بعد بدايات السوق الخاطئة .. قد تكون هذه البداية المنشودة

بعد بدايات السوق الخاطئة .. قد تكون هذه البداية المنشودة

ها نحن نعود مرة أخرى لنقاش اثنين من موضوعات السوق، التي استمرت في الظهور مرارا وتكرارا هذا العام: الانخراط الفوضوي في كارثة العملات المشفرة والبحث عن موقف أكثر تساهلا من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
كلاهما دراماتيكي بطريقته الخاصة، لكن الموضوع الأخير أكثر أهمية بكثير بالنسبة إلى صحة محافظ المستثمرين الأساسية.
إن الشماتة في قول "لقد أخبرتك أن هذا سيحصل" عندما تهوي العملات المشفرة دائما ما تخففها المعرفة القاتمة بأن بعض المستثمرين الهواة الساذجين يفقدون مدخرات حياتهم. لقد تراجعت بيتكوين، العملة الأكبر من بين البقية، نحو 18 في المائة على مدار الأسبوع الماضي.
لكن أي مشترين جدد جاءوا بعد انخفاضها 70 في المائة من تشرين الثاني (نوفمبر) إلى حزيران (يونيو) واحتفظوا بها بعد ذلك عند تقريبا 20 ألف دولار لكل شخص ربما عرفوا ما الذي ينخرطون به. إذا تشبثت بعد الانهيار، فمن المحتمل أنك كنت تعلم أنها مجازفة.
يتضرر المستثمرون الأفراد في الغالب من انخفاض قيمة العملات. في حين يتضرر المتخصصون من خلال استثماراتهم في الأسهم. لقد عانوا تصادما قاسيا مع الواقع الأسبوع الماضي، بعد أن عانت بورصة إف تي إكس، التي يملكها سام بانكمان فرايد – والتي يفترض أنها الأكثر موثوقية في هذه السوق الحرة– تدافعا كبيرا لسحب الأموال منها، كما يحدث عادة مع البنوك قبل طلب إشهار الإفلاس.
أولا، تبخرت الثقة برمز بورصة إف تي إكس الأصلي، إف تي تي – أمر شائع الحدوث إلى حد ما مع الرموز المميزة القائمة على الثقة والطموحات غير المنطقية بدلا من الأمور التقليدية الرتيبة مثل الإيرادات، والأرباح، ومدفوعات الفوائد، والمرونة المؤسسية.
كان هذا سيئا بما فيه الكفاية، لكن بورصة باينانس، منافسة "إف تي إكس"، دخلت الصورة وزادت الأمور سوءا. أولا عبر الإعلان علنا عن نية بيع حيازاتها من رموز "إف تي إكس" ثم عرض إنقاذ البورصة نفسها قبل الانسحاب من الصفقة، تاركة رئيسها التنفيذي، تشانج بينج تشاو، آخر من بقي من ملوك العملات المشفرة. سام بانكمان فرايد، كما هو معروف، أجبر على الاستقالة من منصب الرئيس التنفيذي.
هذا كله يعد دراما من الدرجة الأولى، وموقفا مذلا للداعمين الماليين لبورصة إف تي إكس. قالت شركة سيكويا لرأس المال المغامر، إحدى الداعمات، الأسبوع الماضي إنها ستخفض استثمارها البالغ 210 ملايين دولار في "إف تي إكس" إلى الصفر، مشيرة إلى أن "أزمة السيولة صنعت مخاطر على الملاءة المالية" للبورصة.
قارن ذلك بتقييم "سيكويا" الحماسي لآفاق "إف تي إكس" في بيان طويل جدا نشرته على الإنترنت قبل أقل من شهرين. في البيان المكون من 13800 كلمة الذي تم حذفه الآن "أي نحو 16 ضعف طول هذا العمود"، وصفت "سيكويا" المكانة الأسطورية التي يتمتع بها بنكمان فرايد. ترك شرحه لكيفية استخدام "إف تي إكس" يوما ما "لشراء موزة" "لا أمزح" فريق "سيكويا" في حالة من النشوة. قال أحدهم: "أحب هذا المؤسس". وفقا للبيان: "لقد كانت رؤية حول مستقبل الأموال بحد ذاتها". الآن، ستكافح لاسترداد أموالك من بورصة إف تي إكس، فما بالك باستخدامها لشراء فاكهة.
