تركز على الأسواق المؤسسية.
"نحن نتبنى بشكل كامل التكنولوجيا الأساسية لدفتر الأستاذ الموزع وإمكانية تحويلها للأسواق المالية"، كما قال لورانس وونج، نائب رئيس الوزراء في سنغافورة، بينما يفتتح المؤتمر.
قال محللون وتنفيذيون في القطاع إنه سيكون هناك وضوح أكبر عندما تنشر المدينتان النسخ النهائية من خططهما. "سيدخل نظام هونج كونج حيز التنفيذ في آذار (مارس)، وهناك متسع من الوقت لسنغافورة لتصدر تعليمات مشابهة في الربع الأول من العام المقبل"، كما قال فينس توركوت، مدير الأصول الرقمية في هونج كونج في شركة إيفينتوس.
لكن قد يكون غموض هونج كونج فيما يخص العملات المشفرة كلفها بالفعل باعتبارها المركز المفضل للشركات والتنفيذيين.
قال بروكس إنتويستل، نائب الرئيس الأول في شركة ريبل للعملات المشفرة، "لا أرى تصريح هونج كونج إلا أنه استيقاظ للمنطقة بأكملها على أن هذا حقيقي وسيبقى. لكن سنغافورة كانت مفتوحة في البضعة أعوام الماضية، وقامت بكل الخطوات الصحيحة لتبقى المقر الإقليمي أو العالمي المفضل لمنظمات التكنولوجيا المالية والعملات المشفرة على المدى الطويل".