لن يتمكن أفضل كاتب سيناريو كوميدي أو درامي على هذا الكوكب أن يأتي بوصف أكثر سخافة للصناعة لطالما كانت سخيفة أصلا. ضع في خسبانك أن بانكمان فريد نفسه أخبر "فاينانشيال تايمز" العام الماضي أنه يرغب في شراء جولدمان ساكس. مع ذلك، لا تزال العملات تتشبث. حتى مع كل هذه الأحداث المؤسفة، يتم تداول بيتكوين عند نحو 16500 دولار. يعتقد مورجان ستانلي، بناء على الوقت الذي دخل فيه المستثمرون الأفراد وبناء على سيكولوجية التداول، أنه لن يبيع كثيرون حتى نهبط إلى عشرة آلاف دولار.
في الواقع، ارتفع سعر الرموز لفترة وجيزة من أدنى مستوياتها الأسبوع الماضي، بعد طول انتظار، بعد أن تفككت سحب التضخم أخيرا.
أظهرت بيانات صادرة الخميس الماضي أن معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة بلغ 7.7 في المائة في أكتوبر. بأي مقياس معقول، فإن هذا مرتفع للغاية وأعلى من الهدف بكثير. لكنها زيادة كانت الأصغر في 12 شهرا منذ يناير.
طوال العام، بحث المستثمرون بيأس عن إشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يبطئ على الأقل وتيرة رفع أسعار الفائدة، وقد حصلوا على إشارة أخيرا، في بيانات لا يمكن إنكارها.
كان رد فعل السوق قويا للغاية، وارتفع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 5.5 في المائة. باستبعاد المشاهد شديدة التقلب في ربيع 2020، ويعد هذا أكبر ارتفاع يومي منذ أكثر من عقد، وواحدا من أكبرها على الإطلاق. كما أغلق مؤشر ناسداك المركب الثقيل بأسهم التكنولوجيا على ارتفاع يبلغ 7.4 في المائة.
ارتفعت أسعار السندات الحكومية، ما أدى إلى تقويض العوائد. انخفض العائد على السندات لأجل عامين نحو 0.25 نقطة مئوية إلى 4.33 في المائة، أكبر انخفاض منذ أكتوبر 2008.
هذه طريقة السوق في قول: لقد أنجزت المهمة. انتهت الأزمة. هل يستبق المستثمرون الأحداث؟ نعم. هذه مجرد نقطة بيانات واحدة، وليس من المضمون أن تدفع نهاية رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. لكن هكذا تجري اللعبة. يحتفظ مديرو الصناديق بأموال أكثر من أي وقت مضى منذ 2001، وفقا لبيانات من بنك أوف أمريكا، ما يمنح قوة هائلة للانتعاش.
يقول إيمانويل كاو، استراتيجي في مصرف باركليز: "حصلت الأسواق أخيرا على ما تريده". كان رد الفعل "مبتهجا"، ويعزز الخوف من فقدان الفرصة، كما يقول.
حقيقة أن هذا يبدو أنه أعطى دفعة حتى لعملة بيتكوين، بعد أسبوع، حيث تم اكتشاف أن أسس السوق مبنية على قواعد هشة، تخبرك بأمرين: أولا، بعد بعض البدايات الخاطئة، قد تكون هذه هي البداية الكبيرة هذه المرة، بداية انتعاش حقيقي في السوق بعد فترة 12 شهرا مروعة. ثانيا، لا يمكنك شراء الموز من خلال بلوكتشين، وربما لن تتمكن من فعل ذلك إطلاقا.

الأكثر قراءة